لعبت مخرجات المسرح المدرسي دوراً بارزاً في تعزيز وتطوير فكر الناشئة من الطلاب والطالبات أدى إلى تطوير المسرح المدرسي بشكل لافت.
وكان هناك إجماع على أن طلاب وطالبات المدارس طاقات متعددة المواهب ليس فقط في مجال التمثيل، ولكن أيضاً في فروع المسرح المختلفة من أزياء وديكور وسينوغرافيا وغيرها، وأيضاً برزت مواهب من المعلمات في مجال التأليف والإخراج المسرحي لدرجة الاحتراف، وكل هذا ينبأ لمستقبل باهر للفن عموماً والمسرح على وجه الخصوص، وأساسه يتحقق من خلال وجود منهج مسرحي في المدارس.
«البيان» التقت مجموعة من المسؤولين والنقاد والمخرجين في المسرح والمشاركين في المهرجانات للحديث عن مخرجات المسرح المدرسي.
وتؤكد فاطمة الجلاف مديرة إدارة الفنون الأدائية بالإنابة في هيئة الثقافة والفنون بدبي «دبي للثقافة»، أن المسرح المدرسي نقطة انطلاق للطالب الموهوب في مجال الفن الأدائي أو المسرحي، وتقول: المدرسة مصدر أساسي في اكتشاف المواهب.
إضافة إلى أن منصات المهرجانات تعد مرجعاً قوياً في تعزيز ثقة الطالب مستقبلاً على المستويين الشخصي والفني وأيضاً على الصعيدين التربوي والتعليمي.
وتشير الجلاف إلى أنه وعلى مدى دورات مهرجان دبي للمسرح المدرسي الذي تنظمه هيئة الثقافة والفنون في دبي نفاجأ في كل سنة بنوعية وجودة المواهب التي تخرج للساحة الفنية مستقبلاً بفكر عالٍ وجيل متعلم وراقٍ وفاهم لما يؤديه على خشبة المسرح.
وتصف الجلاف بحكم خبرتها للمواهب الناشئة في المؤسسات التعليمية وخاصة الحكومية بأن تلك المواهب «كنز فني في الأداء لا بدّ من الحفاظ عليه ومراعاته وتوفير كامل الدعم الذي يستحقونه لضمان استمرارهم واحترافهم في المجال المسرحي».
طاقات ومواهب
وأكد الفنان مرعي الحليان، أن المهرجانات المتخصصة بالمجال نوعية، ومن بينها مهرجان دبي للمسرح المدرسي، الذي يعد متطوراً جداً، إضافة إلى تميز الشارقة للمسرح المدرسي. ونوّه بالطاقات التمثيلية العالية جداً التي برزت في دورة «دبي للمسرح المدرسي 2023»، لدى المواهب من الذكور والإناث في أغلب مراحل الحلقة الأولى والثانية والثالثة.
فبجانب التمثيل برزت أيضاً مواهب في الديكور والأزياء، ومع استمرارية المهرجان والتسابق عليه أدى الأمر إلى تطور المسرح المدرسي بشكل لافت جداً وعروضه المدهشة. ويشير الحليان إلى ضرورة وجود منهج للمسرح في المدارس.
وفي السياق، يوضح علي الشالوبي عضو لجنة تحكيم مهرجان الفجيرة للمسرح المدرسي بأن المسرح المدرسي من ركائز التنمية والتطور والإبداع في المجتمع، حيث يعد ويتأسس الطالب من خلاله وتتطور مهاراته المتنوعة ثم يرتقي إلى مجال الإبداع في المهارات التي تصل إليه من خلال الغرفة التعليمية.
وأضاف: المسرح المدرسي ينمي لدى الطلاب ملكة الكتابة وفن الخطابة والثقة بالنفس والجرأة في المواقف الإنسانية والشخصية، كما يتعلم من خلاله المتلقي الفنون الحياتية الأخرى كصناعة الدمى والمكياج وفن تشكيل الألوان في الإنارة والدلالات الحياتية، وكذلك أرشفة التاريخ الإنساني من خلال الملابس أو الأزياء المسرحية، إضافة إلى فن هندسة الديكور والأكسسوار والتعبير الجسدي والمادي لدى الدارسين.
