أصبح مهرجان طيران الإمارات للآداب، أحد أبرز المهرجانات الثقافية على مستوى العالم، حيث ينظم سنوياً في دبي، بمشاركة كوكبة من المبدعين والأدباء، متضمناً مجموعة واسعة من الفعاليات الثقافية والأدبية التي تستهدف فئات المجتمع كافة. وتتميز دورة المهرجان في هذا العام (الـ16) التي تنطلق اليوم، ببرنامجها الفكري النوعي، وجمعها أهم مبدعي العالم.
«البيان» أضاءت، عبر آراء كوكبة مسؤولين بارزين ومثقفين، على طبيعة المكانة الرفيعة التي غدا يحوزها المهرجان، وما يحققه من نتائج، في ضوء باقات فعالياته ورؤاه، على صعيد ترسيخ قيم حوار الحضارات ولقائها وتناغمها، وتعزيز دور الثقافة في صوغ أسس سلام المعمورة ورفاهها وتطورها، بجانب إثراء المشهد الثقافي المحلي، وتشجيع حب القراءة والتعلم ونشر الثقافة والمعرفة بين الناس، وتوفير الفرصة لأفراد الجمهور للاستمتاع بعروض الأدب والحوارات وورش العمل والندوات التي تقدمها نخبة من الأدباء والكتاب والمثقفين من مختلف أنحاء العالم، علاوة على قدرة الحدث على جمع الكتّاب والقرّاء لتبادل الأفكار، وتوسيع المدارك الأدبية والثقافية.
قيمة ثقافية
معالي الشيخ سالم بن خالد القاسمي، وزير الثقافة، أوضح أهمية الدور الحيوي للمهرجان في إغناء المشهد الثقافي المحلي، حيث قال معاليه: «لا شك في أن مهرجان طيران الإمارات للآداب يدعم الحركة الثقافية في الدولة، وهو من المبادرات الجميلة والمبدعة وخاصة في يومنا هذا حيث الثقافة لها دور كبير في تطوير المجتمعات والنهوض بها، وما يقدمه المهرجان من فعاليات متنوعة ومختلفة من ندوات وأمسيات وعروض للكتب وغيرها كلها تصب في هذا الجانب وتعزز دوره بشكل كبير وإيجابي».
أفكار وطروح
بدوره، قال معالي محمد أحمد المر، عضو مجلس أمناء مؤسسة الإمارات للآداب، رئيس مجلس إدارة مؤسسة مكتبة محمد بن راشد آل مكتوم: «يبرز مهرجان طيران الإمارات للآداب حدثاً متفرداً في الأجندة الثقافية ليقدم مع كل دورة تجربة استثنائية تتجاوز الأطر التقليدية للمهرجانات الأدبية بفضل تنوعه وابتكاره في تقديم البرامج والفعاليات التي تسهم في خلق فضاء تفاعلي متفرد في أفكاره وطروحه، بما يدعم إثراء التجربة الثقافية على المستوى الوطني ويتماشى مع رؤية وتطلعات القيادة لمستقبل هذا القطاع الحيوي على مدار الخمسين عاماً المقبلة».
وأضاف معالي محمد المر: إن المهرجان يسهم بشكل كبير في وضع وبناء أساس قوي للإبداع المستقبلي عبر توصياته ومخرجاته التي تعتمد على الاستثمار طويل المدى في المشهد الثقافي والأدبي الإقليمي والعالمي وتحدي الصور النمطية وفتح آفاق جديدة للتفاهم الثقافي عبر أفكار ورؤى قابلة للتنفيذ في أرض الواقع.
وتابع: «إن المهرجان يشكل نقطة التقاء للعقول اللامعة من مختلف الثقافات، ويقف صرحاً شامخاً ودليلاً على الأهمية القصوى التي تُمنح للثقافة والأدب في إثراء النسيج الاجتماعي ودفع عجلة التقدم الحضاري في دولة الإمارات، فلا يعكس هذا الدعم التزام الدولة فقط نشر المعرفة والإبداع، وإنما أيضاً يرسخ دورها ومكانتها مركزاً للحوار الثقافي والفكري في جميع الصعد».
أدباء ومفكرون
من جهتها، لفتت هالة بدري، المديرة العامة لهيئة الثقافة والفنون في دبي «دبي للثقافة» إلى أهمية مهرجان طيران الإمارات للآداب الذي يجمع تحت سقفه نخبة من المبدعين والمفكرين والأدباء من شتى أنحاء العالم، ما يسهم في إبراز حيوية وثراء الحراك الثقافي في دبي.
