في "مشوار" محمد رمضان والى جانب دينا الشربيني، يبرز وجه ثالث، بات له موعد مع الجمهور لا يخلو من الفضول المتوج بالدهشة: ندى موسى. تمكنت الممثلة التي تشي ملامحها بتوتر مستمر، مرده الى غليان موهبة حقيقية في داخلها، من لعب أدوار متباينة، طبقيا وشكليا ونفسيا، خلال فترة وجيزة، وكان ملفتا قدرتها على الاقناع في كل مرة. يكفي أن نتذكر قبل شهور قليلة بنت الحارة في جزئي "أيام" (سماح الحريري، محمد أسامة)، وفي فترة موازية، الصديقة في "البحث عن علا" (مهى الوزير وغادة عبد العادل، هادي الباجوري)، ثم الصديقة مجددا، بنمط مختلفة في " المشوار" (محمد فريد، محمد ياسين) لنتأكد أنها مثل نحلة تحوم بلا كلل لكي تحصل مرادها: "عسل التميّز".

تتقن موسى، بما لا يشبه كثر من ممثلات جيلها، أدوات الشخصية، وتدرس عمقها وطرق تصرفها ولغتها وطريقة التعبير عن الانفعالات، بدأب يذكر بممثلي الحقبة المتوهجة من دراما مصر. هي، رغم انتمائها الى زمن حديث، الا أن روحها التمثيلية "روح قديمة". لذلك، ربما، مرد الألفة (والدهشة) في الوقت ذاته، التي يشعر بها المشاهد في حضرتها. ألفة تذكر بسيدات التمثيل، متقنات الأدوار، مثل فاتن حمامة وسعاد حسني ونبيلة عبيد.

وحين "تردح" بنت الحارة، معترضة على ضغط تعاني منه من أبيها وأخيها، تلبس شخصية مختلفة تماما عن اللحظة التي تظهر فيها حبها لرجل يخدعها. في انكسار الحبيبة، وشراسة المنكسرة، تمرين دقيق، لا يمكن الا لممثلة تطور باستمرار من أدواتها، أن تخوضه.

ثم ها هي، بتسريحة شعر ولكنة وأحاسيس "نسوية"، مختلفة تماما، تحرض في مسلسل آخر صديقتها على ألا تستسلم لرهافة اللقاءات الأولى مع "الحبيبة" وأن تأخذ حذرها. هي هنا امرأة متحررة، ذات تعليم عال، وتجربة عمل، تسمح لها أن تتعامل مع الرجل بندية، من دون أن تفقد احساسها بقيمتها الأنثوية أو أن تهمل مظهرا ولا رغبة دفينة بالتغاوي.

وفي المسلسل الثالث، تضع حياتها كلها، رهن الخطر، مقابل رابط وفاء مع صديقتها، فترتدي لباس القلق، وربما يكون اهون تدريباتها، اذ هي، كما يتبدى، شخص قلق في الحقيقة. وهو، غالب الظن، قلق الفنان الحقيقي، الذي لا يني يبحث عن الجديد والمختلف والمؤثر.

تمتلك موسى كل الأدوات التي تؤهلها لأن "تشيل" وحدها بطولة عمل، لتكون في مركز الأحداث، وهو، ما تبشرنا موهبتها، بأنه منجز.. في الوقت القريب.