يناقش الباحث د. علي حسن موسى في كتابه «النجوم والأنواء في التراث العربي»، العلاقة بين علم الفلك والظواهر الجوية، وأهميتها الكبرى في حياة العرب في الجاهلية والإسلام، وما كان لهم من شأن في معرفة النجوم ودلالاتها في أحوال الجو وتقلباته.
ويوضح كيف دَفَعَتْ حركاتُ النجومِ والقمر والشمسِ، وما يتبعها من تغير في فصول السنة وما يرتبط فيها من حرٍّ الأيام وبردها، ومطرها وريحها، العرب الأقدمين إلى مراقبة هذه الحركات ومواقع وأوقات طلوعها وغروبها، ومدى ارتباط ذلك بأحداث طبيعية، وبخاصة الأحوال الجوية التي عرفت بالأنواء.
ويشير موسى إلى أن الأقدمين كانوا يعتقدون بفكرة مركزية الأرض، وأن الشمس والكواكب الأخرى تدور حولها. ويقول: «على الرغم من انتفاء هذه الفكرة منذ القرن السادس عشر الميلادي، ما زلنا نتعامل مع فكرة الحركة الظاهرية للشمس الدورانية (الحركة اليومية) والمدارية (الحركة السنوية) حول الأرض، وهي حركة افتراضية، لأن الحركة الفعلية هي للأرض، وما ذلك الافتراض إلا للتسهيل وسهولة الفهم، لأن الحالتين تؤديان إلى النتيجة نفسها».
ويتناول الباحث الدلالات الجوية (الحرارة والرطوبة) للبروج الشمسية، ويشير إلى أنه وإن كان الربط ما بين دخول الشمس برجاً من البروج والتغيرات في الأحوال الجوية حقيقة ظاهرة دالة على حدوث تلك التغيرات، إلا أنه «لا علاقة للبروج بما يحدث من تغيرات في الأحوال الجوية، وإنما العلاقة لموقع الشمس من دائرة البروج في حركتها الظاهرية بالنسبة للأرض».
كما يستعرض الكتاب مفهوم المنازل القمرية، وهي بمثابة نجوم يبدو القمر في مساره حول الأرض وكأنه ينزل بها مدة من الزمن، وعددها 28 منزلاً. ويشير إلى علاقة منازل القمر ببروج الشمس الاثني عشر. وإلى الدلالات النوئية لهذه المنازل.
ويعرض أيضاً للدلالات الحرارية لها، مورداً أمثلة مما قالته العرب في دلالات هذه المنازل في الحرّ والبرد، كما يورد أسماء النجوم الدالة على الأنواء كالثريا والشعرى اليمانية، وسهيل، والعيوق، والقلائص، ونجوم الوغرات إلى جانب أسماء النجوم الدالة على الجهات في النهار والليل، والأيام ذات الدلالات النوئية والحرارية.
ويستعرض موسى أيضاً التقسيمات التراثية الشعبية لفصول السنة، التي كانت تدل على صفات مناخية مباشرة، أو غير مباشرة، استمدها العرب مما كان يوافقها من تسميات لأحوال مناخية سائدة؛ كالصيف الذي هو فصل القيظ، والخريف فصل الوسمي، وغيرها.