مكاسب قوية لـ«وول ستريت» في أسبوع الحرب التجارية

محمد فرج ومحمد أبوزيد

شهدت الأسواق العالمية أسبوعاً شديد التقلب، كتبت خلاله فصولاً من دراما الأسواق المالية، وسط تقاطعات متسارعة بين التصريحات السياسية والبيانات الاقتصادية وتقلبات المؤشرات الاقتصادية، بعد زلزال الرسوم الجمركية، والقلق من حرب تجارية جديدة متصاعدة.

ولم تعرف الأسواق الهدوء في أسبوع التداول المنتهي في 11 أبريل الجاري، وسط تطورات متسارعة وعنيفة، من عناوين الرسوم الجمركية الرئيسة التي أثارت فزع الأسواق، إلى انتشاء المستثمرين بإرجاء التعريفات، والمخاوف المرتبطة بتداعيات حرب الرسوم المتبادلة بين أكبر اقتصادين في العالم.

وخلال الأسبوع، كانت الأسهم الأمريكية تركض في مضمار مضطرب، حيث صعدت المؤشرات بقوة بعد هبوط، ثم سقطت بعنف، قبل أن تعاود النهوض من جديد في الجلسة الختامية. بينما لم تسلم أوروبا من الارتدادات، وكذلك الأسهم اليابانية، التي واجهت تقلبات حادة ومتسارعة.

وفي الخلفية، كانت شركات التكنولوجيا تكتب قصة أخرى، مع مكاسب ضخمة تتحدى موجة القلق العالمي بعد تصريحات ترامب، فيما تكشفت أولى ملامح موسم أرباح الشركات الكبرى الفصلية، وسط الضباب الكثيف المسيطر على الأسواق.

تقلب «وول ستريت»

شهدت «وول ستريت» واحداً من أكثر أسابيع التداول تقلباً على الإطلاق، بدت فيه وكأنها تسير على حبل مشدود، تحت ضغط التطورات المتتابعة بشأن الرسوم الجمركية، والحرب التجارية التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وبرغم التقلبات، تمكنت الأسهم الأمريكية من تحقيق مكاسب أسبوعية قوية، بعد الارتياح الذي شهدته السوق مع إعلان ترامب عن تأجيل فرض الرسوم 90 يوماً، ثم إعلان البيت الأبيض يوم الجمعة عن تفاؤله بشأن التوصل لاتفاق مع الصين، بعدما رفع الرسوم عليها إلى 145 %.

وسجل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» مكاسب أسبوعية بلغت 5.7 %، ليغلق عند 5363.36 نقطة، مسجلاً بذلك أفضل أداء أسبوعي منذ شهر نوفمبر 2023. كما سجل مؤشر «ناسداك» المركب -الذي أنهى التعاملات عند مستوى 16724.46 نقطة- أفضل أسبوع من نوفمبر 2022، ليرتفع بنسبة 7.3 %، وهو أفضل أداء أسبوع.

كذلك حقق مؤشر «داو جونز» الصناعي مكاسب بنحو

5 %، منهياً تعاملات الأسبوع عند مستوى 40212.71 نقطة، بعدما أضاف أكثر من 600 نقطة خلال تعاملات جلسة ختام الأسبوع الجمعة.

تطورات متسارعة

وكانت «وول ستريت» قد شهدت تطورات متسارعة خلال الأسبوع، لا سيما في الأيام الثلاثة الأخيرة، عندما سجلت قفزة تاريخية يوم الأربعاء، بعد الإعلان عن تأجيل تطبيق الرسوم، ليرتفع «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 9.52 %، و«ناسداك» 12.5 %، و«داو جونز» 7.9 %، وذلك قبل أن تمحو المؤشرات مكاسبها في اليوم التالي، الذي شهد تراجع «ستاندرد آند بورز 500» بنحو 3.46 %، و«ناسداك» 4.31 %، و«داو جونز» 2.5 %. وفي جلسة ختام الأسبوع، عاودت المؤشرات الثلاثة إلى المنطقة الخضراء.

ومن بين أبرز التطورات التي شهدها الأسبوع أيضاً، بدء موسم تقارير الأرباح الفصلية، للربع الأول من العام الجاري، والذي شهد تسجيل البنوك الكبرى «جيه بي مورغان» و«مورغان ستانلي» و«ويلز فارغو»، أرباحاً أفضل من المتوقع.

