توجت جمهورية اليونان استضافة إمارة الشارقة «ضيف شرف» الدورة الـ20 من معرض سالونيك الدولي للكتاب، بجلسة علمية أدبية بعنوان «العلاقات الثقافية الخالدة بين اليونان والعالم العربي»، استضافتها جامعة أثينا، أقدم مؤسسة للتعليم العالي في الدولة اليونانية الحديثة، وأول جامعة معاصرة في منطقة شرق المتوسط، حضرها الدكتور علي عبيد الظاهري، سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى اليونان، وأحمد بن ركاض العامري، الرئيس التنفيذي لهيئة الشارقة للكتاب.

واستضافت الجلسة، نخبة من الباحثين والأكاديميين الإماراتيين واليونانيين، الذين تحدثوا حول عدة قضايا علمية وأدبية، تناولت التأثيرات المتبادلة والإرث الثقافي الغني الذي يجمع بين الحضارتين اليونانية والعربية.

قراءات

وتحدث الباحث والكاتب الإماراتي محمد الخالدي، حول الوضع الحالي لترجمة الشعر في كل من دولة الإمارات واليونان، في حين استعرض الكاتب علي العبدان، تاريخ وراهن أدب القصة القصيرة في البلدين، فيما قدم الكاتب إبراهيم الهاشمي، قراءات شعرية مختارة من الشعر الإماراتي العربي واليوناني.

ومن الجانب اليوناني، شارك في الجلسة إيليني كونديلي، الأستاذة في الدراسات العربية بكلمة حول روابط الثقافة العربية واليونانية من العصور الماضية إلى الوقت الراهن. وقدم كل من الكاتبة بيرسا كوموتسي، مترجمة الأدب العربي، والدكتور خالد رؤوف، مترجم الأدب اليوناني، وجهات نظرهما حول ترجمة الإماراتي المعاصر إلى اليونانية، وترجمة الأدب اليوناني إلى العربية.

وافتتح الجلسة الدكتور علي عبيد الظاهري، سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى جمهورية اليونان، بكلمة قال فيها: «يعزز هذا اللقاء التبادل الثقافي ويجسد روح التواصل العالمي، وبعد أن حلت الشارقة ضيف شرف معرض سالونيك الدولي للكتاب، كأول مدينة عربية تنال هذا التكريم، نتوجه بالشكر إلى الكتاب والمترجمين الإماراتيين على جهودهم في تقديم صورة شاملة للحراك الثقافي الإماراتي، كما نشكر الحكومة اليونانية على حسن الضيافة، ونؤكد أن هذه الجهود تعزز العلاقات بين الجانبين، كما يعبر الاحتفاء العالمي بالشارقة والألقاب التي نالتها، خاصة لقب العاصمة العالمية للكتاب، عن مكانة الشارقة على خارطة المعرفة والإنتاج الفكري في العالم».

نجاح

من جهته، أعرب نيكوس كوكيس، رئيس مؤسسة الثقافة اليونانية، عن سعادته باستقبال وفد إمارة الشارقة، مشيراً إلى أن جزءاً كبيراً من النجاح الذي حققه معرض سالونيك الدولي للكتاب يعود إلى المشاركة الفعالة والمتميزة لإمارة الشارقة، حيث أسهمت في فتح الأبواب أمام الجمهور للتعرف على الثقافة الإماراتية الغنية، والعربية بشكل عام.

بدورها، أكدت البروفيسورة صوفيا بابايوانو، نائبة رئيس جامعة أثينا للشؤون الأكاديمية والعلاقات الدولية والتوعية، أن العلاقة بين الأدب العربي واليوناني قديمة جداً، حيث تكفل علماء العرب بنقل الإنتاج المعرفي الإغريقي من علوم متنوعة إلى اللغة العربية، في الوقت الذي كان ذلك الرصيد متجاهلاً من قبل الغرب.

تواصل

وحول التواصل الثقافي بين دولة الإمارات واليونان، قالت نوبي خادزيورغيو، مديرة معرض سالونيك الدولي للكتاب: «اليوم ينتهي الفصل الأول من العلاقة بين الإمارات وأثينا، وتبدأ فصول أخرى مهد لها معرض الشارقة الدولي للكتاب، الذي تعرفنا فيه على ثراء الحراك الأدبي الإماراتي، من خلال 23 كتاباً مترجماً إلى اللغة اليونانية».

