شيع سوريون أمس، الفنان السوري صباح فخري، الذي توفي الثلاثاء في دمشق، بعد مسيرة فنية غنية، تميزت بالموشحات الأندلسية، والقدود الحلبية، وأطرب خلالها أجيالاً متعاقبة، في بلاده والعالم العربي. 

وانطلق التشييع عند حوالي الساعة العاشرة صباحاً (الثامنة بتوقيت غرينتش)، من مستشفى الشامي، الذي توفي فيه فخري في دمشق، ولف النعش بالعلم السوري، وسار خلفه حشد من المشيعين، بينهم فنانون ومسؤولون. وبعد دمشق، سيوارى فخري الثرى في مدينته حلب في شمالي البلاد.

وقال الفنان دريد لحام: «قد يكون رحل، لكنه لن يغيب، بل سيبقى حاضراً في الوجدان والذاكرة، لأن عظمته وعظمة صوته، في أنه عرفنا على تراثنا الذي كنا نجهله، ولولا صباح فخري، لما تعرفنا إليه».

وترك فخري، المولود عام 1933 في مدينة حلب، وراءه عشرات المقطوعات الموسيقية والأغاني التي حفظتها الألسنة على مدار عقود، مثل أغاني «يا طيرة طيري يا حمامة»، و«يا مال الشام»، و«قدّك المياس»، و«قل للمليحة»، وغيرها من الموشحات.

خسارة كبيرة

وقالت الممثلة السورية منى واصف للصحافيين، على هامش مشاركتها في التشييع «إنها خسارة كبيرة، وليست عادية، صباح فخري لا يتجدد، ولن يأتي من بعده، فالعمالقة لا يأتي أحد من بعدهم».

وأضافت «صباح فخري هو صاحب القدود الحلبية، وأحد رموز قلعة حلب. يقولون قلعة حلب، إنها صباح فخري».

وفي حفلاته التي جال فيها عواصم ومدن العالم، امتلك فخري أسلوباً خاصاً في إشعال تفاعل الجمهور الحاضر، من خلال رقصته الخاصة على المسرح، حيث تميّز بحركة يديه ودورانه حول نفسه، فيما يُعرف برقصة «السنبلة»، في محاكاة لرقصة الدراويش.

لم يكن صباح الدين أبو قوس، وهو الاسم الأصلي للفنان، يهدأ طوال ساعات من الغناء، ولا كان يتعب من الانتقال بخطى متسارعة على أطراف المسرح، من جهة إلى أخرى، على وقع تصفيق الجمهور، وتمايل الحاضرين طرباً.

رقم قياسي

وحقق فخري الرقم القياسي في الغناء، عندما غنى في العاصمة الفنزويلية مدة عشر ساعات من دون انقطاع، عام 1968، على ما أوردت وكالة الأنباء السورية (سانا). وشكّل «ملك القدود الحلبية»، حالة طرب دائمة للسوريين، وصوتاً لا يُفارق سهرات أُنسهم وجمعاتهم الليلية.

ويكاد لا يخلو منزل سوري عموماً، وحلبي على وجه الخصوص، من أشرطة التسجيل القديمة، التي كانت تجمع أغانيه وموشّحاته.

وفور إعلان خبر وفاة فخري، شارك فنانون ومطربون وروّاد مواقع التواصل الاجتماعي في سوريا، عبارات نعيه، وتغنّى البعض بكلمات من أغانيه، مُطلقين عليه لقب «قلعة الطرب الأصيل».

وقال الموظف المتقاعد عبد الفتاح حنانا (74 عاماً)، خلال مشاركته في التشييع «أغانيه جزء من تراثنا، صباح فخري وجد تراثنا وقدمه للناس، لديه فضل علينا، بأنه تبنى التراث الغنائي وقدمه لنا».

وكانت وزارة الإعلام ونقابة الفنانين السورية، قد نعت أول من أمس، الفنان الكبير. وقال نجله أنس فخري: «لقد توفي والدي في دمشق وفاة طبيعية، توقف قلبه عن النبض وغادرنا».

وأضاف «في قلوبنا حزن كبير. لا أعرف ماذا أقول، إنها خسارة كبيرة للفن السوري». وشدد على أن الراحل «عاش كأسطورة حية، والأسطورة لا تموت، وسيبقى أسطورة حلب وسوريا».