ميناء جبل علي.. محرك رئيسي للتجارة والتصنيع في دبي

يشكل ميناء جبل علي ركيزة أساسية في قطاع النقل والخدمات اللوجستية في دبي، الذي يعد ثاني أكبر مساهم في الناتج المحلي الإجمالي للإمارة في عام 2023، حيث حقق القطاع نمواً لافتاً بنسبة 9.2%، تبعه توسع بنسبة 5.6% في الربع الأول من عام 2024، مما يعكس دوره المحوري في تعزيز اقتصاد دبي المتنامي، وذلك وفقاً لتقرير حديث لبنك الإمارات دبي الوطني.

ومع توجه الحكومة ضمن أجندة دبي الاقتصادية D33 لتحويل دبي إلى واحد من أكبر خمسة مراكز لوجستية في العالم، يبقى ميناء جبل علي عنصراً رئيسياً يساهم ليس فقط في قطاع النقل، بل في دعم التجارة غير النفطية وتوسيع نطاق القطاعات الحيوية مثل تجارة الجملة والتجزئة والتصنيع.

ففي عام 2023، سجل الميناء مناولة 14.5 مليون حاوية نمطية، مما أعاده إلى قائمة أكبر 10 موانئ حاويات في العالم بعد غياب دام سنوات، وفي ظل استمرار نمو إنتاجية ميناء جبل علي هذا العام فإن «عملاق اللوجستيات» تفوق بسهولة على أكبر المرافق الأوروبية، كما تتعزز مكانته كمركز عالمي رئيسي لتجارة الترانزيت بفضل موقعه الجغرافي المميز وروابطه مع أكثر من 600 ميناء حول العالم.

وأدت الاضطرابات في البحر الأحمر إلى زيادة حجم المناولة في جبل علي، الذي يمتاز بإمكاناته الاستيعابية الكبيرة وقدرته على التكيف، حيث أطلق بدائل برية جذابة للتغلب على التحديات، وإلى جانب دور الميناء في استيراد السلع لدبي وتسهيل الصادرات، يمثل جزءاً حيوياً من خطة التطوير المستقبلي لقطاع التصنيع، مدعوماً بالمنطقة الحرة المجاورة التي شهدت نمواً ملحوظاً في معدلات الإشغال.

عنصر أساسي

يعد ميناء جبل علي مكوناً رئيسياً لقطاع النقل والخدمات اللوجستية في دبي، وهو ثاني أكبر قطاع من حيث حصته في الناتج المحلي الإجمالي (11.5% في عام 2023)، في الربع الأول من عام 2024، ارتفع الناتج المحلي الإجمالي للنقل والتخزين بنسبة 5.6% على أساس سنوي، وهو ثاني أسرع القطاعات نمواً، جاء ذلك بعد توسع بنسبة 9.2% في عام 2023.

وباعتباره حصة كبيرة من الاقتصاد الذي يتوسع أيضاً بسرعة، كان النقل والتخزين محركاً رئيسياً لنمو الناتج المحلي الإجمالي الرئيسي لدبي في الأرباع الأخيرة (كما يشمل شركات الطيران الوطنية، وقد قادت الكثير من التوسع الأخير، ولكن مع ارتفاع الإنتاج في جبل علي فقد لعب أيضاً دوراً مهماً).

وكجزء من أجندة دبي الاقتصادية D33، تهدف الحكومة إلى تطوير دبي لتصبح «من بين أكبر 5 مراكز لوجستية عالمية»، وجبل علي هو عنصر أساسي في هذا، ويساهم الميناء بالفعل في الاقتصاد ليس فقط في حد ذاته، بل أيضاً من خلال تسهيل النمو في التجارة غير النفطية والقطاعات مثل تجارة الجملة والتجزئة (25.3% من الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي) والتصنيع (8.5%).

التفوق على المرافق الأوروبية

في عام 2023، بلغ إجمالي مناولة الحاويات في جبل علي 14.5 مليون حاوية نمطية قياس 20 قدماً، بزيادة 3.7% على أساس سنوي وأكبر رقم مناولة منذ عام 2018، أعاد إجمالي مناولة الحاويات لعام 2023 الميناء إلى قائمة أكثر 10 مرافق مناولة حاويات ازدحاماً على مستوى العالم لأول مرة منذ خروجه من الترتيب في عام 2019.

ويبدو النمو قوياً بشكل مماثل هذا العام، حيث بلغت أحجام النصف الأول 7.3 ملايين حاوية نمطية، بزيادة 3.9% على أساس سنوي، وكان النصف الثاني بداية جيدة، حيث تعامل الميناء مع رقم قياسي شهري جديد بلغ 1.4 مليون حاوية نمطية في يوليو، متجاوزاً الرقم القياسي المسجل منذ فترة طويلة من عام 2015.

ونما إجمالي مناولة الحاويات العالمي بنسبة 0.3% فقط في عام 2023 وفقاً لشركة Drewry Global، ومن المتوقع أن يتوسع بنسبة 4.8% هذا العام، ومن حيث المقارنة العالمية، فإن نمو إنتاجية ميناء جبل علي هذا العام كان أقل من نمو أكبر الموانئ الصينية، لكنه تفوق بسهولة على أكبر المرافق الأوروبية.

