يقودنا هذا الحوار الشيق مع الروائي أحمد الشويخات مؤلف رواية «الأمريكي الذي قرأ جلجامش» الصادرة حديثاً، وهي رواية شيقة تطرح قضايا إبداعية تاريخية تحكمها الذكريات القابعة في بهو الذاكرة القريبة من المكان، حيث الحرب والترجمة والشعر والملحمة والسيرة الضاجة بالحياة، رواية تسترجع الألغام المدسوسة في بحر السرد، والروائي أكاديمي ومترجم وقاص، حاصل على شهادة الدكتوراه في التربية وعلم اللغة وعلم اللغة الاجتماعي وتدريس اللغة الإنجليزية من جامعة ستانفورد. وتالياً نص حوار «البيان» معه:

كيف ترى عالم الرواية؟

الرواية الجادة كالمرأة، ساحرة ومستفزة، تنفتح دائماً على آفاق متجددة من الدهشة والجمال والتساؤلات. الرواية الفاتنة أيضاً لغز دائم كلما قرأته زاد غموضاً ووضوحاً في آن واحد، وفي هذا تتشابه مع المرأة الفاتنة.

في روايتك البديعة «الأمريكي الذي قرأ جلجامش»، عمق في الكتابة والخوض في المجهول، فهل كانت فكرة قديمة حتى أصبحت قلعتك الدائمة التي احتميت بها ثم كتبتها؟ أم كانت نافذة على مشاهدات آن أوان سردها؟

المشروع قديم منذ الحرب على العراق في عام 2003 وقد كتبتُ حينذاك مع من كتبوا (أوقفوا الحرب) لكن لا أحد يسمع، ظلت الأسئلة والتفكّر في علاقة الثقافة العربية متمثلة في العراق وجلجامش، بالثقافة الأمريكية ممثلةً الجيش الأمريكي وبطل روايتي «ديفيد بوكاشيو»، حتى جاء الوقت ليخرج بعض ذلك في الرواية التي لها من الذكريات الشخصية نصيب. أخيراً انتظمت القصاصات والتأملات والمسودات التي كتبتها على مدى سنوات في عمل واحد.

غذيتَ الرواية بمعرفتك من أدب وفنون، لكنك أسست أدباً يروض الترجمة والمكان واللغة، تحدث لنا عن فكرة الرواية؟

الرواية مروحة من الأفكار وعمودها الفقري استعادة جلجامش، لكن من يستعيده؟ وكيف؟ كأي شيء في الحياة في تصوري المنابع والمآلات هي الترجمة بمعناها الأنطولوجي (الوجودي)، أتفق في هذا مع رجب سمعان أحد شخصيات الرواية. والرواية تضيء على أزمة المثقف الفرد العابرة للحدود، كل هذا مجرد منظور أساس.

طاقة وعطاء

عشتَ بين السعودية والولايات المتحدة، وعشت كمعلم ومترجم وكاتب، لكنك اليوم تعيش في جزيرتك المفضلة، تاروت التاريخية، فبماذا تصف مدن الخليج العربي؟

كل قرى ومدن الخليج العربي عشقي الدائم كعشقي للصحراء وعالمها والذي هو صورة أخرى من صور البحر. الخليج العربي طاقة وعطاء متجدد عبر التاريخ وحكايات جمال وعشق وتفرد. ورسالتي لمثقفي الخليج العربي، وأنا واحد منهم، أن تاريخ الخليج واحد ومتنوع، وأن هناك عملاً ينتظرنا على صعد البحث والكتابة التاريخية والروائية والاجتماعية والمشروعات الثقافية المبتكرة. وأبناء الخليج العربي صانعو حضارات وفنون وعلوم.

ماذا سيكون مشروعك الأدبي القادم؟

أكتب رواية عن «سنة الطبعة» التي تحطمت فيها مئات السفن واستشهد عشرات آلاف البحارة. أما حبكة الرواية وعوالمها وامتداد أحداثها إلى الحاضر فليس وقت ذكرها الآن.