كما يؤكد الشالوبي أن اكتشاف المواهب الطلابية في شتى المهارات المختلفة من أهداف المسرح المدرسي في وزارة التربية والتعليم ومؤسسات التعليم، ومن ثم تعليم الطلاب على شغل الفراغ بما يفيد العملية التعليمية خارج نطاق الصف، علاوة على الإبداع والابتكار والتصنيع ثم المحافظة على الاستدامة، وهذه كلها تتحقق من خلال الدورات المستمرة لفن المسرح.
تصاعد العروض
وأشاد الناقد والباحث المسرحي محمد سيد أحمد مصطفى بالمسرح المدرسي في الشارقة والمتعة الفنية لعروض المسرح المدرسي والسمة المميزة لأثره التربوي.
وكذلك بأنشطة الدورات المصاحبة للمهرجان مثل دورات الإلقاء المسرحي والسينوغرافيا والتمثيل وخيال الظل، والندوات الفكرية، ومسابقات التأليف المسرحي التي يشارك فيها المعلمين والمعلمات والطالبات والطلاب من كل دول مجلس التعاون الخليجي، ويقول: مستوى عروض مهرجان المسرح المدرسي يعكس تجذر فكرة التنافس الشريف وتنمية التذوق الفني لدى الطالبات والطلبة واكتشاف مواهبهم.
ويقارن محمد سيد أحمد بين المسيرة التصاعدية لعروض المهرجان، من 6 عروض في الدورة الأولى إلى 61 عرضاً مسرحياً، توزعت على 29 عرضاً من مدينة الشارقة، 21 عرضاً من المنطقة الشرقية، 11 عرضاً من المنطقة الوسطى، شارك في هذه العروض المئات من الطالبات والطلبة، والعشرات من المعلمين والمعلمات، وعدد من المشرفين والمشرفات بواقع مشرف ومشرفة لكل منطقة.
ويضيف: هناك بروز مواهب لمعلمات إماراتيات صاحبات مستويات تقارب الاحتراف في مجال التأليف والإخراج المسرحي بعد أن صقلن مواهبهن في الورش والدورات المسرحية، مع استقدام خبرات مسرحية عربية محترفة، وخاصة في دورات مهرجان كلباء للمسرحيات القصيرة، وفي الدورات المخصصة للمعلمين والمعلمات.
إبداع متميز
وتعلن منى عبدالرحمن الرئيسي مخرجة مسرحية عن افتخارها بالعروض المسرحية المدرسية التي تنتظرها سنوياً بكل شغف، وتقول: إن المسرح المدرسي يقدم للمجتمع المدرسي فئة استثنائية من الطلبة الذين يحملون في طياتهم إبداعاً متميزاً، وروحاً جميلة عاشقة للمسرح والفن، وتدعو لاكتشاف هذه الطاقات واحتضانها وإبرازها للمجتمع وتوجيهها التوجيه الصحيح والسليم.
وتتابع: لعبت مخرجات النشاط المسرحي في تعزيز وتطوير فكر الناشئة، حيث أصبحوا طلاباً مبدعين متعددي المواهب، ذا فكر فني متقد ونظرة ثاقبة للأمور، ولديهم القدرة على الحضور وتقمص الشخصية، إلى جانب الالتزام بمواعيد العمل.
كما أن الطالب المشارك في العمل المسرحي أصبح واثق الخطى، يقف ويحاور ويتقمص بكل جرأة معبراً عن إبداعه الفني المتكامل بكل حب، وتقول إنه من خلال تدريباتنا اليومية اكتشفنا في بعض المشاهد مشاركة الطالب لنا في تقديم مقترحات تثري العمل وتجمله، وهذه سمة من سمات تعزيز وتطوير فكر الناشئة.
حيث وصل الطالب بأن يكون في مرحلة عليا من مراحل التطوير في كل فنون المسرح، فمنهم ممثلون بارعون، وبعضهم مخرجون مبدعون يوجهون ويعلمون، وأيضاً في مجال السينوغراف يصممون ويرسمون ويضعون بصمتهم، حاملين معهم إبداعهم وفنهم لكي يرتقوا للأفضل.
