أكد عدد من الشعراء الإماراتييين، أن الشاعر الراحل ربيع بن ياقوت، الذي رحل عن دنيانا، أول من أمس، يمثل آخر شعراء الجيل الأول من شعراء الإمارات، موضحين أن الراحل تميز بقصيدته النابضة بالمحبة والخير والتسامح والجمال..كما تتسم أشعاره بالحس الفكاهي والاجتماعي، وقد انتشرت وتداول الكثير قصائده المميزة التي تغنى بها بعض الفنانين على مدى حياته الشعرية، كما كانت له بصمة في الشعر لن تُنسى بما تحمل من الموروثات الشعبية والمحلية لدولة الإمارات العربية المتحدة.

مساحة نور

وقال الشاعر سيف السعدي لـ«البيان»: «عند رحيل الشاعر ترحل مساحة من النور، ويخفت بصيص التأمل، ومنابع الإدهاش يصيبها الجفاف والضمور.. هكذا أرى واقع الشعر بعد أن فقدت الساحة الإماراتية والخليجية شاعرنا ربيع بن ياقوت، أحد أركان وركائز الجيل الذهبي، والذي أطلق عليه الأديب الراحل حمد خليفة بو شهاب لقب (فاكهة البيان)، لقد عاصرتُ وعايشت شاعرنا بن ياقوت لما يربو على العشرين عاماً، تقاسمت معه الظهور الإعلامي في مجلس الشعراء الذي بثته شاشة دبي التلفزيونية، وتبادلت معه أحاديث الأدب وحوار المعرفة مراراً حين كان يشرفني بزيارة مكتبي أيام اشتغالي على مجلة جواهر كمدير تحريرٍ لها، تمتاز تجربة ربيع بن ياقوت بالخِفة والمهارة والبساطة في أعمق أشكالها، وهي سمات اكتسبتها قصيدة بن ياقوت من مكونه الإنساني وطبيعته الشخصية، فقد برع رحمة الله عليه في تقديم المحبة والتسامح لكل المحيطين به، وانطلت معانيه السامية على مخرجات تجربته الشعرية، حتى عُرف عنه تمكنه من كتابة الشعر الفكاهي، والذي عالج به كثيراً من قضايا المجتمع في وقته».

وأضاف: «لم يكن رحمه الله، صاحب وجهة نظر نقدية بقدر ما كانت ذاته ترصد جماليات الشعر وتضيء مكامنها، لا شك أن حزن الفقد عميق، ولا شك أن الإرث الإبداعي الذي أورثه لنا الشاعر ربيع بن ياقوت يمثل حقولاً وارفة وخصيبة من الدراسات والبحوث أمام المختصين والمهتمين بالشعر والأدب الشعبي».

تاريخ إبداعي

الشاعر راشد شرار الذي علق ببالغ الأسى على وفاة صديق دربه في الشعر وقال: «ببالغ الحزن والأسى تلقينا نبأ وفاة فاكهة الشعر الإماراتي الشاعر الكبير ربيع بن ياقوت، غادرنا الشاعر وترك خلفه تاريخاً طويلاً من الإبداع، تميز بن ياقوت بالأسلوب الاجتماعي وأعطى الكثير في الوطني والغزلي لأنه مبدع في كل تلك الأساليب وقد غنى له عدة مطربين».

وتابع: «بوفاة ربيع بن ياقوت ستكون الساحة قد خسرت قامة شعرية لا مثيل لها، لقد آلمني كثيراً فراقه، ولكن ما باليد حيلة إنها مشيئة الله، تربطني بربيع بن ياقوت علاقة وطيدة وصداقة لأنه كان العنصر الأهم في برنامج مجالس الشعراء الذي كنت أعده وأقدمه لسنوات طويلة، علاوة على البرنامج الإذاعي جلسة شعبية، طبعاً هو كان من جيل الشعراء الجمري، وراشد الخضر، ومحمد الكوس، وحمد بوشهاب، وحالفني الحظ أن يكون عضواً في برامجي الإذاعية والتلفزيونية، كما أنني رافقته ورافقني في رحلات عديدة طفنا فيها أرجاء الدولة وزرنا كبار الشخصيات والأصدقاء».

إلقاء فكاهي

وقال الدكتور الكاتب راشد المزروعي، باحث في التراث والأدب الشعبي الإماراتي: «الشاعر ربيع بن ياقوت صاحب الإلقاء الفكاهي والذي ما زالت قصائده نذكرها إلى الآن، الشاعر رحمة الله عليه يعتبر من أوائل شعراء الإمارات، هو ليس فقط شاعراً فكاهياً، بل هو شاعر حكيم ولديه كلمات وأسلوب جميل ويختار كلمات جيدة، وهو شاعر غنائي أيضاً، ويعتبر من كوكبة شعراء عجمان، وقد كان الراوي عن بعض الشعراء القدامى الذين عاصرهم، وهو من شعراء الزمن الجميل، وقد جمعت له مجموعة من القصائد في ديوان ربيع بن ياقوت الجزء الأول، وديوان ربيع بن ياقوت الجزء الثاني، وقد حصلت على قصائده من أبنائه وجمعتها في إصدارين».

‏ وتابع: «للشاعر ربيع بن ياقوت دور كبير في الساحة الشعرية، وقدم للميدان الشعري والأغنية الشعبية الكثير، وشعره من السهل الممتنع وقصائده تحفظ بسهولة، رحم الله الشاعر ربيع بن ياقوت فقد كان من خيرة شعراء الإمارات».

ذوق حسي فريد

وفي السياق نفسه تحدث الباحث في التراث الشعبي فهد المعمري وقال: «كان تأثير شاعرنا الراحل كبيراً على طبقة الشعراء المعاصرين له، وكذلك على الطبقة التي جاءت بعدهم، لما يمتلكه من ذوق حسي فريد في اختيار الألفاظ والمعاني، وتنوع أغراضه وفنونه الشعرية، إلّا أنه تميز وتفرد ببصمة شعرية خاصة به وهي النقد الاجتماعي، وهو النقد البنّاء في طرح القضية واقتراح الحلول والبدائل المناسبة لها، وكان الغيور على لغته ودينه وعاداته وتقاليده، كما كان شاعرنا الراحل واحداً من الشعراء القلائل الذين أحدثوا تجديداً في المدرسة الشعرية النبطية، وكان حضوره الشعري غزيراً من خلال البرامج الشعرية التلفزيونية والإذاعية، والمشاركات في الأمسيات الشعرية، وتسجيلات القصائد على أشرطة الكاسيت، رحم الله شاعرنا ربيّع بن ياقوت».