لا يزال عبق التاريخ يخيم على الأجواء الرمضانية في دمشق، مأكولات ومشروبات تقليدية وتاريخية ما زالت حاضرة على موائد الدمشقيين كافة، في بلد يمتلك ثقافة طعام متأثرة بعراقة هذا المكان وعادات أهله.
وعلى الرغم من التقدم التكنولوجي إلا أن بعض المشروبات والمأكولات والحلويات لا يزال يعد وفق طرق قديمة متوارثة منذ مئات السنين لتضفي لها طعماً مميزاً في هذا الشهر الفضيل. وهناك العديد من المشروبات التي لا تزال موجودة على موائد الدمشقيين منذ مئات السنين، أهمها العرقسوس والتمر الهندي والنقوع وغيرها.
ويقول رأفت التقي، وهو صاحب أحد محلات المأكولات والمشروبات الشعبية في دمشق القديمة، إن العرقسوس هو أكثر مشروب شائع في دمشق، أما خارجها فهو غير مستحب كثيراً، فمن لم يتذوق العرقسوس وهو صغير فلن يتقبله وهو كبير. وأضاف التقي أن «العرقسوس عبارة عن مشروب بدون سكر حلاوته داخلية، فمن يستسيغه يشعر بحلاوته، ومن لم يتعود عليه يشعر بطعمه المر».
وأشار إلى أن العرقسوس يصنع من جذور نبات السوس، التي تنمو في المناطق المهجورة، يتم طحنها بشكل خشن مثل نشارة الخشب، ويوضع العرقسوس في وعاء ويسكب عليه القليل من الماء ويتم فركه حتى يتجانس المكون بشكل كامل، ومن ثم يخمر حسب نوع العرقسوس، وإذا اختمر ولم تكتمل عملية تحضيره يقال له «شيّح» أي أن المكون فسد.
ويقول التقي إن التمر الهندي هو من المشروبات التي اعتاد عليها الدمشقيون، ومعظم الناس تستسيغ طعمه الحامض الحلو، ويحلى أيضاً بالسكر حسب الطلب.
المشروبات الرمضانية في دمشق لا تقتصر على العرقسوس والتمر الهندي، وإنما هناك مشروبات تصنع من المشمش، ومنها النقوع، حيث يقول التقي إنه يتم استخراجه من المشمش». هناك العديد من المأكولات الرمضانية التراثية التاريخية التي ما زالت توجد على موائد الدمشقيين، ولا تنشط صناعة معظم تلك المأكولات إلا في شهر رمضان المبارك. ومن أهم تلك المأكولات هي المعروك، حيث يقول التقي إن المعروك هو عبارة عن خبز فارغ من الحشوة محلاة بالسكر يوضع عليها السمسم، كانت تسمى «معروك رمضان»، ولكن انتشرت وأصبحت تباع في كل أوقات العام، وكانت الأفران لا تبيعها إلا في شهر رمضان. ومن المأكولات الشعبية والتاريخية أيضاً الـ«جرداء» ثم أصبح اسمها «الناعم»، بحسب التقي، وهي عبارة عن عجين مجفف على شكل أقراص توضع في الشمس طوال فصل الصيف، ثم يوضع في الزيت، وهناك طريقة خاصة للقلي عن طريق عصاوين اثنتين تديران العجين في الزيت حتى يكبر ويصبح شكله مقعراً ويوضع عليه دبس أسود مخفف، وهذا لا يباع إلا في شهر رمضان فقط.