تشكل الفنون الشعبية في دولة الإمارات العربية المتحدة، جزءاً من ثقافة وتاريخ الدولة العريقين، الأمر الذي يشكل هوية كل مواطن إماراتي، وتتنوع مضامين وألوان الفنون الشعبية، طبقاً لاختلاف البيئة والسكان، لكنها تجتمع في نقطة كون أنماطها وجذورها الأكثر رسوخاً في الذاكرة، والأمتن صلة بالوجدان العام، خصوصاً أنها استمدت ميزاتها من سكان المكان، وتطورت من خلالهم عبر الزمن لتعكس حقائق المكون الجمالي في مضمون الفنون الشعبية الإماراتية، فطبقاً لرأي الباحثين، يجب أن يكون الفن الشعبي صادراً من البيئة.

قصص وجذور

وتمثل كل وصلة غنائية، قصة غنية تسرد فخر الإماراتي بهويته، واعتزازه بنفسه وببيئته، كما توضح صلته بالعالم الخارجي المحيط به، عبر امتزاج الفنون الشعبية المحلية، بفنون دول الخليج العربي، وكذا فنون البيئات الأفريقية والآسيوية، وذلك عبر التجارة البحرية، وارتحال أبناء الإمارات إلى سواحل شرق أفريقيا، منذ عشرات السنين، وهذا لا يمنع كون فنون الإمارات الشعبية احتفظت بخصوصيتها ومذاقها المحلي.

وتمثل الموسيقى جزءاً من التراث الشعبي لدولة الإمارات، إذ تمارس «الفنون الشعبية» لدوافع وحوافز كثيرة، فالموسيقى والاستعراضات الفنية الشعبية ازدهرت وتطورت في أماكن مختلفة من الإمارات، ومن أهمها الفنون الشعبية الاستعراضية، التي تتميز بأنها تقام عادة في الساحات والأماكن المفتوحة، وتؤدى في المناسبات الاجتماعية والوطنية.

الآلات الشعبية

وعلى اختلاف الفنون الاستعراضية الشعبية الموجودة في الإمارات، يمكن حصر العديد من الآلات المصاحبة لها، والتي يختلف استخدامها باختلافها، إذ توجد آلات مميزة لكل فن، فالآلات الموسيقية المصاحبة للعيالة جميعها من نوع الطبول، ولا يوجد فيها آلات وترية، ذلك لأن أصواتها منخفضة، ويصعب التعامل معها في أجواء الحماسة التي تسود احتفالات العيالة. وتضم الآلات الموسيقية التقليدية التي تشترك في أداء مختلف الفنون في الإمارات، ثلاثة أنواع: الدفوف والطبول، بأشكالها وأحجامها المختلفة.

ومنها ما يعزف عليه بعصا صغيرة، أو باستخدام كف اليد، أو عبر النقر بالأصابع، وهي أصلاً عبارة عن آنية مصنوعة من الفخار، كانت تستخدم لحفظ الماء، ثم استخدمت كآلة إيقاع يضرب على جدارها بالأصابع والكف، فتصدر عن تجويفها أصوات مختلفة، حسب إيقاع الكف والأصابع وحجم الإناء. أما آلات النوع الثاني، فهي آلات النفخ التي تحدث أصواتاً عن طريق النفخ. وهناك الآلات الوترية التي يعزف عليها بالقوس، وتصدر أصواتاً محددة، وهي مثل: الربابة والطنبورة.

وتشترك هذه الأنواع الثلاثة، في أداء أغاني الأعراس في الإمارات، وتشكل القاسم المشترك في كل فن جماعي، وتعد من أقدم الآلات الموسيقية العربية، وتختلف في طريقة صنعها، فـ «الطار» مثلاً، تعود جذوره إلى ما قبل أيام الجاهلية، وكان يعرف حينها بـ «الصنج»، أي الطبل، وسمي النابغة الذبياني، الشاعر الجاهلي، صناجة العرب، لأنه كان يقرأ شعره على قرع الدفوف، ويصنع الطار من حزام خشبي، يشد عليه من وجه واحد، جلد حيوان مدبوغ، وربما عليه توضع قطعة نحاسية بحجم الدرهم، تلف على محيط الدف، لمنحه رنيناً مشاركاً.

والدف نوعان، الأول مربع والثاني مستدير، وأما الرحماني، فهو طبل كبير يضرب باليد، ويقال له «الدمام». ومصدره الهند، ويصنع عادة من جلود الحيوانات التي تشد على تجويفين من الخشب. أما الجاسر، فيقال عنه «التشاسر»، ويمثل طبلاً صغيراً يضرب بالعصا ويعطي صوتاً حاداً تسمعه الأذن من مسافة بعيدة.

ويشبه الرحماني في بعض خصائصه «السماع» الذي يعطي صوتاً مشابهاً للرحماني وربما يضرب بالعصا ويصنع من جلود الحيوانات ومن الآلات المستخدمة أيضاً، «الطاسة» وتسمى أيضاً الطويسات، وتتألف من قطعتين من النحاس الأصفر، مصنوعتين على شكل نصف كرة لها حواف مسطحة وتصدر القطعتان عند التصاقهما، صوتاً حاداً عالياً، يسمع من بعيد.

أشهر الرقصات

تضم قائمة الرقصات الشعبية باقة متنوعة، ولكن من بين أبرزها:

العيالة: وهي عبارة عن فن استعراضي شعبي يؤدى عن طريق تشكيل صفين متقابلين من الرجال، بحيث يمسك كل رجل بيد الآخر، وتتوسطهما فرقة موسيقية تقوم بالضرب على الطبول والدفوف والآلات النحاسية، بقيادة رجل يحمل طبلة أسطوانية الشكل تسمى كاسر، وتعد من أهم الفنون الشعبية الإماراتية التي تجسد معاني القوة والفروسية والتلاحم.

اليولة: هي اسم فن استعراضي إماراتي يستهوي الشباب والأطفال على حدٍ سواء، وهي مشتقة من رقصة العيالة، ولكنها تطورت الآن لكي تمارس على أنغام موسيقية وإيقاعات حديثة وحماسية، إلى جانب رمي السلاح والتقاطه بطريقة احترافية.

الطارج: هو عبارة عن غناء بدوي، يتضمن وصفاً للطبيعة والحياة والأحداث والأمور العامة، ملحناً بطريقة عذبة تطرب الآذان. ويقال إن تأدية الطارج بطريقة سريعة تحفز الجمل على السير بطريقة أسرع، والعكس صحيح.

الردحة: وهي تشكل مزيجاً ما بين الغناء الشعبي والرقص، وتتم تأديتها من قِبَل النساء بعد حفلات الزفاف ليلاً أثناء مسيرهن إلى البيت.