سامح الليثي ومشعل العباس
شهد القطاع العقاري في الإمارات خلال عام 2024 أداء استثنائياً، أكد مكانة الدولة واحدة من أكثر الأسواق العقارية جاذبية على مستوى العالم، بدءاً من دبي، التي لا تزال تتصدر العناوين، بفضل صفقاتها المليارية ومشاريعها العملاقة، إلى أبوظبي التي تواصل تعزيز موقعها وجهة للاستثمار العقاري الفاخر، مروراً بالشارقة ورأس الخيمة، اللتين تشهدان توسعاً كبيراً في المشاريع السكنية والتجارية، وهو ما جعل الإمارات على موعد مع عام حافل بالإنجازات العقارية.
دبي وأبوظبي
وواصلت دبي، التي تعد القلب النابض للقطاع العقاري الإماراتي، ترسيخ مكانتها العالمية بإطلاق مشاريع جديدة، مثل الأبراج السكنية الفاخرة على الواجهة البحرية وقلب المدينة، ونجاحها في إبرام صفقات ضخمة على مستوى الشقق الفاخرة والفلل المميزة، والمكاسب التي تحققت في مناطق مثل نخلة جميرا، وبرج خليفة يعكس ثقة المستثمرين المحليين والدوليين بالسوق العقاري المتنامي، والجدير بالذكر أن مبيعات عقارات دبي خلال عام 2024 تجاوزت ذروة العام الماضي التاريخية، والمتوقع أن تبلغ أكثر من 500 مليار درهم مع نهاية العام الجاري.
أما أبوظبي فقد حافظت على وتيرة نموها العقاري المدعوم بتوجهها نحو التطوير المستدام، وإطلاق مشاريع سكنية وتجارية ضخمة على جزيرة ياس وجزيرة الريم، وفي مركز المدينة، كما استقطبت العاصمة استثمارات كبيرة، بفضل مبادرات حكومية تهدف إلى تعزيز البيئة الاستثمارية وتسهيل التملك الأجنبي، علماً بأن العاصمة سجلت صفقة بيع أغلى شقة في تاريخها بقيمة 137 مليون درهم في مارس الماضي.
الإمارات الأخرى
وسجل القطاع العقاري الشارقة نمواً ملحوظاً مع تنامي الطلب على المشاريع السكنية المتكاملة، التي تلبي احتياجات الأسر بأسعار تنافسية، بينما شهدت رأس الخيمة انطلاقة قوية مع مشاريع جديدة، تدعم رؤيتها في أن تصبح مركزاً سياحياً وسكنياً واعداً، كما لا تزال عجمان تحقق أرقاماً قوية على صعيد التصرفات العقارية، منذ مطلع العام الجاري، وبنمو قوي مقارنة بعام 2023.
هذا الزخم الكبير في القطاع العقاري لم يقتصر فقط على المشاريع والصفقات، بل شمل أيضاً تطورات تشريعية تهدف إلى تعزيز الشفافية، وجذب المستثمرين، مما يعكس الرؤية الاستراتيجية لدولة الإمارات لتكون الوجهة الأولى للاستثمار العقاري إقليمياً وعالمياً.
أداء قوي في دبي
وقال فرهاد عزيزي، الرئيس التنفيذي لمجموعة شركات «عزيزي للتطوير العقاري»: «أظهر سوق العقارات في دبي مرونة ملحوظة وأداء قوياً في العام 2024، مدفوعاً بالطلب المستمر على العقارات على الخريطة، وزيادة الاستثمارات الدولية، والظروف الاقتصادية المواتية».
وأضاف: «تشير بيانات دائرة الأراضي والأملاك في دبي إلى أن المبايعات العقارية في أول 11 شهراً من عام 2024 تجاوزت 437 مليار درهم، ما يعكس نمواً سنوياً قدره حوالي 33 %، كما تفيد تقارير «فاليوسترات» بزيادة سنوية تتراوح بين 15 % و18 % في أسعار الفلل، حيث تتصدر مناطق مثل «نخلة جميرا»، و«دبي هيلز» ومنطقة «ون» هذه الزيادة.
وفي الوقت نفسه شهدت أسعار الشقق في الأحياء الرئيسية نمواً يتراوح بين 8 % و12 %، نتيجة للطلب المتزايد على المعيشة الراقية، وتدفق المستثمرين الدوليين».
