استضاف مركز دبي المالي العالمي، المركز المالي العالمي الرائد في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب آسيا، وبالتعاون مع صندوق النقد الدولي اليوم أول حدث يُنظم بحضور شخصي مُباشر منذ ثلاث سنوات، لإطلاق تقرير آفاق الاقتصاد الإقليمي لشهر أكتوبر 2022 لمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى.
ووفقاً للتقرير، يتوقع صندوق النقد الدولي أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لعام 2022 في جميع أنحاء المنطقة بنسبة 5%، في زيادة ملحوظة بالمقارنة مع نمو بنسبة 4,1% في عام 2021، إذ استمر التعافي في النصف الأول من العام بوتيرة متغيرة. ومن المتوقع حالياً أن يبلغ النمو في عام 2023 ما نسبته 3,6%.
ومن المتوقع أن يحقق منتجو النفط الخام على وجه الخصوص مكاسب نفطية تراكمية غير متوقعة تبلغ نحو 1 تريليون دولار أمريكي بين عامي 2022 و 2026، والتي يمكن أن توظّفها الدول المصدرة للنفط مثل الإمارات العربية المتحدة لمواصلة الاستثمار في المشاريع التي تدعم النمو الاقتصادي في المستقبل. هذا ويتوقع التقرير أن تتحسن الحسابات الخارجية لمصدّري النفط ومن بينها الإمارات العربية المتحدة بين عامي 2022-2023 حيث تظل أسعار موارد الطاقة أعلى بكثير من مستوياتها في الفترة بين عامي 2020-2021. ومن المقرر أيضاً أن تتحسن الأرصدة المالية الأولية غير النفطية مع توقع استمرار معظم دول مجلس التعاون الخليجي في الاحتفاظ بحصة كبيرة من عائداتها النفطية.
وفي المقابل، تواجه البلدان المستوردة للنفط صدمة عميقة في أسعار التبادل التجاري، وفروقات كبيرة في العائد على السندات السيادية بالاضافة إلى تراجع الحضور في السوق. ومع ذلك، تساعد التدفقات القوية من التحويلات وعائدات السياحة المتنامية على تعويض أي تأثيرات معاكسة محتملة في بعض هذه البلدان.
كما يلفت التقرير الانتباه إلى أن مع وجود العديد من التحديات وأبرزها تباطؤ النمو والمخاطر العالية والتي تزيد من إمكانية استمرار ارتفاع أسعار السلع الأساسية وبالتالي زيادة انعدام الأمن الغذائي والأعباء المالية المترتبة على ذلك، حيث أن التضخم يُعد أوسع نطاقاً وأن الحد منه أكثر تكلفة مما هو متوقع، كما أن الظروف المالية المشدّدة ينتج عنها ارتفاع في ديون الخدمة الحكومية وبالتالي تفاقم ديناميكيات الديون.
هذا ويوصي صندوق النقد الدولي البلدان بالعمل على الحد من أزمة تكلفة المعيشة، وتعزيز المرونة وآفاق النمو، والشروع في تنفيذ مجموعة متنوعة من الإصلاحات الهيكلية. ويشمل ذلك استكمال إصلاحات دعم الطاقة بالتزامن مع تحسين شبكات الأمان الاجتماعي التي ستكون أساسية لبناء القدرة على الصمود في مواجهة التحديات الاقتصادية المستقبلية. لقد أصبح من الأهمية بمكان تسريع وتيرة الإصلاحات الهيكلية كإزالة الحواجز أمام الشركات الخاصة، وسن وتنفيذ الإصلاحات التي تقلّل من الإجراءات غير الرسمية، وتحسين العدالة الضريبية، والاستثمار في التكنولوجيا والبنية التحتية القادرة على التكيف مع التغيرات المناخية. بما من شأنه أن يشكل عوامل مساعدة للحد من الـتأثيرات السلبية المحتملة على النمو وبالتالي تعزيز مستوى الإنتاجية. علاوة على ذلك، يعد تعزيز الأطر المالية متوسطة الأجل أمراً بالغ الأهمية لترسيخ الثقة في الاستدامة المالية.
وفي هذا السياق، قالت علياء الزرعوني، نائب الرئيس التنفيذي للعمليات في سلطة مركز دبي المالي العالمي: "تعتبر شراكة مركز دبي المالي العالمي طويلة الأمد مع صندوق النقد الدولي بشأن تقرير آفاق الاقتصاد الإقليمي بمثابة دافع وحافز على التفكير لتقييم مكامن قوتنا والتحقق من فعاليتها لتمهيد الطريق للعمل معاً بهدف تطوير القطاع والاقتصاد ككل. ولقد ساعد تبني رؤية مستقبلية طموحة لتسريع ممكنات التنوع الاقتصادي في جعل دبي والإمارات العربية المتحدة نموذجاً يقتدى به في المرونة والوقوف في وجه الأزمات على صعيد المنطقة. ومع مواصلة دولة الإمارات الاستثمار في المشاريع الداعمة لمسيرة النمو الاقتصادي، لا يزال أمامنا الكثير للقيام به في المستقبل للارتقاء بمستقبل القطاع المالي".
ومن جانبه، قال جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي: "تتمثل أولويات جميع البلدان على المدى القريب في الحفاظ على استقرار الأسعار أو العمل على تعديلها بهدف حماية الفئات الضعيفة، والاستجابة للأوضاع المالية المشدّدة حول العالم مع ضمان الاستقرار المالي والنقدي، وضمان أمن الغذاء والطاقة. بيد أن المشهد العالمي المتدهور، وسياسات الاقتصاد الكلي المتشددة، ومحدودية الحيز المُتاح على مستوى السياسات في العديد من البلدان تسلّط الضوء على الحاجة المُلحة للمضي قدماً في الإصلاحات الهيكلية لتعزيز النمو الاقتصادي وإضفاء التحوّل في الاقتصادات لتصبح أكثر مرونة واستدامة وتنوعاً وشمولية".
هذا ويواصل صندوق النقد الدولي التزامه تجاه المنطقة، حيث قدم الدعم لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بتمويل قدره 16,7 مليار دولار أمريكي منذ عام 2020، وقام بتخصيص حقوق سحب خاصة بقيمة 42 مليار دولار أمريكي لتعزيز الأصول الاحتياطية في المنطقة. كما قام صندوق النقد الدولي بتكييف مجموعة أدواته لتلبية الاحتياجات الناشئة للأعضاء من خلال تأسيس "الصندوق الاستئماني للصلابة والاستدامة" المعني بمساعدة البلدان منخفضة الدخل والبلدان متوسطة الدخل المعرضة للمخاطر على بناء الصلابة اللازمة لمواجهة الصدمات الخارجية والتصدي للتحديات طويلة الأجل، بما في ذلك تغير المناخ. وبهدف المساعدة في معالجة أزمة الغذاء التي تواجه البلدان المعرضة للمخاطر، عزز صندوق النقد الدولي أيضاً تسهيلاته التمويلية الطارئة من خلال إنشاء نافذة جديدة لمواجهة صدمة الغذاء.