عبر أزقة ضيقة في حي «ايتشاري شهر» بالعاصمة الأذربيجانية باكو، والتي تعود في أسلوب بنائها إلى عدة قرون تقودك الطريق صاعدة نحو مبنى صغير بحجمه كبير بقيمته، إنه متحف باكو للكتب المصغرة، والذي بدأ نشاطه في أبريل من العام 2002 .
حيث تم جمع المعروضات عن طريق الفنانة (ظريفة صالاحوفا) بهدف تعزيز وتشجيع القراءة، فكانت البداية من 65 كتاباً مصغراً وخلال ثلاثين عاماً ارتفع العدد إلى أكثر من خمسة آلاف كتاب من 64 دولة وبعشرات اللغات تتقدمها اللغة الروسية، وهو أمر معروف حيث أمضى الرفاق السوفييت أكثر من سبعين سنة في أذربيجان الدولة الصغيرة المطلة على بحر قزوين.
يعرض المتحف أكثر من 5600 كتاب مصغر على 38 رفاً زجاجياً ومن بينها أندر أربعة كتب مصغرة أحدها في حجم 0،75 مم × 0،75 مم لدار النشر اليابانية «توبان برينتنغ»، ويكاد لا يُرى لصغر حجمه يجاور آلافاً أخرى من كتب تدل على لغاتها أعلام بلدانها، وسيشعر الزائر خلال جولته في المتحف بالفخر وهو يشاهد عظمة الفكر الإنساني مع عمالقة كبار تركوا بصماتهم على حياة البشر، هنا بوشكين وهناك غوغول ودوستويفسكي، وغيرهم من الكبار الذين قرأنا لهم ذات يوم، ننظر إلى كتبهم بكثير من الحنين وكأننا ننظر إلى صور أصدقاء الطفولة.
تُرى ما قيمة المتاحف في زمن تكنولوجيا لمس الأصابع، لطالما كانت هذه الأسئلة موضع جدل: لماذا هذه المساحات الكبيرة ولماذا هذا العدد الكبير من الموظفين؟ وغيرها من الأسئلة دون الانتباه إلى أن المكان الافتراضي ليس بقيمة المكان الواقعي، حيث معروضات المتحف.. أي متحف هي جزء مكمل للمكان، ولو وقرت هذه الفكرة في وجدان الناس لاكتفوا بمشاهدة صور الأهرامات أو برج إيفيل أو سور الصين وتوقفوا عن السفر.
متحف الكتب المصغرة في باكو يضيف إلى الثقافة البشرية لمسة فنية يعرفها من يتجول في العالم سائحاً ثقافياً، فهو علاوة على قيمة المحتويات يعطي الزائر قيمة تقديرية اعترافاً وامتناناً لمن قدموا لنا عصارة أفكارهم، لنخلدهم بلوحة أو تمثال أو بكتاب متناهي الصغر مليء بالحكايات والعِبر.