يسعى د. نايف الياسين في كتابه «الأزرق اللازوردي.. مختارات من القصص الإنجليزية الحديثة»، إلى التعريف بنماذج من القصة الإنجليزية، وتنوعها واتجاهاتها الرئيسة منذ منتصف القرن الماضي، عبر مجموعة من أعمال أفضل كتاب هذا النوع من الأدب في بريطانيا.

ويشير إلى أن القصة القصيرة الحديثة تميزت بابتعادها عن التمحور حول الحادثة الواحدة، وقص الحكاية، والسرد البسيط، ولجأت بدلاً من ذلك إلى التركيز اللغوي والأسلوبي، واستكشاف الصور والرموز لإظهار أقصى طاقاتها التعبيرية الكامنة؛ فاقتربت بذلك بالنسبة للعديد من الكتاب من تمثيل الوجه الأكثر شاعرية لكتابة النثر.

جَدَل

ويعرض الياسين للجدل الذي أثاره بعض النقاد لجهة «أن الكتاب البريطانيين لم يحققوا نجاحاً كبيراً في القصة القصيرة»؛ نتيجة مقاومتهم لتلك القوانين أو التقاليد المرتبطة بها، كالتزامها الحدث الواحد أو الصورة المركَّزة الواحدة، وأن ذلك قد يكون السبب في تبنّي عدد محدود جداً منهم للقصة القصيرة كشكل أدبي رئيس ووحيد، وفي أن العديد من أفضل كتاب القصة القصيرة في بريطانيا، هم أيضاً أفضل الروائيّين فيها.

اتجاهات

ويبين في هذا السياق، أن الاتجاهات الرئيسة في هذه المجموعة المختارة من القصص، تعكس العديد من النزعات التي تميز الرواية الإنجليزية بعد الحرب العالمية الثانية، معتبراً أن الصلة الرئيسة بين الرواية والقصة القصيرة، ربما تكون، هي التي جعلت تطوّر الأخيرة قريباً من الروح نفسها التي غذت الرواية. ويتبدى هذا في التواتر الحاصل بين الفكرة التقليدية للرواية كسرد واقعي أو تقريري، وفكرة كونها فناً لغوياً وشكلاً تجريبياً ورمزياً.

سُخرية وفانتازيا

يضم الكتاب ترجمة لتسع من القصص، تعكس السخرية، كما في «الرجال اليابانيون الحقيقيون» لغراهام غرين، ومنها أخذ المترجم عنوان كتابه «الأزرق اللازوردي»، والكوميديا في «أشياء مثيرة للاهتمام» لكينغسلي إيمس، والفانتازيا في «موت دانتون» لمارتن إيميس، إلى جانب «لوحة قارب الصيد» لآلان سيليتو، و«الجسد والمرآة» لأنجيلا كارتر، و«واحد من كل نوع» لجوليان بارنز، وسايكوبوليس لإيان ماك إيوان، و«الحريم» لغراهام سويفت، و«عشاء عائلي» للإنجليزي من أصل ياباني كازو إيشيغورو. إضافة إلى تعريف بسيرة كل منهم وأعماله في القصة القصيرة والرواية.

ويخلص د.الياسين إلى أنه وكما في الرواية، فإن هذه المجموعة من القصص تبيّن أنه من الصعب افتراض وجود تقليد راسخ واحد وواضح للقصة القصيرة الإنجليزية، فلم تخرج من عباءة الرواية؛ إذ تظهر كل من هذه القصص، أن كاتبها لا يكتفي بمعالجة موضوع معين، أو تكثيف تجربة ما، بل يقول شيئاً بالغ الأهمية حول الصياغة الشكلية التي تُسْتَعملُ في تقديم هذا الموضوع أو التعبير عن تلك التجربة.