أيام المؤسس  13

يُعد المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مؤسس الدولة وباني نهضتها الحقيقية، لما قام به من جهود كبيرة لسنوات طوال حتى يتحول الاتحاد من حلم إلى واقع، «صفحات رمضان» في هذا العام، وللسنة العاشرة على التوالي، تحاول أن تُلقي الضوء على علاقة الراحل العظيم بعالم الرياضة، ولعل الاهتمام الكبير للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، جاء بعد أن أدرك بفكره النافذ ورؤيته المستقبلية أهمية دور الشباب في عالم الرياضة، وتلك العلاقة المتينة، وذلك من أجل تنمية الإنسان وقدرته على الاستمرار والنجاح والنهوض والتطور من أجل بلاده، واليوم ونحن في «عام زايد» تلك المبادرة التي أطلقتها القيادة الحكيمة تقديراً لشخصية قلما يجود الزمان بمثلها، نستعرض التاريخ والهوية الحقيقية من خلال الرياضات، تلك الهوية الخاصة بنا والمختلفة عن الأمم والشعوب، والتي نفتخر بها دوماً بين الجميع.

في 13 يونيو 1994، استقبل القائد المؤسس المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بديوان الرئاسة، الحكم المونديالي الإماراتي علي بوجسيم الذي تم اختياره من دولة الإمارات للمرة لأولى ضمن حكام مباريات نهائيات مونديال أميركا 94. وتمنى حكيم العرب، للحكم الدولي التوفيق والنجاح في أداء مهمته على الوجه الذي يشرف الدولة بما يتوافق مع سمعتها الرائعة في العالم أجمع.

ومن النماذج التي تركت بصمة في رياضتنا الإماراتية، ونجحت في تحقيق إنجازات عالمية، الحكم المونديالي علي بوجسيم أول حكم إماراتي دولي، صاحب القصة الشهيرة مع القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان - طيب الله ثراه-، قبل سفره للمشاركة في إدارة نهائيات كأس العالم 1994 في الولايات المتحدة الأميركية، حيث تواجدت الصافرة الإماراتية بقوة، في أول مهمة لحكمنا الدولي في مسابقة كأس العالم، لينطلق بعدها محكماً دولياً في مونديال كأس العالم بفرنسا 1998، وكأس العالم في كوريا واليابان 2002.

واعتبر الحكم الدولي الإماراتي علي بوجسيم أن النجاح الذي تحقق على يديه ببلوغه العالمية إنما يعود الفضل فيه للرؤية الثاقبة للوالد المؤسس، التي كانت تحث أفراد المجتمع على التفوق والعمل بإخلاص من أجل تحقيق النجاح، وأن يكون المواطن الإماراتي مثالاً ونموذجاً يحتذى به في المحافل الدولية.

الدرس الكبير

وعن لقائه بحكيم العرب يقول علي بوجسيم: «لا زلت أتذكر تفاصيل ذلك الدرس الكبير والمميز الذي حرص الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه» على إعطائي إياه، قبل سفري إلى الولايات المتحدة الأميركية، لخوض مهمة التحكيم في كأس العالم 1994، حيث تلقيت اتصالاً من سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، يبلغني فيه أن - المغفور له بإذن الله تعالى- الشيخ زايد سيلتقي بي، وعندها شعرت بفرحة غامرة لا يمكن وصفها، فكم هي السعادة التي تغمرك وأنت تحظى بلقاء شخصية بتلك المكانة.

ويكمل بوجسيم قائلاً: تم تحديد مكان اللقاء في الديوان، وحددوا زمن المقابلة بعشر دقائق، نظراً لالتزامات حكيم العرب، ويومها قال لي: «أتمنى لك التوفيق والنجاح، وأعلم أنك في مهمة وطنية عظيمة أولاً ورياضية ثانياً، وعليك أن تتذكر مآثر الذين سبقوك وكان لهم شرف تمثيل الوطن في المحافل الدولية»، وامتد لقائي بسموه لساعة وعشر دقائق، وطوال هذا الوقت والمغفور له بإذن الله يشجعني على أن أكون على قدر المسؤولية بتوجيه العديد من النصائح والتوجيهات السديدة التي أصبحت بمثابة نبراساً أضاء حياتي بشكل كامل.

ويكمل حكمنا المونديالي علي بوجسيم حديثه، قائلاً: لا زلت أذكر تلك العبارة التي أصبحت تتردد في ذهني والتي تحث كل إماراتي على بذل الجهد والعرق والتفاني من أجل رفع اسم دولة الإمارات عالياً خفاقاً (هذا بلد تعب فيه أهاليكم وآباؤكم حتى تكونوا في الصدارة، لذلك أطلب منكم أن تقوموا بتنمية قدراتكم وتربيتكم لأبنائكم، واليوم أتى وقتكم، لكي تأخذوا دوركم، وننتظر منكم التشريف المطلوب).

رعاية واهتمام

واسترسل حكمنا الدولي، قائلاً: الكل كان يغبطني بعد أن نلت شرف مقابلة المغفور له الشيخ زايد - طيب الله ثراه - ورأيت ذلك أثناء تحكيمي لنهائيات كأس العالم 1994، حيث شعرت بذلك من الأسرة الرياضية التي لمست رعاية واهتمام رئيس الدولة بأبنائه ممن يمثلون الدولة خارجياً، وساهم ذلك اللقاء التاريخي وتلك النصائح الذهبية في أن أقدم أفضل أداء تحكيمي، وحققت على إثره إنجازاً تحكيمياً لم يسبقني إليه حكم إماراتي أو عربي أو حتى آسيوي، حيث أسندت لي مهمة تحكيم مباراة تحديد المركزين الثالث والرابع لي في كأس العالم.

واختتم حكمنا المونديالي علي بوجسيم حديثه بالقول: لقد كان المغفور له بإذن الله الشيخ زايد، يدرك ويعلم أن كرة القدم يتابعها الشباب والكبار، والرجال والنساء، والفقراء والأغنياء، والبعيد والقريب، وكل أفراد المجتمع وأنها إحدى الوسائل المميزة لتعريف العالم بدولة الإمارات العربية المتحدة، مشيراً إلى أن اللقاءات مع الأب القائد الشيخ زايد تواصلت بعدها في الكثير من المناسبات الوطنية، وفي كل مرة كانت هناك دروس وعبر مثلت نوراً ونبراساً جديداً لي ولأبناء الإمارات كافة.