صندوق النقد: دبي ملاذ المستثمرين ومكان التفكير في المستقبل

 جهاد أزعور متحدثاً خلال المؤتمر الصحفي بمركز دبي المالي العالمي
جهاد أزعور متحدثاً خلال المؤتمر الصحفي بمركز دبي المالي العالمي

قال صندوق النقد الدولي إنه في ظل الصدمات الجيوسياسية والاقتصادية عالمياً باتت دبي ملاذاً آمناً للمستثمرين ومكاناً للتفكير في المستقبل، مؤكداً أن اقتصاد الإمارة أظهر قدرة كبيرة على التكيف السريع واستعمال التكنولوجيا الحديثة للتميز بالرغم من التحديات التي عاشها العالم والمنطقة.

جاء ذلك في تصريحات لجهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي خلال المؤتمر الصحفي الذي نظمه مركز دبي المالي العالمي أمس بالتعاون مع الصندوق تحت عنوان «أكتوبر 2024: آفاق الاقتصاد الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى».

وقال أزعور: «المرحلة الماضية وواقع الصدمات التي عاشها الاقتصاد العالمي والمنطقة كانت مناسبة لإبراز كل الإجراءات والتطورات التي أُنجزت في دبي وذلك على مستويات عدة: الأول، قدرة اقتصاد الإمارة على التكيف، حيث شهدنا، بالرغم من الصدمات الكبيرة عالمياً، قدرة اقتصاد دبي على التكيف السريع واستعمال التكنولوجيا الحديثة للتميز. وثانياً، تسريع وتيرة الإصلاحات التي ترفع من منسوب الإنتاجية وتسهم في تطور الاقتصاد. وثالثاً، القدرة على فهم التطورات الاقتصادية العالمية والتكيف معها، حيث يعيش العالم حالياً حالة من التقلبات الجيوسياسية والاقتصادية، وتمكنت دبي من التكيف مع هذا الأمر ولعب دور أساسي وهو أن تكون نقطة التقاء بين التكتلات الاقتصادية الكبرى، مما جعل دبي ملاذاً آمناً للمستثمر ومكاناً للتفكير في المستقبل».

وذكر أزعور أن المستوى الرابع يتمثل في الاستثمار بقطاعات واعدة وخاصة قطاع التكنولوجيا والذي سيكون له زخم كبير في تطوير اقتصاد دبي وفتح آفاق جديدة للاستثمار.

تنافسية الإمارات

وقال أزعور إن اقتصاد الإمارات تمكن خلال الأعوام الماضية من مواجهة مجموعة من الصدمات، ابتداء من جائحة كورونا مع كل ما عاناه الاقتصاد العالمي، ونجحت الدولة بجدارة في الحفاظ على نسبة نمو جيدة، ونتوقع أن تسجل الإمارات أعلى نسبة نمو في دول مجلس التعاون الخليجي عند 5.1% في 2025 مقارنة مع 4% هذا العام.

وأضاف أزعور «هذه الأرقام تشير إلى أداء جيد مقارنة مع دول المنطقة والمعدل الوسطي العالمي، ونعتقد أن هناك آفاقاً واعدة لاقتصاد الإمارات من جهة الاستثمار في القطاعات الرقمية والمناخ والطاقة البديلة».

وشدد أزعور على الدور الاقتصادي الذي تلعبه الإمارات في هذا الظرف الجيواقتصادي «المتشنج» عالمياً، لافتاً إلى أن الاقتصاد الإماراتي تمكن من استعمال التكنولوجيا المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي وغيرها لتحسين الخدمات وتطوير عدة مجالات، مما أسهم في رفع مستوى التنافسية في مواجهة الصدمات العالمية بعد الجائحة وأثبتت الدولة قدرة كبيرة على النمو والاستمرار.

وتابع أزعور: «أضف إلى ذلك الاستثمارات الكبيرة التي حصلت في قطاعات واعدة مثل التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والبنية التحتية الرقمية والقطاعات الصديقة للبيئة، والقيام بالعديد من الأنشطة الكبرى مثل كوب 28 وقبلها معرض إكسبو 2020 دبي».

وذكر أزعور أن كل هذه الأمور أسهمت في تعزيز موقع الإمارات كإحدى الدول الأساسية كمركز اقتصادي مالي عالمياً، أضف إلى ذلك الاستراتيجية الاقتصادية الخارجية بالرغم من التشنج الذي يشهده الاقتصاد العالمي، حيث تمكنت الإمارات من خلال العلاقات الاقتصادية من فتح مجموعة من الأسواق التي أعطت المزيد من الزخم وخاصة العلاقة مع آسيا وأفريقيا.

وقال أزعور: «لكل هذه الأسباب نرى أن حجم القطاع غير النفطي الإماراتي يشكل اليوم أكثر من ثلثي الاقتصاد، وهو يمضي بوتيرة متصاعدة، وتعد الإمارات من الدول الفاعلة ليس فقط في قطاع النفط والغاز وإنما في قطاع الطاقة وخاصة المتجددة».

