مثّل انضمام الإمارات والسعودية إلى مجموعة «بريكس» (BRICS)، نقلة استراتيجية لاقتصاد المجموعة، حيث تسهمان بأكثر من 3 تريليونات دولار في الناتج القومي للمجموعة، التي تشمل حالياً 11 دولة، كما تلعب الدولتان دوراً محورياً في المجموعة، بفضل مواردهما الضخمة، مثل النفط والطاقة، ودورهما الجيوسياسي المهم في المجموعة.
وأكدت ورقة بحثية حديثة لمركز «إنترريجونال» للتحليلات الاستراتيجية، ومقره أبوظبي، أن الإمارات والسعودية رسختا وضع مجموعة «بريكس»، منذ الانضمام رسمياً للمجموعة في يناير 2024، فيما تتوجه الأنظار إلى دور الدولتين الفاعل في المجموعة، خلال القمة الجديدة التي ستنعقد في البرازيل مطلع 2025، لا سيما في الاتجاه نحو تحقيق نظام اقتصادي يوفر فرصاً كبيرة للدول الأعضاء، لتحقيق توازن اقتصادي عالمي جديد.
وانضمت الإمارات والسعودية رسمياً إلى مجموعة «بريكس»، إلى جانب مصر وإيران وإثيوبيا، وذلك اعتباراً من 1 يناير 2024، بعد دعوة رسمية وُجهت خلال قمة «بريكس»، التي عقدت في أغسطس 2023 في جنوب أفريقيا، حيث وافقت الدول الأعضاء (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا)، على توسيع المجموعة، لتشمل هذه الدول الجديدة.
وقال مركز «إنترريجونال» إن هذا الانضمام عزز من نفوذ المجموعة على المستوى العالمي، خاصة في ما يتعلق بتجارة الطاقة، حيث يجمع التحالف بين أكبر منتجي الطاقة، وهما: السعودية والإمارات، وأكبر المستهلكين في الدول الناشئة. كما يتوقع أن يسهم التوسع في تعزيز اقتصاد وتجارة هذه الدول.
فوائد
ويقدم تجمع دول «بريكس» مجموعة من الفوائد الاقتصادية البارزة لأعضائه، منها: أن «بريكس» يسهل التجارة بين الدول الأعضاء باستخدام عملات محلية، ما يعزز الاستثمارات البينية، ويقلل التكاليف المرتبطة بتقلبات أسعار العملات.
كما يقدم بنك التنمية الجديد التابع لـ«بريكس» تمويلاً ميسراً لمشاريع البنية التحتية، والتنمية في الدول الأعضاء والدول النامية الأخرى. ويتيح تجمع «بريكس»، التي تضم منتجين كباراً للطاقة، مثل السعودية والإمارات وروسيا، تطوير استراتيجيات تعاون تسهم في استقرار أسواق الطاقة، وتعزيز أمنها.
ويسمح التعاون بين دول «بريكس»، التي تمثل حصة كبيرة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، بتشكيل نظام اقتصادي أكثر توازناً، وتقليل هيمنة الاقتصادات التقليدية الكبرى، مثل مجموعة السبع.
ويوفر التعاون بين الدول الأعضاء فرصاً لتبادل المعرفة والتكنولوجيا، خاصة في مجالات مثل الطاقة المتجددة، الزراعة، والصناعة. ويساعد التنسيق بين دول بريكس على توسيع أسواق الصادرات والاستثمارات، ما يعزز تنافسية اقتصادات الدول الأعضاء على المستوى الدولي.
علاقات
وأكد مركز «إنترريجونال» أن تحالف «بريكس» يسعى إلى تقوية العلاقات الاقتصادية الدولية لأعضائه، وتحقيق التنمية المستدامة، مع تمهيد الطريق لنظام اقتصادي عالمي أكثر تعددية وإنصافاً، لا سيما بعد انضمام 6 دول أخرى رسمياً إلى المجموعة، اعتباراً من يناير 2024، وهي: السعودية والإمارات ومصر وإيران والأرجنتين، والتي انسحبت لاحقاً بسبب التغير في السياسة الداخلية وإثيوبيا.
وأوضح المركز أن الإمارات والسعودية ستلعبان دوراً محورياً في دعم نجاح تجمع «بريكس»، من خلال عدة جوانب استراتيجية واقتصادية، أبرزها: تعزيز الاستثمارات المشتركة، حيث تمتلك الدولتان موارد مالية ضخمة، تتيح لهما تقديم استثمارات كبيرة في مشاريع البنية التحتية والتنمية داخل دول «بريكس»، ما يعزز أهداف التجمع لدعم التنمية المستدامة، مثل مشروعات الطاقة المتجددة وتطوير الصناعات.
وأضاف المركز أن الإمارات والسعودية ستلعبان دوراً رئيساً في سياسات الطاقة ضمن «بريكس»، حيث تمتلكان خططاً طموحة للاستثمار في الطاقة النظيفة والهيدروجين الأخضر، وهي مجالات تحظى باهتمام كبير من قبل بريكس. كما تسعى الدولتان إلى تعزيز التجارة البينية، ما يزيد من دور التجمع في التجارة العالمية، لا سيما مع تمتع الإمارات بمركز مالي عالمي، وسوق للاستثمار، يمكّن المجموعة من تعزيز آلياتها المالية، مثل بنك التنمية الجديد (NDB).
بوابة
وأشار مركز «إنترريجونال»، إلى أن الموقع الاستراتيجي والدور الدبلوماسي للإمارات والسعودية، يجعلهما بوابة للوصول إلى أسواق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ما يعزز من دورهما كقوى دبلوماسية وإقليمية، يسهم في تعزيز استقرار وأمن العلاقات بين دول «بريكس» والدول الأخرى، ومن خلال قوتيهما الاقتصادية وموقعهما الجيوسياسي، تعتبر الدولتان إضافة نوعية لتجمع «بريكس»، ما يدعم أهداف التجمع في تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة، وتعزيز التعاون بين الاقتصادات الناشئة.
وتصاعد أهمية تجمع «بريكس» في الاقتصاد العالمي، حيث باتت المجموعة تمثل أكثر من 45% من سكان العالم، واقتصاداتها تتجاوز 28.5 تريليون دولار، ما يعادل 28% من إجمالي الاقتصاد العالمي، وهو ما يتجاوز حصة مجموعة الدول السبع التي تضم 10% من سكان العالم، وما يعادل 26% من الاقتصاد العالمي، وتشير الإحصاءات إلى أن التجارة بين دول «بريكس» نمت بنسبة 14% خلال عام 2023، إلى نحو 683.5 مليار دولار.