وتابعت: «يُعد مهرجان طيران الإمارات للآداب من أهم الفعاليات الثقافية في أجندة دبي، بما يوفره من منصة للحوار بين الثقافات، ومد جسور التواصل المعرفي بينها، وتسليط الضوء على العديد من النماذج الثقافية المحلية والعربية الملهمة، وتوفير فرص نوعية لأصحاب المواهب الإبداعية في المجالات الأدبية المختلفة لتبادل الأفكار في ما بينها، ما يؤثر إيجاباً في المشهد الثقافي المحلي».
وأضافت: «تجسد شراكتنا الاستراتيجية في «دبي للثقافة» مع مهرجان طيران الإمارات للآداب نموذجاً للتعاون والتكامل في دعم وتمكين أصحاب المواهب وإبراز قوة الصناعات الثقافية والإبداعية، وتعزيز حركة النشر والأدب التي تشكل جزءاً أساسياً من الاقتصاد الإبداعي، ما يسهم في ترسيخ مكانة دبي مركزاً عالمياً للثقافة، وحاضنة للإبداع، وملتقى للمواهب».
وقالت أحلام بلوكي، الرئيسة التنفيذية لمؤسسة الإمارات للآداب ومديرة مهرجان طيران الإمارات للآداب: إن رؤيتنا لمهرجان الإمارات للآداب تتجاوز كونه فعالية موسمية تهدف لتعزيز الحراك الثقافي، حيث نعمل على ترسيخ منظومة متكاملة لرعاية الأدب والثقافة بمختلف أشكالها وإرساء دعائم مجتمع إبداعي مستدام.
ويبدأ ذلك بترسيخ ثقافة القراءة كعادة يومية خارج حدود التحصيل الأكاديمي وتقريبها إلى نفوس الأجيال القادمة بشكل خاص، مروراً بتشجيع المواهب المحلية عبر توفير المنصة والظروف المواتية لمشاركة صوتهم مع جماهير من مختلف أنحاء العالم، ووصولاً إلى إرساء روابط وثيقة مع المفكرين والمبدعين من شتى البلدان والثقافات، لترسيخ اسم دبي ودولة الإمارات على الخارطة الثقافية وأجندة الفعاليات العالمية.
وأضافت: «نعود كل عام بإنتاج جديد ورؤية مبتكرة مدفوعين بالإقبال اللافت والحماس الجماهيري، ما يؤكد أننا على الطريق الصحيح نحو إعلاء راية الثقافة والفنون وبناء جسور الفكر بين الحضارات المختلفة. وفيما نحتفي بالنسخة السادسة عشرة هذا العام، نؤكد أننا سنواصل صون الأمانة والمضي نحو محطات جديدة لتصبح القراءة والثقافة ليس خياراً شخصياً إنما عادة متأصلة في المجتمع الإماراتي».
برنامج غني
«مهرجان طيران الإمارات يواصل تألقه بجدارة وثقة». هكذا يرى علي عبيد الهاملي، نائب رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم بدبي، السمة الرئيسة لطبيعة تطور المهرجان ومضامين دوراته. ويتابع: يعود المهرجان في دورته السادسة عشرة، ببرنامج غني يضم فعالياتٍ مبتكرةً ذات عناوين جاذبةٍ لجمهور الثقافة من مختلف الأعمار والفئات. ومنذ انطلاقة المهرجان الأولى في سنة 2009 نجده يسعى إلى توسيع قاعدته الجماهيرية، عبر تطوير برامجه ومواكبة التيارات الثقافية والأدبية والفكرية التي تجذب إليها محبي الأدب والثقافة.
ولفت إلى أن الفعاليات الجديدة التي تم الإعلان عنها، مثل «بعد النهار في ليل» و«ملتقى الأفكار» و«عائلة المهرجان» وبرنامج «يوم الشباب»، هي عناوين تحمل من الجِدّة والجذب ما يجعل من هذا المهرجان متميزاً وفريداً بطرحه المختلف والمتنوع، وبجمهوره الواسع، ويساند هذا الطرح الاختيار المتميز لضيوف المهرجان، الذين يمثلون جانب جذبٍ قويّ لجمهور هذا المهرجان الذين ينتظرونه من عام إلى عام، فتضم مجموعة الضيوف عدداً من أهمّ الكتّاب والمبدعين والمفكرين، الحاصلين على أرفع الجوائز الأدبية، من أنحاء العالم كافة، ويشكل التواصل معهم من قربٍ أمنيةً يتطلع إلى تحقيقها رواد المهرجان من مختلف الأعمار، وهو ما يوفره لهم المهرجان كل دورة.
رحلة معرفة
وأشار الكاتب والإعلامي، ضرار بالهول الفلاسي، في مستهل حديثه بالخصوص، إلى أنه حين تكون الثقافة ذاكرة راسخة واستجابة فائقة لإيقاع الحاضر ورؤية كاشفة لاستشراف المستقبل، يتسع معناها وتتكامل رؤاها، وتتواشج مفرداتها لصناعة المختلف والمدهش.
