صدر، أخيراً، كتاب: «دوستويفسكي ونيتشه: فلسفة المأساة»، عن مركز أبوظبي للّغة العربيّة، ضمن مشروع كلمة للترجمة، وهو من تأليف: ليف شستوف، ونقله إلى العربيّة إبراهيم إستنبولي.
وقد كان صدور كتاب: «دوستويفسكي ونيتشه: فلسفة المأساة»، في أولى طبعاته عام 1903، سبباً في ذيوع شهرة المؤلّف، وترسّخ اسمه بوصفه فيلسوفاً أصيلاً، ومفكراً ذا مكانة مرموقة في المشهد الثقافي الروسي، ناقش «شستوف» في هذا الكتاب فكرة فلسفة المأساة بوصفها مفهوماً فريداً، وعالجها على نحو يكشف عن توجّهاته الفلسفية الوجودية، ويظهر خلفياته الباطنية القروسطية التي أعلنت عن ولادتها الجديدة في أوروبا مطلع القرن العشرين، وطرح فكرة المعرفة القائمة على الطبيعة الغامضة، في مواجهة الفلسفة الوضعية والمعرفة الفلسفية العقلية، معلناً بذلك عن موقف مناهض لسلطة العقل، ورافضاً للمعرفة القائمة على قمع العنصر الشخصي المتعلّق بهوية الإنسان، وقد عالج هذه الإشكالية الفلسفية من خلال التحليل المقارن بين إبداع كل من الأديب الروسي «دوستويفسكي» والفيلسوف الألماني «نيتشه»، وتوصّل إلى نتائج وخلاصات مهمّة تساعد أيضاً على صياغة وجهة نظر جديدة ومغايرة حول إبداع «دوستويفسكي» وشخصيته، وتساعد في فهم التقلّبات الفكرية في أعمال «نيتشه» الناجمة عن انكسارات في طبيعته السيكولوجية العميقة.
ويتحدّث الكتاب عن عملاقين في الثقافة العالمية: عملاق الأدب الروسي فيودور دوستويفسكي، وعملاق الفلسفة الألماني فريدريك نيتشه، وكلاهما كان، وما زال، يعدّ معياراً لثقافة الإنسان ونوعية قراءاته، كما يكشف الناقد والفيلسوف شستوف لنا بعينه النقدية الثاقبة والخبيرة ما لا تراه عين القارئ العادي، سواء في روايات دوستويفسكي التي تغوص في أعماق النفس البشرية، أو في أبحاث نيتشه الفلسفية حول الجمال والعدمية، فهو يلقي الضوء على كثيرٍ من الجوانب التي نجهلها في الإبداع الروائي عند دوستويفسكي، وكثير من اختراقات نيتشه في فلسفة الوجود والعدم والجمال.