الصين تسبق الجميع بـ 5 سنوات.. مفاعل نووي هجين يدخل التاريخ

في خطوة وُصفت بأنها منعطف تاريخي في مجال الطاقة، أعلنت الصين عن خطتها لإطلاق أول مفاعل نووي هجين يجمع بين تقنيتي الاندماج والانشطار بحلول عام 2030، المشروع، الذي يحمل اسم "شينغهو" أو "الشرارة"، يُعد إنجازاً غير مسبوق على مستوى العالم، ويُمهد الطريق لعصر جديد من الطاقة النظيفة والفعالة.

نقلة تكنولوجية نوعية

المفاعل الجديد يمثل اختراقاً علمياً بتقنيته الفريدة التي توظف تفاعلات الاندماج والانشطار معاً، بينما تعتمد المفاعلات التقليدية على انشطار نوى العناصر الثقيلة كاليورانيوم لإنتاج الطاقة، يستند الاندماج – وهو المصدر الأساسي لطاقة الشمس – إلى دمج نوى خفيفة لتوليد طاقة هائلة. ويجمع "شينغهو" بين العمليتين بهدف مضاعفة كفاءة الطاقة وخفض النفايات المشعة، وفقا لموقع sustainability-times.

ويُتوقع أن ينتج المفاعل طاقة تزيد أربعة أضعاف مقارنة بمفاعلات الانشطار التقليدية، مع تقليل كبير للمخلفات النووية بفضل التفاعل التسلسلي بين النيوترونات عالية الطاقة والانشطار.

رهان اقتصادي واستراتيجي

بتكلفة تقديرية تبلغ نحو 2.7 مليار دولار، يمثل المشروع استثماراً ضخماً في مستقبل الطاقة، ومن المتوقع أن يولد "شينغهو" قدرة إنتاجية تصل إلى 100 ميغاواط، وهو ما يعادل إنتاج محطة نووية صغيرة، لكن الأهم من ذلك هو معدل كفاءة الطاقة (Q) المستهدف، والذي يتجاوز 30، مقارنة بمشروع "إيتر" الفرنسي الذي يستهدف Q=10، والنجاحات الأمريكية الأخيرة التي لم تتجاوز Q=1.5.

هذا الإنجاز يضع الصين على مسار تصدّر المشهد العالمي في تكنولوجيا الطاقة النووية، خاصة مع اختيار موقع المشروع في جزيرة "ياوهو"، داخل منطقة صناعية ذات موارد غنية، وتعاون مكثف بين شركات حكومية وخاصة.

بيئة تحت المجهر

ولأن أي مشروع نووي بهذا الحجم لا يمكن فصله عن الاعتبارات البيئية، تخضع المنشأة حالياً لتقييم بيئي صارم يشمل جودة الهواء والمياه، والتأثيرات الصوتية، وانعكاسات المشروع على التنوع البيولوجي المحلي. وتشمل الخطة إجراءات طويلة المدى لمراقبة المخاطر والحد منها، في إطار الالتزام الصيني بالمعايير البيئية والصحة العامة.

هذا التوازن بين الابتكار والمسؤولية البيئية يعكس وعياً متزايداً في الصين بأهمية التنمية المستدامة، في ظل ارتفاع التوقعات المجتمعية لحماية البيئة.

تفوّق زمني في سباق الطاقة

إذا ما التزمت الصين بجدولها الزمني، فإنها ستكون أول دولة توصل مفاعلاً هجيناً من هذا النوع إلى الشبكة الكهربائية بحلول عام 2030، متقدمة بخمس سنوات على مشروع "إيتر" الذي يُتوقع أن يبدأ الإنتاج في 2035.

وتتزامن هذه الخطوة مع مشاريع أخرى تعمل عليها بكين، أبرزها مفاعل اختبار الاندماج النووي "CFETR"، في إطار جهود لتقليص الاعتماد على الفحم الذي يُتوقع أن يبلغ ذروته هذا العام، وزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة.

وتُشير التوقعات إلى أن الصين ستتجاوز هدفها في الطاقة المتجددة بحلول 2030، مع وصول القدرة المركبة من الرياح والطاقة الشمسية إلى 1,720 غيغاواط. وتأتي هذه التحركات ضمن استراتيجيتها للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول 2060.

مفاعل "شينغهو"… مستقبلٌ يُكتب في الحاضر

يمثل "شينغهو" أكثر من مجرد مشروع تقني؛ إنه إعلان صريح عن نية الصين قيادة مستقبل الطاقة العالمي. وإذا نجحت بكين في تشغيل هذا المفاعل وفق الخطة، فقد تكون بصدد رسم مسار جديد للطاقة النووية، يحمل تأثيرات عميقة على الاقتصاد العالمي والسياسات الدولية.