واستطرد: «مهرجان طيران الإمارات للآداب، في دورته 16 وتحت رعاية هيئة الثقافة والفنون في دبي دبي للثقافة والذي تعتز مؤسسة وطني الإمارات بالمشاركة في فعالياته، مرآة الإمارات في العالم، ومرآة العالم في الإمارات، يجمع بين الطيران الحقيقي عبر أثير الفضاء، والطيران المجازي عبر أثير المجاز والخيال، ليحلق بنا في أروقة الثقافة والآداب بالجدارة ذاتها التي يحلق بنا في فضاء الكون المفتوح، إنه رحلة من المعرفة والمتعة والمغامرة».
وأوضح ضرار الفلاسي أن المهرجان فضاء مفتوح على الثقافات والحضارات، والمعارف والفنون، والابتكارات، وفرصة كبرى لجميع الأجيال، ليكون منصة يلتقي عليها الجميع يتحاورون، يتشاركون، يتبادلون المعارف والرؤى المختلفة، لأنه يقدم رؤية ثقافية متكاملة ليس عن المشهد الثقافي الإماراتي فقط، وإنما أيضاً عن المشهد الثقافي العالمي، سواء بفعالياته المبتكرة والمتعددة، التي تجمع بين متعة القراءة ومتعة المعرفة، ومتعة الإصغاء والمشاهدة، سواء عبر الكتب ورواية الحكايات والقصص، أو عبر الفعاليات الأدبية والشعرية والفنية، وعبر حالة التواصل التي يتيحها بين نخب الكتاب من الإمارات ونخب الكتاب من العالم.
كما يتخذ من الثقافة معياراً للتواصل مع العالم، ومعياراً لإنتاج صورة رائعة عن حاضرنا الثقافي المستدام، في الإمارات عموماً ودبي خصوصاً ليعزز مكانتها مركزاً وحاضرة ثقافية متفردة، بأصالتها ومعاصرتها وانفتاحها على العالم. وأشار إلى أن المهرجان يهيئ لبيئة ثقافية ومعرفية وإبداعية تعزز حضور المثقف الإماراتي، في المشهد الثقافي العالمي.
فرصة كبيرة
إيزابيل أبو الهول، مؤسسة ومستشارة وعضو في مجلس أمناء مؤسسة الإمارات للآداب، قالت: «حياة كل منّا هذه الأيام مملوءة ومطوقة بمحتوى وسائط التواصل الاجتماعي، وهذا المهرجان فرصة كبيرة لأن نترك كل تلك الأجهزة الإلكترونية والعالم الافتراضي والوجود في العالم الواقعي، حيث يمكننا أن نسمع ونلتقي ونحاور الناس الذين سيشاركوننا معارفهم وخبراتهم وشغفهم وأفكارهم بشكل حي ومباشر».
مبادرة فريدة
وأكد الكاتب الإماراتي علي أبو الريش أن المهرجان مبادرة فريدة تحدث فقط في الإمارات التي تتفرد بالفعاليات الثقافية والسياسية والاقتصادية، النوعية، وهذا أمر مبشر بالخير حينما تحلق طائرة الثقافة في سماء الإمارات تفرح كل مبدع، وهذا ليس بغريب على الإمارات وخاصة أن الثقافة المظلة التي تحمي المشروعات الإبداعية والاقتصادية والاجتماعية كافة وغيرها، ودائماً ما تسعى الإمارات لتبقى في أعلى المنصات الثقافية وهذا المهرجان أكبر دليل حي على ذلك.
تجارب واهتمام
وأكد الشاعر الإماراتي أحمد العسم أن أي مهرجان ثقافي يقام في أرض الإمارات يسعدنا ويشرفنا ويجعلنا نشعر بالفخر، ومهرجان طيران الإمارات للآداب فرصة للاستمتاع بوجود الضيوف من الإمارات ومختلف أنحاء العالم للنقاش وتبادل الخبرات ومعرفة الجديد في الساحة الثقافية العالمية، ونندمج معهم بما يسهم في الاستفادة من تجارب بعضنا بعضاً.
وأشار إلى أن التجربة الإماراتية في الثقافة والأدب قطعت مشواراً طويلاً ومهماً حالها حال العمران الذي نراه يرتفع شاهقاً في كل كان، ومهرجان طيران الإمارات للآداب يهتم بالإبداع الإماراتي. وختم: وأرجو في الدورات المقبلة أن يتم وضع كراسٍ فارغة تدل على المثقفين والشعراء والكتّاب الإماراتيين الذين رحلوا وتركوا بصمة خالدة في عالم الأدب والثقافة، وأن يتم عرض أفلام وثائقية عنهم للتعريف بهم.