مركز عالمي لتجارة الترانزيت

هناك عدد من العوامل تدعم النمو في جبل علي، أولاً، ليست كل الأحجام التي تتم مناولتها في الميناء قادمة من السوق المحلية أو متجهة إليها، بل إن الميناء يسهل تجارة الترانزيت بشكل كبير، حيث يتم تحويل الحاويات من سفينة تسير في مسار إلى أخرى متجهة إلى مكان آخر، ويتمتع جبل علي بوضع قوي للقيام بذلك نظراً لموقعه الجغرافي عند نقطة التقاء ثلاث قارات، وارتباطاته بأكثر من 600 ميناء حول العالم، وقدرته على التعامل مع أكبر سفن الحاويات على الماء، مما يوفر اقتصاديات الحجم لشركات الشحن التي تستخدم المنشأة.

اضطرابات البحر الأحمر

من المرجح أيضاً أن يشهد جبل علي حركة مرورية أعلى بسبب الاضطرابات المستمرة في حركة الشحن في البحر الأحمر بسبب الهجمات على سفن الشحن، وقد أعادت شركات الشحن توجيه خدماتها من الشرق إلى الغرب بعيداً عن الإبحار عبر باب المندب وقناة السويس، حيث انخفض عدد سفن الشحن بالحاويات التي تمر عبر الممر المائي من الشمال إلى الجنوب كل أسبوع إلى حوالي 13 سفينة فقط من أكثر من 50 سفينة في السابق.

وفي حين كانت معظم الشحنات المعطلة تبحر حول رأس الرجاء الصالح في الطرف الجنوبي من أفريقيا، فإن بعض الأحجام لوجهات مثل جدة أو الأردن كانت تمر براً من أو إلى جبل علي، مع إطلاق خدمات عبور جديدة من الميناء من قبل شركات مثل هاباج لويد.

ويضيف الإبحار حول رأس الرجاء الصالح من جبل علي إلى بورسعيد، أكبر ميناء في شرق البحر الأبيض المتوسط، 8500 ميل بحري إلى الرحلة المعتادة عبر قناة السويس، مما يجعل البدائل البرية أكثر جاذبية.
يتمتع جبل علي بمكانة جيدة للاستفادة من الطلب الإضافي، سواء من حيث موقعه الجغرافي أو من حيث قدرته الاحتياطية الكبيرة، ويبلغ الحد الأقصى السنوي لمناولة الحاويات في الميناء 19.3 مليون حاوية نمطية، وهو ما يفوق بكثير مستويات الإنتاج الحالية.

نمو الطلب المحلي

من المرجح أيضاً أن يكون الطلب المحلي هو المحرك للنمو في الميناء، فقد توسع عدد سكان دبي على مدار السنوات العديدة الماضية بعد الوباء، كما يتضح من المؤشرات البديلة مثل ارتفاع حسابات هيئة كهرباء ومياه دبي، والالتحاق بالمدارس، واشتراكات الهاتف المحمول.

وسيؤدي هذا إلى زيادة الطلب على السلع التي يتم تسليمها في حاويات، سواء كانت أثاثاً أو إلكترونيات أو أي احتياجات يومية أخرى، كما يساعد الميناء في تسهيل الصادرات، ومع تركيز الحكومة على تطوير قطاع التصنيع على وجه الخصوص، سيصبح هذا الأمر أكثر أهمية في السنوات المقبلة.

الصناعة والروابط الدولية

إن تعزيز التصنيع، الذي نما بنسبة 2.3% العام الماضي، هو محور رئيسي آخر لخطة D33، وجبل علي مهيأ جيداً للمساهمة في ذلك نظراً للمنطقة الحرة المجاورة.

وبحسب موانئ دبي العالمية، فقد ارتفعت معدلات الإشغال في «جافزا» في النصف الأول من هذا العام، حيث بلغت نسبة الإشغال في المستودعات الآن 96%، مقارنة بـ 93% في العام الماضي، ووصلت نسبة الإشغال في المكاتب إلى 83%، مقارنة بـ 70% في السابق، وارتفع إجمالي عدد الشركات في المنطقة الحرة إلى 10500 شركة، مقارنة بـ 9700 شركة في العام السابق.

كما تتمتع منطقة جبل علي بروابط نقل متعددة الوسائط قوية مع مراكز التصنيع الأخرى ومطارات الإمارات، كما سيدعم جبل علي تركيز الإمارات على تعزيز العلاقات التجارية مع الدول في جميع أنحاء العالم.

وتعد اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة الموقعة مع أستراليا في نوفمبر هي الأحدث في سلسلة من الاتفاقيات الأخيرة التي وقعتها الإمارات، والتي من شأنها تخفيف أي احتكاكات تجارية ومساعدة في تعزيز الواردات والصادرات.

ارتفعت صادرات التجارة غير النفطية من دولة الإمارات بنسبة 25% على أساس سنوي في النصف الأول من عام 2024 إلى 256.4 مليار درهم، بإجمالي تجارة بلغ 1.4 تريليون درهم، بزيادة 11.2%، ويتمثل هدف الحكومة في تعزيز إجمالي التجارة غير النفطية إلى 4.0 تريليونات درهم بحلول عام 2031.