يبدون مضحكين أولئك الأشخاص، الذين يستأجرون من يكتب لهم! لا تظنوا أنهم ساذجون أو جهلة أو أصحاب شهادات دراسية متدنية، أو أنهم فقراء مثلاً، كثير من هؤلاء الذين يشكلون ظلاً زائفاً للكتاب الحقيقيين ينتمون لطائفة حملة الشهادات العليا، وأصحاب المراكز الوظيفية المرموقة..
كما أن معظمهم من أصحاب الثروات، حتى وإن كانت صغيرة، لكنهم حتماً ليسوا من المحتاجين للمال، السؤال الذي يبحث له العديد من المهتمين عن إجابة هو: لماذا يلجأ شخص ما إلى شراء الكتابة؟ أو تقديم نفسه للمجتمع باعتباره كاتب مقالات لم يكتب منها أو فيها كلمة؟
قبل الإجابة عن السؤال، علينا أن نعترف بأن هذه الظاهرة موجودة في كل مكان، وهي ليست وليدة اليوم، ففي مختلف وجوه الإبداع (والكتابة تحديداً) وجد على الدوام من يكتب للحاجة ومن يبيع كتجارة، ومن يشتري، ويضع توقيعه في النهاية، ليبدو أنه الكاتب الفعلي مقابل القليل من المال.
في الروايات مثلاً هناك أشخاص غير الكاتب يعيدون كتابة الرواية بأسلوب أجمل، وهناك من يضع لها حوارات أو نهاية، دون أن يظهروا في الصورة، هذه الحالة يشرعنها بعض الكتاب، وبعض الناشرين باعتبارها ضرورة.
انعدام الموهبة الابداعية سبب لتفشي هذه الظاهرة، لكنه ليس الدافع لها، فما يدفع لظاهرة الكاتب المزيف هو البحث عن الوجاهة بالانتساب لفئة المثقفين، والإفادة مما تضفيه صفة الكاتب على صاحبها من احترام وحظوة، وما يرافقها من تواجد في المنتديات والملتقيات مع أهل الشهرة وأصحاب القرار و.... إلخ، وفي المقابل يوجد هناك من يعرض خدماته، ليكتب مقابل المال والوظيفة، دون أن يشكل الظهور والشهرة وأخلاقيات المهنة أي أهمية له، المهم أن يقبض وينتهي دوره عند هذه النقطة!
التقيت يوماً أحد هؤلاء، وكان مكلفاً بإدارة حوار ثقافي، نظراً لما يظهره من ثقافة عالية في المقالات التي ينشرها، لقد بدا مهزوزا، وشديد التوتر، وضائعاً بين الأوراق، التي كان يقلبها بين يديه، ذلك أن الكاتب الذي يُكتب له كالعملة المزيفة يمكن كشفها بوسائل الفحص المعروفة! ذات يوم كشفت كاتباً يكتب في جريدة ثلاثة مقالات بأسماء مختلفة له، من أجل المال ولاثنين آخرين من أجل الوجاهة!