مصر

وأفاد مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، أن الصندوق ومصر على علاقة وثيقة، وخلال الأعوام الماضية ومنذ بداية الجائحة أمن الصندوق لمصر أكثر من 18 مليار دولار، وبالمقارنة مع العديد من المؤسسات الإقليمية والدولية فيعتبر هذا الرقم أكبر كمية دعم مالية لمصر وهي مقدمة من قبل الصندوق.

وأضاف أزعور «الأسبوع الماضي، أصدر الصندوق قراراً يتعلق بإعادة النظر ببنية الكلفة التي تدفعها الدول تجاه تخفيضها، ومن المتوقع أن تستفيد مصر بأكثر من 800 مليون دولار كتخفيف للكلفة من قبل الصندوق، وهو من أعلى الأرقام عالمياً».

وتابع أزعور أن الزيارة المرتقبة لمديرة الصندوق إلى مصر هي زيارة طبيعية وتأتي في سياق التطورات في المنطقة، وتهدف إلى الوقوف على نظرة الحكومة المصرية حول الأوضاع والتحديات في المنطقة، وكذلك التشاور حول الأوضاع الاقتصادية في مصر وكيفية دعمها في هذه المرحلة.

وأكد أزعور أن الصندوق كان على تواصل مباشر مع مصر خلال الأشهر الماضية، وبسبب الصدمات الخارجية تم رفع حجم برنامج الصندوق في أبريل الماضي من 3 إلى 8 مليارات دولار. وبالنسبة للمراجعة المقبلة، قال أزعور إنها ستكون في نوفمبر، حيث سيتوجه فريق الصندوق إلى مصر خلال الأسابيع القادمة، بهدف التشاور والمراجعة وبحث التطورات والإنجازات التي تحققت.

تحديات اقتصادية

وقال أزعور إن الأوضاع في المنطقة تختلف بحسب أنواع الاقتصاد، ومما لا شك فيه أن هناك حالة من الترقب تطغى على الأجواء الاقتصادية في المنطقة أو على توقعات العام المقبل.

وأضاف أن حالة الترقب هذه مردها لعدة أسباب، أولاً كيف سيتطور النزاع القائم في المنطقة وهل هناك مخاطر للتمدد، وثانياً حالة عدم اليقين فيما يتعلق بأسعار النفط عالمياً بسبب التغيرات الاقتصادية الدولية. وثالثاً هناك تحديات سياسية جدية عالمياً تؤثر على أداء الاقتصاد في المنطقة.

وأكد أزعور أن العام 2025 سيشهد تحسناً نسبياً في المنطقة مع نمو بمعدل وسطي 2.1% هذا العام ترتفع إلى 4% العام المقبل، وبالطبع هناك اختلاف بين اقتصاديات المنطقة، فاقتصادات الدول المصدرة للنفط ستستفيد من الانحسار التدريجي لتطبيق اتفاق أوبك بلس والارتفاع المتوقع للإنتاج النفطي.

وأضاف: مصحوباً بواقع القطاع غير النفطي والذي حالياً هو القاطرة الأساسية للنمو، نتوقع أن يشهد مجمل اقتصادات دول مجلس التعاون نسبة نمو للقطاع غير النفطي تفوق 3.5% - 4.5%، وهذا أمر جيد.

وفيما يتعلق بالدول المستوردة للنفط، قال أزعور: هنا يجب التفرقة بين عدة نقاط، فمما لا شك فيه أن الصراع الحالي يؤثر بدرجة كبيرة على الاقتصادات التي تتأثر بشكل مباشر مثل لبنان وفلسطين، حيث هناك انعكاسات هائلة إنسانياً وحياتياً وهناك أثر سلبي على الاقتصاد ونتوقع أن يكون هناك تراجع كبير لنمو الاقتصاد الفلسطيني، إضافة أيضاً إلى التكلفة المرتفعة في فلسطين أو لبنان الذي يشهد نزوحاً سكانياً لحوالي ربع الشعب (مليون و200 ألف) ونعتقد أن التأثير الهائل على القدرة البشرية سيكون له انعكاسات على النمو الاقتصادي.

وبين أزعور أن هناك دولاً تتأثر نسبياً وهي الأردن ومصر والعراق، وهذه الدول قامت بمجموعة من الإجراءات للحفاظ على درجة من الاستقرار، فمصر تأثرت بالدرجة الأولى في القطاع التجاري مع تراجع إيرادات قناة السويس والأردن تأثرت في القطاع السياحي.

وأشار إلى أن هناك مستوى ثالثاً يتعلق بالدول التي تأثرت بطريقة غير مباشرة من خلال أداء القطاع التجاري وقطاع النفط والغاز وتدفقات رؤوس الأموال، ولذلك يجب التفرقة بين أداء الاقتصادات خلال العام المقبل، ويبقى الأمر عرضة لتأثيرات حالة عدم اليقين العالمي أكان الطلب والعرض على قطاع النفط أو أداء الاقتصادات الكبرى عالمياً.