وأكد عزيزي أن مبيعات العقارات على الخريطة واصلت استحواذها على الحصة الأكبر من السوق، حيث شكلت حوالي 60 % من إجمالي المعاملات، مدعومة بخطط الدفع الجذابة،وإطلاق مشاريع جديدة بشكل مستمر، كما أظهرت تقارير «بروبرتي فايندر» ارتفاعاً بنسبة 8 إلى 10 % في عائدات الإيجار على الشقق والفلل، مما يؤكد مكانة دبي وجهة مفضلة للمغتربين والمستثمرين، الذين يسعون لتحقيق عوائد أعلى مقارنة ببقية العالم.
نمو قياسي
وقال رافي مينون، رئيس مجلس إدارة مجموعة «شوبا العقارية»: «إن سوق العقارات في دبي سجل نمواً قياسياً خلال عام 2024 مدفوعاً بزيادة الطلب على العقارات، وزيادة الكثافة السكانية، والمبادرات الحكومية الاستراتيجية التي تعزز من جاذبية الإمارة مركزاً استثمارياً عالمياً».
وأضاف مينون أن السوق حقق إنجازات لافتة هذا العام خاصة في قطاع العقارات الفاخرة، الذي استقطب اهتماماً كبيراً من المستثمرين الدوليين الباحثين عن عوائد مرتفعة ضمن بيئة آمنة ومستقرة.
وتوقع مينون أن يواصل السوق نموه في عام 2025 بفضل الأيقونات المعمارية الفريدة التي يجري تطويرها، والأطر التنظيمية المتينة، التي تضمن بيئة استثمارية مستقرة، إضافة إلى التحسينات المتواصلة للبنية التحتية، ونتطلع إلى ظهور فرص جديدة للنمو خاصة مع تزايد الطلب على العقارات المستدامة والذكية، التي تلبي تطلعات الأجيال القادمة.
نمط الحياة الفاخر
وقال عمران فاروق، الرئيس التنفيذي لشركة سامانا للتطوير العقاري: «شهد سوق العقارات في دبي خلال عام 2024 نشاطاً ملحوظاً مدفوعاً بمجموعة من العوامل، فقد أسهم النمو الاقتصادي القوي للإمارات، المتوقع أن يصل إلى بنسبة 4.5 % في عام 2024، في بث الثقة بين المستثمرين، كما يعزز هذا النمو تنوع الاقتصاد، حيث تسهم قطاعات رئيسية مثل السياحة والخدمات اللوجستية والتمويل فيه بشكل كبير».
وأضاف فاروق: «علاوة على ذلك شهدت دبي تدفقاً كبيراً للاستثمارات الأجنبية، مدفوعاً بقوانين الملكية الميسرة وفرص الاستثمار الجذابة، وقد تجلى ذلك بشكل خاص في قطاع العقارات الفاخرة، حيث استقطب نمط الحياة الفاخر، الذي توفره المدينة والعقارات الحصرية الأثرياء والمشاهير حول العالم».
وتكشف البيانات، بحسب فاروق، زيادة بنسبة 30 % على أساس سنوي في حجم معاملات القطاع العقاري، خلال النصف الأول من عام 2024، وقد انعكست هذه الزيادة في حركة البيع على ارتفاع الأسعار في مختلف القطاعات، حيث شهدت كل من الشقق والفلل زيادات كبيرة.
وبالنسبة لعام 2025 توقع فاروق أن يستمر الزخم الإيجابي في سوق العقارات في دبي، خلال عام 2025، حيث تستمر العوامل الاقتصادية، التي تدعم السوق العقارات، ومن المتوقع ارتفاع أسعار المنازل بنسبة 8 % والعقارات الفاخرة بنسبة 5 % نظراً لتجاوز الطلب المعروض.
وتشير التوقعات إلى طلب يتراوح بين 30 ألفاً و57 ألف منزل، في حين أنه من المتوقع تسليم 53 ألفاً فقط، كما يشهد سوق العقارات الفاخرة طلباً أقوى، حيث تم بيع 83 عقاراً تزيد قيمتها على 10 ملايين دولار في عام 2024، ويتجاوز الطلب العرض بنسبة 65 %، هذا الطلب القوي، إلى جانب المبيعات القياسية في الربع الثالث من عام 2024، التي بلغت 116.88 مليار درهم، يرسخ النظرة الإيجابية لسوق العقارات في دبي في العام 2025.
