عبر بوح وجداني دافئ، تذكر عدد من كتاب الرواية الشباب في الإمارات بدايات التجربة، وعبر ثلاثة أيام توافد عدد منهم إلى مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية لحضور فعاليات (ملتقى رواية الشباب في الإمارات)، التي انتظمت خلال الفترة من (26 ـ 28 سبتمبر الماضي)، حيث أوراق نقدية وشهادات ذاتية صبت في خانة نجاح التظاهرة الثقافية الجميلة في دبي.
تجول كل من الروائيين عبد الله النعيمي وفتحية النمر وريم الكمالي ومريم الغفلي وإيمان اليوسف وبدرية الشامسي في عوالم الأمس، وبكلمات مستلة من دفتر الحنين مالت كفة العواطف إلى الحياة الاجتماعية والمهنية، وتحول الإصغاء من مجرد التقاط لفكرة إلى متابعة مشوقة لتفاصيل المكان والعلاقة بالأم والمحيط الاجتماعي وصولاً إلى الدراسة والعمل ومن ثم كتابة رواية.
ربما تجارب كهذه لن تكون بغنى تجارب أكبر وأوسع في مكانها الجغرافي، لكنها كانت كلمات نابعة من مشاعر صادقة لا تلوين فيها ولا تجميل لمشهدها الدرامي، فقط بوح يشبه الاعتراف دفع متابعي الملتقى للتعاطف مع المؤلف وليس مع أبطال قصته، المؤلف شخصية واقعية دون رتوش، أما بطل الحكاية مخلوق مصنوع من أخيلة وتصورات يمكن إضافة خصلة إلى خصاله أو التخلص من أحد أطرافه، حسب ما تذهب إليه الحكاية.
في كتابه (عيد متنقل) قدم أرنست همنجواي وجهاً طبيعياً في باريس الأربعينيات، حيث عاش لفترة يلاكم عزرا باوند ويتسكع على مقاهي الرصيف، وهو حال الفنان المصري الراحل حسن سليمان في كتابه (حرية الفنان) الذي رسم فيه ملامح قاهرة الخمسينيات والستينيات، ومن خلال المدينة كان يرسم صورته، وكذلك فعل نزار في كتابه (قصتي مع الشعر) حيث أراد أن يرسم صورته بنفسه حتى لا يشوه وجهه أحد.
ندرك فروقات التجارب والخبرة بين الأجيال لكن الكتابة الصادقة تتخطى الزمن وتصل إلى القلب ملامسة أبعد نقاط التأثير في الروح، وهذا يحسب لصالح هذا الملتقى الذي قدم لنا أسماء شابه بملامح حقيقية تجردت من مساحيق السرد لتصبح أقرب إلى القارئ ولتفوز بمؤازرته.. وقد كان لها ذلك.