مخطوطاتنا العربية والإسلامية، كنوز روحية، بين ثناياها تحمل الكثير من الجماليات والعلوم والمعارف، كلها تمثل ذاكرة أمة، وشعوب مختلفة، تشترك في وحدة اللسان والحرف، وكذلك في وحدة الخط والزخرفة، أعمارها مديدة، تتنفس من خلالها رائحة التاريخ المعتق، الذي يفوح من ورقاتها. كل هذه المخطوطات، تحمل قيمة تاريخية، وأهمية جعلت منها منارة معرفية، تتهادى على نورها الأجيال.
في المخطوطات أهمية معرفية، ودبي كذلك مشهدها الثقافي متطور، ومتسع النطاق، داخل حدوده بات للمخطوطات العربية والإسلامية مساحة خاصة، حيث اهتمت بها، وسعت إلى حفظها من تقلبات الزمن، وإنقاذها من الضياع، حيث يأتي ذلك في إطار رؤية دبي، لأن تكون عاصمة ثقافية، يقصدها كل عشاق الأدب والبحث والفن، وأولئك الذين يتطلعون إلى الإبحار في تاريخ المخطوطات، بغية اكتشاف دهاليزها ودراستها.
مراكز عديدة تتخذ من دبي، لا هم لها سوى حفظ المخطوطات العربية والإسلامية وأخرى، والعمل على ترميمها وإعادتها «سيرتها الأولى»، ولأجل ذلك، فقد جندت هذه المراكز نفسها لخدمة هذا الهدف، بأن امتلكت أشخاصاً لديهم خبرة كافية في عملية ترميم المخطوطات، وعرضها في ظروف خاصة، تبقيها بعيدة عن العوامل التي يمكن أن تؤثر فيها، وتؤدي إلى هلاكها.
مركز الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للمخطوطات القرآنية، يعد واحداً من أبرز المراكز التي تهتم بالمحافظة على المخطوطات العربية والإسلامية، لا سيما تلك التي تتصل بالقرآن الكريم وعلومه، وهو يتبع جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم، حيث يمتلك المركز مجموعة من المخطوطات الثمينة، وهناك أيضاً مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث، الذي يعد واحداً من أهم المراكز التي تهتم بهذا الجانب، حيث يفرد للمخطوطات قسماً كاملاً، ويمتلك منذ 1992، قسماً خاصاً بالحفظ والمعالجة والترميم، يقوم بعملية صيانة للمخطوطات والمطبوعات والوثائق وغيرها، إلى جانب تنظيم الدورات المتخصصة في مجالات الترميم والصيانة، ولعل أهم شُعب هذا القسم، ما يتمثل في شعبة ترميم المخطوطات.
قسم خاص
وستتضمن مكتبة محمد بن راشد عند افتتاحها، قسماً خاصاً يحتفي بالموروث الثقافي، من خلال مركز متخصص لترميم المخطوطات التاريخية، والحفاظ عليها، وفيه سيتمكن زوار المكتبة من الاطلاع على الكتب النادرة، من خلال شاشات كبيرة في غرف خاصة، بما يضمن بقاءها للأجيال المقبلة، كما ستضم المكتبة قسماً خاصاً، يضم مقتنيات آل مكتوم التاريخية النادرة، التي تضم محتوى ومعروضات مميزة للأسرة الحاكمة في دبي، وتاريخها، ودورها في نهضة دبي والإمارات.
لا شيء يضاهي دبي في حركتها الثقافية، فهي موئل العديد من الشخصيات التي تهتم باقتناء المخطوطات العربية والإسلامية، وتسعى جاهدة لحفظها، ومن بينهم الأديب عبد الغفار حسين، الذي قام بالتبرع بمجموعة نادرة من مقتنياته الشخصية من المخطوطات القرآنية، إلى مركز الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للمخطوطات القرآنية.