حدود المشهد الفني في دبي واسعة، فأينما وليت وجهك في المدينة فلا بد أن تلتقط بعضاً من ملامحه، حيث لا تخلو زوايا دبي منه، في وقت اتخذ الجمال من منطقة القوز الإبداعية وطناً له، ليزيد بذلك من سحر دبي التي يعيش مشهدها الفني تطوراً لافتاً، جعل منها بوابة المنطقة العربية، يتعين على عشاق الفنون اجتيازها، من أجل التعرف على تفاصيل المشهد الفني ليس في الإمارات وحسب، وإنما في المنطقة العربية وحتى العالم أيضاً. تطور المشهد أدى إلى ازدهار العديد من الغاليريهات في أرض دبي، حتى أصبحت بمثابة منارة ضوء، يهتدي بها عشاق الفنون إلى طريق جميل زرع عن جانبيه بأعمال فنية ثقيلة الوزن، كتلك التي علقت على جدران «عائشة العبار آرت غاليري»، الذي يتخذ من منطقة القوز الإبداعية موطناً له.

منذ أن سلكت الفنانة الإماراتية عائشة العبار طريق الفنون، واتخذت قرارها بتأسيس الغاليري في 2018، حتى تحولت سريعاً إلى واحدة من منابر تحفيز الإبداع في الإمارة، لتتمكن من استقطاب العديد من المعارض والأعمال التي تكشف عن مدى اتساع حدود المشهد الفني في دبي، وثراء الحركة التشكيلية المحلية، وهو ما تجلى في استضافتها لمعرض الفنانة نجاة مكي، الذي حمل عنوان «أكتب باللون» واحتضنت فيه مكي ألوان الأخضر والوردي والأصفر وغيرها، كما تجلى أيضاً في معرض «مسعى» الذي بدا أشبه برحلة تأمل لا تنتهي، ومعرض «تربيع الدائرة» للفنانة ليلى جمعة. وأنت تتجول بين جنبات «عائشة العبار آرت غاليري» لا بد أن تكتشف شخصية مؤسسته الفنانة عائشة العبار، التي بدت مثالاً للإنسان الطموح، الذي لا يكف عن السعي لاكتشاف قدراته الكامنة، فبعد دراستها لإدارة الأعمال وعملها لسنوات، شاءت الصدف لأن تكتشف نفسها والجوانب المرتبطة بالفنون البصرية، واتخذت من التصوير الفوتوغرافي طريقاً لها.

طاقات وإمكانات

تقول عائشة العبار لـ «البيان»: «سعي دبي الدائم لتعزيز الفن ودوره في الحياة اليومية، كان كفيلاً بأن يدفعنا نحن للإسهام بشكل فاعل في تحقيق هذه الرؤية، التي تمكننا من مواكبة تطور المشهد الفني العالمي، وتساعدنا في اكتشاف الطاقات والإمكانات التي تمتلكها الحركة التشكيلية المحلية والعربية أيضاً، وهو ما دفعني لافتتاح غاليري خاص بي، أتطلع من خلاله إلى تقديم رؤية جديدة للفن، ومشاركة دبي طموحها في أن تتحول إلى وجهة أولى لمحبي الفنون البصرية وجامعي اللوحات والمنحوتات».

وذكرت عائشة أن «الغاليري يوفر مساحات إبداعية واسعة خاصة للفنانين، تمكنهم من تقديم وجهات نظرهم وأعمالهم أمام عشاق المدارس الفنية على اختلافها». وقالت: «بلا شك أن ارتفاع عدد الغاليريهات في دبي وتأسيس منطقة القوز الإبداعية، وتزايد المعارض الفنية كما «آرت دبي» وغيرها، فيه دلالة على توسع رقعة الجمال في الإمارة، إلى جانب ارتفاع مستوى وعي الجمهور بمفهوم الجمال النابع من الفنون، وهو ما يتجلى في عديد المعارض التي يستضيفها الغاليري، الذي نقدم فيه كل أنواع الفنون، على اختلاف أشكالها وأساليبها الكلاسيكية والمعاصرة، والتي نسعى عبرها إلى إشباع حاجات الجمهور المتعطش لكل فن».

حركة تشكيلية ثرية

منذ أن فتحت عائشة أبواب الغاليري، لم تتوقف عن استقطاب الأعمال الفنية والمعارض التي تقف خلفها أسماء ثقيلة، في وقت أتاحت فيه المجال لأن تدعم الشباب، وفي هذا السياق، تقول: «يوجد لدينا في الإمارات حركة تشكيلية ثرية، وأسماء جميلة للغاية، استطاعت أن تصل إلى العالم، لذا كان تركيزي منصباً على منحها المساحة التي تحتاجها من أجل عرض إبداعاتها، والأمر ذاته ينسحب على الشباب أيضاً، فهم دائماً بحاجة إلى مساحة دعم»، وتضيف: «دبي تمتلك رؤية ثقافية رائدة، ولتحقيقها فقد عملت على توفير عديد التسهيلات والمناطق الإبداعية، كما القوز، حيث تساهم جميعها في تقوية عود الاقتصاد الإبداعي، وبتقديري أن ذلك انعكس على طبيعة الأعمال والمعارض التي تستضيفها الغاليريهات، التي حظيت باهتمام خاص من هيئة دبي للثقافة والفنون (دبي للثقافة)، التي لا تدخر جهداً في دعم المواهب والغاليريهات أيضاً، سواء بالتواجد في أروقتها خلال افتتاحيات المعارض، أو عبر التسهيلات التي تقدمها لأصحاب الإبداعات المختلفة».

منذ افتتاحها للغاليري، لم تتوقف عائشة العبار عن تسليط الضوء على مجموعة من الفنانين على اختلاف توجهاتهم ومدارسهم، وهو ما تجلى في معرض «مسعى» ومن قبلة «أكتب بالألوان»، وغيرها من المعارض التي اهتمت أيضاً بالخط العربي، فيما لم تغض عائشة طرفها عن الورش الفنية التي تقدم بين جنبات الغاليري، حيث تعتقد أنها تمثل بوابة مهمة لعشاق الفنون، للتعرف على أصول التشكيل وكل الفنون الأخرى.