وارتفع مؤشر التقلبات VIX إلى ما يزيد على 50 في وقت سابق من الأسبوع، قبل أن ينخفض إلى حوالي 37 الجمعة. كما أظهر مؤشر ثقة المستهلك من جامعة ميشيغان، تراجع ثقة المستهلك الأمريكي بشكل أسوأ من المتوقع في أبريل، مع وصول معدل التضخم المتوقع إلى أعلى مستوى له منذ 1981. وارتفع مؤشر أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة بنحو 2.4 % في مارس على أساس سنوي، مقارنة بزيادة 2.8 % في فبراير، ومقابل توقعات بنسبة 2.5 %، وعلى أساس شهري انكمش التضخم في 0.1 %، بعكس التوقعات بأن يرتفع 0.1 %، بحسب البيانات الصادرة الخميس.

وتمكنت أسهم التكنولوجيا من الخروج من أسبوع الرسوم الجمركية بمكاسب أسبوعية، بصدارة «إنفيديا» التي شهدت أسهمها ارتفاعاً أسبوعياً بأكثر من 17.5 %، كما ارتفعت أسهم «أمازون» بأكثر من 8 %، وقفزت أسهم صانعة الآيفون «أبل»، وكذلك شركة تسلا بأكثر من 5 % لكل منهما. وقفزت أسهم «ميتا» بنحو 7.7 %.

واستفادت أسهم «ترامب ميديا» من الدعم الذي حظيت به من الرئيس الأمريكي، والذي غرّد مستخدماً اسم الشركة عبر منصته على «تروث سوشيال» يوم الأربعاء الماضي، قائلاً إنه «حان وقت الشراء»، ما كان داعماً للسهم للارتفاع بنحو 10.53 %.

محصلة حمراء للأسهم الأوروبية

فيما لم تنجُ «الأسهم الأوروبية» من المخاوف المتصاعدة بشأن تداعيات الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، لتسجل تراجعات جماعية في أسبوع شديد التقلب. وفي هذا السياق، تراجع المؤشر الأوروبي بنحو
1.9 % خلال تعاملات الأسبوع، مغلقاً عند مستوى 486.80 نقطة. كما تراجع مؤشر «داكس» الألماني بنسبة 1.5 %، مغلقاً عند مستوى 20374.10 نقطة.

كذلك تراجع مؤشر «كاك» الفرنسي بنسبة 2.34 %، منهياً تعاملات الأسبوع عند مستوى 7104.80 نقاط. وتراجع مؤشر فوتسي البريطاني بنحو 1.12 %، منهياً تعاملات الأسبوع عند مستوى 7964.18 نقطة، رغم بيانات رسمية أظهرت أن الاقتصاد البريطاني سجل نمواً -بأكبر من التوقعات- بنسبة 0.5 % على أساس شهري في فبراير.

ومن المقرر أن يتوجه مفوض التجارة بالاتحاد الأوروبي، إلى واشنطن اليوم، لإجراء مفاوضات تجارية وجمركية، ضمن مساعي الطرفين لحسم الملفات الخلافية، وتجاوز أزمة الرسوم باتفاقات جديدة.

اضطراب حاد في بورصة اليابان

وشهدت الأسهم اليابانية اضطرابات حادة على مدار الأسبوع، بدأها مؤشر «نيكاي» بتراجع واسع -إلى أدنى مستوى له في 18 شهراً- في مستهل تعاملات الأسبوع، قبل أن يرتفع بحوالي 6 % في جلسة يوم الثلاثاء، ثم عاود التراجع مجدداً يوم الأربعاء، قبل أن يرتفع الخميس بنسبة 9 % (في أكبر مكسب يومي منذ أغسطس الماضي)، ثم ينخفض بنحو 3 % الجمعة.

وأنهى المؤشر الياباني تعاملات الأسبوع عند مستوى 33585.58 نقطة، وبما يشكل تراجعاً محدوداً بنسبة  0.6 %، مقارنة بمستوى إغلاق الأسبوع الماضي، مع تقييم المستثمرين المخاطر الناجمة عن سلسلة من عناوين الرسوم الجمركية المتبادلة.