أيام المؤسس 15

يُعد المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مؤسس الدولة وباني نهضتها الحقيقية، لما قام به من جهود كبيرة لسنوات طوال حتى يتحول الاتحاد من حلم إلى واقع، «صفحات رمضان» في هذا العام، وللسنة العاشرة على التوالي، تحاول أن تُلقي الضوء على علاقة الراحل العظيم بعالم الرياضة، ولعل الاهتمام الكبير للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، جاء بعد أن أدرك بفكره النافذ ورؤيته المستقبلية أهمية دور الشباب في عالم الرياضة، وتلك العلاقة المتينة، وذلك من أجل تنمية الإنسان وقدرته على الاستمرار والنجاح والنهوض والتطور من أجل بلاده، واليوم ونحن في «عام زايد» تلك المبادرة التي أطلقتها القيادة الحكيمة تقديراً لشخصية قلما يجود الزمان بمثلها، نستعرض التاريخ والهوية الحقيقية من خلال الرياضات، تلك الهوية الخاصة بنا والمختلفة عن الأمم والشعوب، والتي نفتخر بها دوماً بين الجميع.

لا يمكن استحضار ذكريات النسخة الثانية التاريخية من بطولة كأس صاحب السمو رئيس الدولة، التي أقيمت عام 1976، وحرص على حضورها المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيّب الله ثراه»، والتي جمعت بين فريقي الأهلي والشباب وفاز بلقبها الأهلي للعام الثاني على التوالي، لتكون أول مناسبة كروية رسمية يحضرها رئيس الدولة وقتها.

واحتضن هذه المباراة التاريخية استاد دبي الكبير، وهو ملعب رملي كان يطلق عليه هذا الاسم ومكانه مازال قائماً إلى يومنا هذا بنادي النصر في مواجهة مستشفى راشد.

أتذكر هذه المباراة جيداً، فقد سبقت بداية مشواري الصحافي كمراسل بثلاث سنوات، وكانت ملامح العمل الصحافي والملاحظات الميدانية تتشكّل في وجداني المهني، ومن بين ما لاحظته وقتها وظل محفوراً في ذهني أن رئيس الدولة ظل جالساً مع الجماهير ينتظر نهاية الموقعة الكروية التي شهدت للمرة الأولى الاحتكام إلى ركلات الترجيح بعدما سيطر التعادل على نتيجة وقتها الأصلي، حيث ظل رئيس الدولة متواجداً لمدة نحو 3 ساعات حريصاً على الانتظار للنهاية رغم حجم مسؤولياته.

حقاً إنها لحظات لا تنسى وأنت ترى بين الحضور زايد المعلّم والأب والإنسان وكل ما تحمله الكلمة من معنى، فهذا الموقف من الصعب أن أنساه لأنه كان عبارة عن يوم عرس رياضي كبير، شاهدت وأنا جالس على مدرج عبارة عن كثبان رملية، معلّمنا ووالدنا «رحمه الله» يتابع المباراة باهتمام، ولم يتوقع أحد أن تستمر إلى وقت إضافي، ذلك لأن الضوء في الملعب بدأ يخفت ويظلم رويداً رويداً؛ لأن الإضاءة فيه لم تكن كافية وقتها.

زايد الخير

ولأنه «زايد الخير» فقد ظل يتابع بشغف ركلات الترجيح لاعباً لاعباً، حيث سجّل في البداية غانم المري، لاعب الشباب، أول ركلة، ثم عادل للأهلي عبدالكريم خماس، ثم سجّل المرحوم أحمد المري للشباب، وبعدها أضاع المصري مشير عثمان عندما سدّد في القائم، وهو بالمناسبة أول مصري تم تسجيله رسمياً كلاعب محترف في الدوري الإماراتي، ونجح الحارس إبراهيم رضا من صدّ ركلة سعيد علي، بعدها جاء الدور على أحمد عيسى فسجّل الهدف الثالث، ثم أخفق أيضاً اللاعب المصري شيرين أبوالنور في تسديد الركلة لمصلحة الشباب، وهي الركلة التي تسببت في فوز الأهلي، حيث نجح بعدها عبدالله حسن، اللاعب البديل، في إحراز الهدف الرابع لفريقه ليحصل الأهلي على الكأس للمرة الثانية، وتخرج جماهيره فرحة بانتصاره الغالي بركلات الترجيح بعد التعادل في الوقت الأصلي والإضافي، وفي هذه المباراة تألق سالم خلفان مهاجم الأهلي.

وعقب نهاية المباراة سلّم المغفور له الشيخ زايد كأس البطولة، وسط فرحة وتصفيق الحاضرين للاعبي الأهلي، وقبلها كان قد قلّد لاعبي الفريقين الميدالية الذهبية للأهلي والفضية للشباب، وصافح جميع اللاعبين، بعدها طاف جمهور الأهلي شوارع دبي حاملين الكأس الغالية معبرين عن فرحتهم البالغة بالنصر الكبير.

نجوم

ونظراً لأهمية الحدث تم التوثيق، ولا يمكن أن نغفل نجوم الفريق الفائز في هذا اللقاء التاريخي، حيث مثل الأهلي: إبراهيم رضا، وحمزة عباس، ‏وإسماعيل نصيب، وعنتر مرزوق، وعبدالكريم خماس، وعتيق جمعة، وأحمد عيسى، ومشير عثمان، وإسماعيل أحمد، وسهيل سالم، وعلي حسن، وحمدون، وحسن إبراهيم، وسالم خلفان، في حين خاض الشباب المباراة بفريق مكوّن من: سعيد صلبوخ، ومطر خليفة، والمرحوم أحمد المري، واللواء محمد المري، وياقوت جمعة، وحسن علي، والمرحوم ضاحي سالمين، وأحمد الفردان، وخلفان عبيد، وعبدالله صقر، وغانم أحمد، وشيرين أبوالنور، وسعيد علي.

وضم طاقم التحكيم الذي أدار المباراة كلاً من: الكويتي عبدالسلام ياقوت الحكم الدولي المعروف وقتها، ومعه عبدالهادي يعقوب، وحسن الكرم، ونجح هذا الطاقم التحكيمي في إدارة المباراة بدرجة عالية من النجاح كما وصفتها مجلة «أخبار دبي» التي كانت تصدرها بلدية دبي كأول دورية عرفتها الدولة صدرت عام 1965.

ومنذ تلك النسخة وما صاحبها من اهتمام كبير وصل مداه إلى حرص رئيس الدولة على الحضور، أصبحت البطولة بمثابة عيد كروي من نوع خاص نحتفل بهذه المناسبة العزيزة علينا جميعاً كل عام لما تحمله من مكانة خاصة في قلوبنا لأنها تقام باسم الرئيس والقائد ويتحول النهائي إلى عرس ومناسبة وطنية نحتفل بها سنوياً، كما تسعى الأندية جاهدة للمشاركة والمنافسة على اللقب الغالي أملاً في الوصول إلى المباراة النهائية والفوز بأغلى البطولات.