يعزز اليوم العالمي للتسامح، الذي يوافق 16 نوفمبر من كل عام، أهمية الثقافة والمعرفة في بناء جسور الحوار بين الشعوب والحضارات التي تستند إلى مجموعة من الأسس الأخلاقية والإنسانية لنشر المعرفة ومبادراتها العالمية بهدف اكتشاف جوانب متجددة من التاريخ الحضاري، والتي تتفاعل مع تجارب الماضي على إيقاع الحاضر للتفكير في المستقبل الواعد.
وعن أهمية الثقافة في تعزيز أطر التسامح تقول الكاتبة والمخرجة والمتخصصة في تراث النسيج الفنانة الليتوانية، لوريتا بيلنسكايت: تعد القيم الإنسانية من أهم مكونات الشخصية الإنسانية واعتباراتها الروحانية في التعاطي مع الآخر ولها أسس مشتركة بين كل الفضاءات الثقافية والدينية في العالم، وينبغي استثمارها والتركيز عليها لتكريس وحدة الإنسانية ووحدة «الجوهر الإنساني» بروح مسؤولة متفتحة على العالم، ضمن مظلة التسامح والهدف هو تكوين مواطنين متضامنين ومسؤولين، متفتحين على الثقافات الأخرى، قادرين على اتقاء النزاعات أو حلها بوسائل سليمة وأهمها القراءة والمعرفة هي الأداة الأكثر جدوى للوقاية من التعصب وأول خطوة في هذا الإطار تكمن في تعليم الأفراد معرفة حقوقهم وحرياتهم لضمان احترامها ولحماية حقوق وحريات الآخرين.
وأشارت المترجمة اليابانية شينامي هيروكا إلى ضرورة النظر إلى التسامح حاجة إنسانية تعززها الثقافة والمعرفة وتنشر مبادراتها وقيمها المستدامة جيلاً بعد جيل، والتي تفتح آفاقاً للتعمق الإنساني وفهم طبيعة الشعوب واحترام اختلافاتها، وهو ما يؤثر إيجابا في تحول التوترات والصراعات إلى مواقف تعاونية لدعم نوافذ الإبداع والتنمية والحفاظ على قيم التضامن، والإخاء، والتسامح، ومن شأن ذلك أن يجنب الأجيال القادمة الكثير من المآسي والحروب والعنف وأن يرسي السلام والتعاون داخل مختلف المجتمعات.
وتقول المعلمة والأكاديمية الأسكتلندية سوزان ناديل التبادل المعرفي ظاهرة إنسانية متأصلة في التاريخ الإنساني من منطلق حتمي للاتصال والتفاعل بين مختلف الحضارات والثقافات يرمي إلى إرساء تواصل حي ودائم ومثمر بين مختلف المجتمعات العرقية الثقافية حتى يصبح العالم موطناً رحباً للجميع. وحتمية الاتصال لا تعني الذوبان للتوحد في حضارة عالمية واحدة ولذلك لا بد من ترك مساحة للخصوصيات الثقافية لمختلف الشعوب بقصد بناء حضارة معرفية وإنسانية مشتركة.