ويهتم الفنان خليل إبراهيم شامبية مخرج مسرحي وأفلام قصيرة، بالدورات المسرحية المدرسية، باعتبار أنها تتميز بالعديد من المخرجات الإيجابية، التي تسهم في تعزيز وتطوير فكر الناشئة عن طريق المسرح بطرق عدة، ويقول:
ألاحظ تنمية المهارات الفنية لدى الطلاب خلال الدورات المسرحية، حيث يتعلمون مهارات الأداء الصوتي والجسدي، والتعبير عن المشاعر، وأيضاً التناغم والتعاون مع زملائهم على خشبة المسرح.
ويضيف : إن من المخرجات الإيجابية للمسرح أيضاً تعزيز مهارات الاتصال والتواصل الشخصي والاجتماعي لدى الطلاب في حياتهم اليومية، فيتعلمون كيفية التعبير عن أفكارهم ومشاعرهم بوضوح وفاعلية، وكذلك الاستماع للآخرين والتفاعل معهم على خشبة المسرح.
كما أنها تعزز الابتكار، حيث يمنح الأداء على المسرح الطلاب الفرصة للتعبير عن أنفسهم وإظهار قدراتهم، ويتعلمون كيفية التعامل مع التحديات والضغوط والتغلب على الخوف والخجل، ويقول:
المسرح يشجع الطلاب على التفكير الإبداعي. فيتعلمون كيفية تجسيد الشخصيات وإحضار القصص من الحياة على المسرح، وهذا يتطلب تخيلاً وإبداعاً متميزاً، ومن خلال هذه العمليات يتعلم الطلاب التفكير النقدي والحلول المبتكرة للمشاكل، إضافة إلى تعزيز الثقة بالنفس.
انعكاس الحياة
الكاتبة المسرحية أمل النعيمي، تؤكد أن المسرح المدرسي من أهم المسارات المسرحية التربوية والتعليمية والترفيهية التي تهدف إلى بناء جيل واعٍ ومثقف من المراحل الدراسية الأولى، ينمّي قدرات الطلبة ومواهبهم الفنية وتوجيههم بالطريق الصحيح، من خلال معالجة ما يدور في المجتمع والحياة الدراسية، محققاً المتعة الحسية، ويهذّب السلوك، ويفجر الطاقات الإبداعية والخيالية.
ويطور سعة الإدراك والفهم والمتعة الفكرية.وتتابع: المسرح انعكاس الحياة، فتعلم المسرح يمكن أن يصبح تعلم الحياة رغم أن هناك فرقاً بين المسرح والحياة، فقارئ الكتاب في رأيي يصبح قاصراً عن ملاحقة الأحداث، فالكتاب تجربة جامدة على الورق، بينما المسرح خلاف الكتاب يتميز بسمة واحدة،.
حيث يستطيع المسرح دائماً أن يبدأ من جديد، ويبقى لوح الكتابة نظيفاً دائماً، كما أحرص على إشراك أطفالي بالمسرح المدرسي ودعمهم، وأسعى لجعلهم أكثر طلاقة في التعامل وفصاحة في اللسان لكي يعبّروا عمّا بداخلهم ويترجمونه إلى أفعال.
>
› فاطمة الجلاف: نقطة انطلاق للطالب الموهوب
› مرعي الحليان: ضرورة وجود منهج للمسرح في المدارس
› علي الشالوبي: بوابة مثالية لإثراء مهارات الطلبة المبدعين
› محمد سيد أحمد: يرسخ روح التنافس بين المبدعين الصغار وينمي ذوائقهم الفنية
› منى الرئيسي: يقدم فئة استثنائية من الطلبة يحملون إبداعاً متميزاً
› خليل شامبيه: فرصة حيوية لتعويد الطلبة وتدريبهم على تخطي التحديات
› أمل النعيمي: يعزز مهارات الصغار اللغوية وقدراتهم الخطابية