ما الذي يميز روايات الجريمة بحيث تستطيع جذب اهتمام القراء وإشراك انتباههم لفترات طويلة منغمسين في أحداثها المشوقة وألغازها وشخصياتها . هذا ما حاولت معرفته الروائية بولي ستيوارت، عبر إطلاق حوار مع مجموعة من مؤلفي روايات الجريمة.
بالنسبة إلى ستيوارت التي ستصدر روايتها «الطيبون الأخيار» في 2023، لا تحتاج روايات الجريمة أن تتضمن جريمة أو اعتداء أو حتى عنف من أجل إثارة اهتمامها، لكنها تؤكد ما لم ينتهك شخص ما حدود الأعراف الاجتماعية والأخلاقية، فإن الرواية لن تشدها لقراءتها.
تأثير
وعندما سألت أربعة مؤلفين عن تأثير الجريمة على بنية السرد وتطوره، جاءت إجابتهم كالأتي: أفادت الروائية ميغان أبوت، أن الجريمة تؤثر عبر إحداثها «تأثيراً مضاعفاً»، كما بتوفيرها خارطة طريق لكل من الكاتب والقارئ. فعندما تتضمن القصة جريمة، يعلم القارئ والكاتب بالتحركات التي ستلي، كالتحقيق والكشف عن المجرم، وتلك تدفع بالأشياء للكشف عن الشخصية.
وقالت الروائية لورا ليبمان، إن قصص الجريمة يبدو أنها تتطلب عناصر سرد معينة، بما في ذلك حل مرض، وأضافت: «تقليدياً، توفر رواية الجريمة أيضاً إمكانية تحقيق نوع من العدالة وعلى مستوى ما إعادة الأشياء إلى وضعها الصحيح.
فإذا سمح للأقوياء بالإفلات، فعلى الأقل يعرف الناس بذلك، ربما بطل الرواية وربما قلة من الناس»، بمعنى أن روايات الجريمة يمكن أن تمنح صوتاً للأشخاص الذين تقل احتمالية رؤيتهم العدالة في الحياة الواقعية.
وتمنح قصص الجريمة للروائي شوان كوسبي، عدسة لفحص حياة الناس في مواقف ميؤوس منها، موضحاً: «عندما يستيقظ شخص ما الساعة الثالثة صباحاً، متسائلاً كيف سينجو من ورطته، تلك هي الشخصية التي قد أرغب في الكتابة عنها. فأنا أريد ابتداع شخصيات تتمتع بالقوة الكافية للنجاة تحت الضغوط».
هذا وتناول حوار ستيوارت مع المؤلفين تأثير الإجرام والظلم على النساء، وهذا نوع أدبي تعود جذوره إلى العصر الفيكتوري، فقالت أبوت: «هناك دائماً حاجة لنوع أدبي يقيس الثقافة» مضيفة: «أعتقد أن رواية الجريمة قد حلت محل الرواية الحسية والاجتماعية كمكان للإبحار في كل ذلك. إنها مكان للمهمشين والضعفاء، وفي روايات الجريمة هناك إدراك لما يعنيه الشعور بالعجز».
أما ليبمان فلمحت إلى إدخال المراهقات في قصص الجريمة وألغازها السوداوية، إذ لا تعتبر سلامتها أمراً مفروغاً منه. وختمت ستيوارت الحوار بالإشارة إلى أن نجاح قصص الجريمة قد لا يكون سردياً فحسب بل سيكولوجياً أيضاً، موضحة: «عندما أنظر على معاناة الناس من حولي وفي المجتمع ككل، أريد أن أبقي على مسافة للتفكير في أسباب وتأثيرات تلك المعاناة.
لا يمكنني تقديم إجابات محددة وبالتأكيد لا يمكنني تقديم حلول، لكن يبدو لي أن الرواية تلبي حاجة إنسانية أساسية وعميقة. وقد يكون الأمر أيضاً هو أنني (أحبها فحسب).