القرآن الكريم حافل بالعديد من القصص المرتبطة بالأمم السابقة والقرى التي طغت وظلمت وابتعدت عن هدى الله عز وجل، وكفرت بنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع أو الخوف أو التدمير.

ومن هذه الأمم قوم عاد وثمود وفرعون، فيقول الله سبحانه وتعالى في سورة الفجر: «أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ، إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ، الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ، وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ، وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ».

الدكتور منصور العبادي من جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية يشير من خلال القرآن الكريم إلى أبرز أثر من آثار ثلاث أمم بائدة، وهي عاد وثمود والفراعنة، وبين مدى دقة الوصف القرآني لموقع مدينتهم وآثارهم بالاستعانة بصور «غوغل إيرث»، فلقد بينت هذه الصور بما لا يدع مجالا للشك وجود مدائن صالح في واد متسع وأن هذا الوادي يحتوي على كتل صخرية قام القوم بقطع ونحت هذه القطع الصخرية.

وقام الدكتور العبادي بشرح وصف القرآن الكريم لآثار ثمود، وهم قوم سيدنا صالح عليه السلام حيث بينت الصور كذلك مصدر الماء الذي حول هذا الوادي إلى واد خصب ينبت شتى أنواع المزروعات، وذلك من خلال أودية عجيبة الأشكال تجلب الماء من الجبال المحيطة وتغذي بها رمال هذا الوادي دون أن تشكل منه سيولا تذهب إلى البحر هدرا، بل تظهر كعيون ماء في مختلف أرجاء الوادي.

وقد جاء ذكر ثمود في سور كثيرة من القرآن الكريم تبين آياتها جوانب كثيرة من قصة هؤلاء القوم مع الرسول الذي أرسل إليهم، وهو سيدنا صالح عليه السلام، كالمواعظ التي كان يعظهم بها والمعجزة التي أظهرها لهم ونوع العذاب الذي حل بهم.

ومدائن صالح كما وصفها القرآن الكريم تقع في واد واسع يمتد من الشمال إلى الجنوب، ويبلغ أقصى عرض له ما يقرب من خمسة عشر كيلومترا، ثم يضيق وهو يتجه إلى الجنوب إلى أن يصل إلى أقل من كيلومتر عن مدينة العلا التي تقع إلى الجنوب من المدائن على بعد عشرين كيلومترا. وتحيط بهذا الوادي سلاسل جبلية شاهقة، فالسلسلة الغربية الشمالية من الوادي يصل ارتفاعها إلى ألف وخمسمئة متر عن سطح البحر، بينما يصل ارتفاع السلسلة الجنوبية الشرقية إلى ألف متر، أما ارتفاع أرض الوادي المنبسطة فيبلغ ثمانمئة متر عن سطح البحر.

ولا زال هذا الوادي واديا خصبا وفير المياه يستخدمه أهالي تلك المنطقة لإنتاج مختلف أصناف الثمار، فقال عز من قائل، واصفا ذلك الوادي في كتابه الكريم «كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ، إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ، إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ، وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، أَتُتْرَكُونَ فِيمَا هَا هُنَا آمِنِينَ، فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ، وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ، وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ، وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ، الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ» الشعراء.