مفاهيم

ومن ورقة بحثية حول جذور العلاقة بين الأدب اليوناني، أشارت إيليني كونديلي، أستاذة فخرية في الدراسات العربية، إلى أن من يتعمق في الحضارة والثقافة والأدب في اللغتين العربية واليونانية، يجد أنها تعبر عن مفاهيم سامية ترتبط بالمجتمعات التي تقدر المعرفة، وتنفتح على الحوار والتواصل مع الشعوب الأخرى، مستعرضة الموقع الجغرافي لدولة الإمارات وتنوع تركيبتها السكانية، التي أسهمت في ريادتها عربياً وتميزها بالانفتاح على الحوار العالمي. وأضافت شرحاً عن ملامح العلاقات التاريخية بين الإمارات واليونان، مشيرة إلى المفردات العربية التي انتقلت إلى اليونانية والمعالم الأثرية.

وحول إصدار النسخة اليونانية من ديوانه، بالتزامن مع اختيار الشارقة ضيف شرف على معرض سالونيك الدولي للكتاب، أوضح محمد الخالدي، أن الكاتب غالباً لا يفكر في الترجمة عند تأليف عمله، إلا أنه عندما يقرر ترجمة عمل ما ينبغي أن يسأل أولاً عن مدى نجاح النسخة الأجنبية في إيصال الرسالة التي أرادها بنفس دقة إيصالها بلغته الأم.

بدوره، أكد علي العبدان، أن المعارف اليونانية لعبت دوراً مهماً في إثراء الحضارة العربية، خاصة في فترة نشاط حركة الترجمة في بغداد، حيث كانت الترجمة في غاية الأهمية لما جلبته من منطق يوناني، عرّفت العرب من خلاله على مفهوم «التعريف» أي صناعة المعنى. وصوّب العبدان بعض المعلومات الشائعة، مشيراً إلى أن العرب لم يكتفوا بترجمة المعارف اليونانية فحسب بل ساهموا في تطويرها.

من جهته، تحدث إبراهيم الهاشمي، عن أهمية الشعر في الحضارتين العربية واليونانية، مشيراً إلى دوره البارز في التعبير عن المشاعر الإنسانية والتواصل بين الثقافات المختلفة. وقرأ الهاشمي مقتطفات من عدة قصائد، بدأها بقصيدة للشاعرة شيخة المطيري التي تناولت فيها «قرية البروة في الجليل»، مستذكرة حنين محمود درويش إلى خبز أمه. ثم انتقل لقراءة مقتطفات من قصيدة «خريف» للشاعر علي الشعالي، كما قرأ قصيدة «المدن القديمة» للشاعرة خلود المعلا. ومن مؤلفاته الشعرية اختار الهاشمي أن يقرأ قصيدة «دمي».

إضاءة

وتناول كل من بيرسا كوموتسي، وخالد رؤوف، مشروع ترجمة الأدب الإماراتي إلى اللغة اليونانية، الذي قادته هيئة الشارقة للكتاب، وشمل ترجمة إصدارات من الأدب الإماراتي إلى اللغة اليونانية، حيث أضاءا على السمات التي تميز الأدب الإماراتي المعاصر، سواء على مستوى اللغة أو الأسلوب، وأوضحا أن الأدب العربي الحديث ليس غريباً على النخب الثقافية في اليونان، إذ بدأ في التسعينيات منذ فوز الكاتب المصري نجيب محفوظ بجائزة نوبل للآداب.

كما أشاد كوموتسي، ورؤوف، بحضور الشارقة ضيف شرف على معرض سالونيك الدولي للكتاب، مشيرين إلى أن هذا الحضور ساهم في تعريف الجمهور اليوناني على الأدب الخليجي المعاصر، وفتح أفقاً واسعاً على أدب الخليج العربي كاملاً، من خلال مشاركة أدباء مميزين من دولة الإمارات العربية المتحدة.