وقال عامر خانصاحب الرئيس التنفيذي وعضو مجلس إدارة الاتحاد العقارية: «إن السوق العقاري في دبي استمر بتحقيق أداء استثنائي خلال عام 2024 مدعوماً بجاذبيته الفريدة، وواصل قطاع العقارات ترسيخ مكانة دبي بصفتها وجهة عالمية للمستثمرين والمطورين العقاريين المحليين والعالميين، بفضل الاستثمارات الاستراتيجية الكبيرة، والطلب المحلي والدولي المتنامي».
وأضاف خانصاحب: «لعبت المبادرات والاستراتيجيات الحكومية، مثل «استراتيجية دبي للقطاع العقاري 2033»، والمشاريع الكبرى، والبنية التحتية المتطورة، دوراً محورياً في تحفيز النمو وتعزيز الثقة في القطاع، كما أن هذه العوامل تدعم التوجهات كافة لإطلاق مشاريع مبتكرة، تركز على التطوير المستدام والعقارات الذكية، بما يتماشى مع الاتجاهات المستقبلية للسوق العقاري».
وتوقع خانصاحب أن يواصل السوق العقاري زخمه مدفوعاً باستقرار الاقتصاد المحلي، والبيئة الاستثمارية المحفزة، ومع التحول الرقمي المتسارع واعتماد التكنولوجيا الحديثة في إدارة العقارات، ستظل دبي وجهة مفضلة للاستثمارات العقارية، ما يدعم خططنا المستقبلية، ويعزز دورنا شريكاً استراتيجياً في نمو القطاع.
أوضح مسؤولو كبريات الشركات العقارية في الإمارات أن توقعات نمو الاقتصاد المحلي، والتي تتجاوز 4 % خلال العام المقبل بمثابة عجلة مسرعة لنشاط القطاعات الاقتصادية الإستراتيجية بالدولة، وبمقدمتها القطاع العقاري.
توقعات إيجابية
وأفاد الرئيس التنفيذي لشركة «إمكان»، سويدان الظاهري، بإيجابية التوقعات الاقتصادية للدولة، خلال العام وتأثيراتها الطردية على القطاعات المحلية، حيث تشير أحدث التقارير الاقتصادية للبنك الدولي بأن يرتفع يحقق الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات من 3.3 % في عام 2024 إلى 4.1 % في عام 2025.
وتوقع الظاهري أن تسهم تلك المؤشرات الاقتصادية القوية في مواصلة قطاع العقارات زخمه ونموه في عام 2025، فالإمارات كونها وجهة موثوقة ومستقرة للمستثمرين، بما توفره من بيئة محفزة وآمنة للاستثمار تعزز من جاذبيتها لرؤوس الأموال، وخاصة من المستثمرين العقاريين.
وذكر الظاهري أن أبوظبي شهدت في عام 2024 إطلاق العديد من المشاريع السكنية الجديدة على الخريطة في مواقع مثل جزيرة «رمحان» وجزيرة «الحديريات» وجزيرة «ياس»، وغيرها، مع وجود المزيد من المشاريع الأخرى المتوقع أن تتسارع وتيرة تنفيذها وتوسعها في عام 2025 وما بعده.
وأشار إلى أن محفظة أعمال «إمكان» تتضمن إطلاق مرحلة جديدة من مشاريع التطوير، خلال العام المقبل، ولا سيما عبر تطوير منطقة الجرف، التي باتت تتمتع بثقة واسعة من جانب المستثمرين مع توفير عوامل الرفاهية، وارتفاع عوائد الاستثمار.
جاذبية الإمارات
وأوضح الرئيس التنفيذي لشركة «بلووم القابضة»، كارلوس واكيم، أن الشركة حققت خلال 2024 إنجازات بارزة في قطاعات العقارات والتعليم والفنادق سواء محلياً أو دولياً، حيث أطلقت مراحل متعددة من مشروعها الرائد «بلووم ليفينج» المجمع السكني العصري والمتكامل في أبوظبي، كما تم الإعلان عن تطوير المشروع السكني الفاخر «مابيل ماربيا ريزدنسز» في إسبانيا، والذي يعد خطوة مهمة نحو التوسع الدولي، فيما تتطلع الشركة إلى تحقيق إنجازات كبيرة في 2025، من خلال إطلاق المراحل المتبقية من مشروع «بلووم ليفينج»، وتسليم المرحلة الثانية توليدو، خلال الربع الثاني من العام مع التركيز على الجودة والكفاءة.
