«كريس جاردنر» من السجن إلى مليارات «وول ستريت»

هل شاهدت فيلم The Pursuit of Happyness (البحث عن السعادة) الذي قام ببطولته نجم هوليوود الأمريكي ويل سميث وابنه جيدن سنة 2006؟ إذا لم تكن فعلت فإننا ننصحك بمشاهدته لكي ترى قصة كفاح مرير حدثت بالفعل، بطلها رجل تحدى قسوة الحياة وسجن، لكنه لم يستسلم وكافح، حتى صار من أغنى رجال الأعمال، وواحداً من أباطرة وول ستريت ـــ أكبر أسواق المال في العالم ـــ وصاحب مؤسسات خيرية متعددة مهمتها مساعدة المكافحين ودعم الفقراء.

اسمه كريستوفر جاردنر، ولد في ولاية لويزيانا الأمريكية سنة 1954، وحكى في مذكراته التي كتبها بعنوان «السعي وراء السعادة» أحداثاً قاسية في طفولته تفوق كثيراً ما جاء في الفيلم السينمائي؛ فقد تخلى أبوه عنه وعن أمه وأشقائه؛ حيث كانت أسرته تقيم في مدينة ميلووكي بولاية ويسكونسن، وروى كيف عانى من المعاملة السيئة من قبل زوج أمه في أثناء وجودها بالسجن، إضافة إلى تعرضه للاعتداء في مركز استقبال القاصرين، الذي رحل إليه لعدم وجود شخص يرعاه، وعندما بلغ سن الرشد، خرج إلى الشارع لا يدري كيف سيكسب قوت يومه، لكنه لم ييأس وتقدم للعمل بالسلك الطبي في البحرية الأمريكية، غير أن الفقر حال دون تحقيق حلمه، وفشل في تجارة الأجهزة الطبية، وطلق زوجته بعد أن تعرض للإفلاس؛ إلى درجة أنه لم يستطع حتى دفع المخالفات المرورية التي تراكمت عليه، فأدخل السجن.

خرج «كريس» من السجن إلى الشارع، حيث لا مأوى.. وذات يوم كان يتسكع في الشارع، فقابل رجلاً يقف إلى جانب سيارة فيراري حمراء، فسأله: هل هذه سيارتك؟ فرد الرجل مندهشاً: «نعم» فسأله جاردنر عن تلك الوظيفة التي جعلته يصبح من مالكي السيارات غالية الثمن كهذه، فقال الرجل إنه يعمل سمساراً في البورصة، فسأل كريس نفسه: ولم لا أكون أنا أيضاً سمساراً وغنياً مثله؟ وقرر أن يتدرب على السمسرة، وفي أثناء فترة التدريب كان ينام في أي مكان متاح، حتى عندما قرر ابنه الصغير الانضمام إليه، كانا ينامان في الحمامات العامة في مترو سان فرانسيسكو.

لكن هذه الحياة القاسية لم تثنه عن مواصلة تدريبه؛ حيث كان يجري أحياناً في اليوم الواحد أكثر من 200 مكالمة هاتفية تتعلق بعمله.

صفقة بملايين الدولارات

ولأن الدنيا لا تعطي ظهرها لمن يكد ويشقى من أجل تحقيق أهدافه؛ فقد استطاع جاردنر ـــ بعد سنوات عدة، وبرأس مال صغير لم يتجاوز 10 آلاف دولار ـــ تأسيس شركة خاصة مقرها مكتب متواضع، لكنه كان بالنسبة إليه قصراً؛ حيث آواه وانتشله من النوم في الشارع وفي الحمامات العامة، واتخذ منه مكاناً للعمل والإقامة في الوقت نفسه، وبعد فترة نجح في إبرام صفقة بملايين الدولارات.

كان كريس يبلغ من العمر آنذاك 34 سنة، ولم ينس حلمه القديم بامتلاك «الفيراري»، وعندما علم أن سيارة لاعب كرة السلة الشهير مايكل جوردن معروضة للبيع لم يكذب الخبر، وسارع إليه، ونجح في شرائها منه بمليون دولار.

ثم توالت نجاحاته، واتسعت ابتسامة الدنيا له؛ جزاء كفاحه، ليعلن بعد فترة عن إطلاق شركته الخاصة «كريستوفر جاردنر إنترناشونال هولدينجز» التي صارت لها فيما بعد مكاتب في مدن أمريكية كبرى؛ مثل نيويورك وشيكاغو وسان فرانسيسكو.