وأوضح أن العام الجاري أسهم بفائض بلغ 40 % في الإيرادات القابضة مقارنة بالعام الماضي، وأسهم بترسيخ مكانة الشركة واحدة من أبرز المطورين العقاريين في الدولة، مع تعزيز قدرتها على التكيف مع متطلبات السوق وتقديم حلول مبتكرة، تلبي احتياجات العملاء المتطورة.
وأضاف أن السوق العقاري الإماراتي بات أحد أهم الأسواق الرائدة في العالم، بما يتوقع معه استمرار الإقبال على شراء وتملك العقارات، خلال العام المقبل ليس فقط لارتفاع معايير العقارات المحلية بل لجاذبية الدولة وجهة للعيش أيضاً وبيئة مفضلة للاستقرار والاستثمار والاقتصاد المستدام، الذي يعزز ثقة المستثمرين، ويساعدهم في التخطيط طويل الأمد، إلى جانب ما يتمتع به السوق المحلي من فرص قوية خصوصاً في قطاع الاستثمار والتطوير العقاري.
وذكر أن توقعات العام المقبل تعزز استمرارية نمو السوق العقاري مع ارتفاع الطلب على مختلف أنواع العقارات، وفي المقابل سترتفع أسعار الإيجارات بشكل معتدل مدفوعة بالطلب المستمر نتيجة زيادة عدد المقيمين الجدد.
أداء قوي في الشارقة
وحقق القطاع العقاري في الشارقة أعلى قيمة تداول شهرية خلال أكتوبر الماضي بـ 4.4 مليارات درهم، فيما وصل عدد المعاملات الكلي إلى 4883 معاملة، وبلغ الحجم الإجمالي للمساحة المتداولة في معاملات البيع 14 مليون قدم مربعة، وذلك حسب ما كشف عنه «تقرير حركة التداولات العقارية»، الذي أصدرته دائرة التسجيل العقاري بالشارقة.
ولا يزال السوق العقاري في الشارقة يحقق أداء قوياً، منذ مطلع العام الجاري، حيث ارتفع حجم تداول القطاع العقاري في الشارقة خلال النصف الأول من عام 2024 بنسبة 35.6 % مقارنة بنفس الفترة من العام 2023، مسجلاً 18.2 مليار درهم، ويعود ذلك للارتفاع المطرد في عدد معاملات البيع، حيث بلغت 10809 معاملات مقارنة بـ 6592 معاملة لنفس الفترة من العام الماضي.
ومن المتوقع أن يسجل السوق العقاري في الإمارة ذروة جديدة من المبيعات مع نهاية العام الجاري، ولا سيما مع الطلب القوي من فئة العائلات على العقارات السكنية بالإمارة، إلى جانب الزخم القوي لإطلاق المشاريع الجديدة في الإمارة وثقة المستثمرين الكبيرة بمرونة القطاع العقاري في الإمارة وعوائده الاستثمارية الجذابة.
جزيرة المرجان
كما يشهد سوق العقارات في رأس الخيمة نمواً غير مسبوق، حيث يُتوقع أن ترتفع أسعار العقارات بنسبة 10 و15 % في عام 2024 بعد الزيادة الملحوظة، التي بلغت 50 % في عام 2023.
ويعزو خبراء العقارات هذه الطفرة إلى منتجع وين جزيرة المرجان المرتقب، المقرر افتتاحه في عام 2027، والذي يحفز اهتمام المستثمرين، ويغير المشهد في الإمارة، ويبدو أن أنظار جميع المستثمرين على المشاريع المذهلة، التي يجري تطويرها في رأس الخيمة، حيث أعلن كبار المستثمرين في الدولة مثل «إعمار» و«دبي للاستثمار» و«داماك» عن العديد من المشاريع الكبيرة، والتي من المتوقع أن تسلم خلال السنوات الثلاث المقبلة.