مبيعات «المطلعين» في أسواق الأسهم الأمريكية إلى أعلى مستوى

باتريك تيمبل ويست - جوشوا فرانكلين
شهدت مبيعات أسهم المسؤولين التنفيذيين في الشركات الأمريكية ارتفاعاً غير مسبوق، حيث قام مطلعون من شركات كبرى مثل «غولدمان ساكس» و«تسلا» وحتى مجموعة الإعلام التابعة لدونالد ترامب ببيع أسهمهم؛ للاستفادة من الارتفاع الذي شهدته السوق عقب فوزه في الانتخابات الرئاسية.

وبحسب بيانات شركة «فيريتي داتا»، فقد سجل معدل ما يعرف بـ «مبيعات المطلعين» رقماً قياسياً لأي ربع سنوي خلال العقدين الماضيين. وشملت هذه المبيعات، التي تمت من قبل مسؤولين في شركات مدرجة بمؤشر «ويلشاير 5000» الأوسع نطاقاً، عمليات بيع تهدف لجني الأرباح بالإضافة إلى مبيعات دورية تفعل بواسطة خطط تداول تلقائية.

ورغم أن البيع من الداخل يعتبر أمراً روتينياً، خاصة مع تحقيق السوق مستويات قياسية حتى قبل فوز ترامب، فإن الارتفاع الكبير في المبيعات بعد 5 نوفمبر يظهر كيف أن المسؤولين التنفيذيين في الولايات المتحدة استفادوا بشكل شخصي من عودته قبل توليه المنصب رسمياً.

وكان مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» ارتفع بنسبة 2.5% في اليوم التالي للانتخابات، محققاً أفضل أداء له منذ أكثر من عامين، كما سجل المؤشر ارتفاعاً يتجاوز 24% هذا العام.

ووصلت نسبة البيع مقارنة بالشراء لدى المؤسسات المالية إلى أعلى مستوى لها منذ نوفمبر 2016، وهو العام الذي شهد فوز ترامب لأول مرة بالرئاسة، أما مسؤولو الشركات في قطاع السلع الصناعية، فقد سجلوا أعلى مستويات البيع منذ عام 2017.

ومع اقتراب نهاية العام، يشهد السوق الأمريكي موجة ضخمة من مبيعات المسؤولين التنفيذيين، وفقاً لبن سيلفرمان، نائب رئيس الأبحاث في «فيريتي داتا».

وأوضح أن حجم مبيعات المطلعين كان أقل من المتوسط خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام، إلا أن الزيادة الكبيرة الآن تبرز توجهاً مختلفاً.

وتعتبر مبيعات المطلعين مؤشراً لأداء الشركات، ويحللها المستثمرون والمحللون بعناية للحصول على إشارات عن النتائج المستقبلية؛ ومع ذلك، عندما يتسع نطاق البيع في سوق مزدهر، فإن هذه الاتجاهات قد لا تكون مؤشراً قوياً على تحركات وشيكة في السوق.

وفقاً لسيلفرمان الذي أضاف قائلاً: «بشكل عام، عندما يتعلق الأمر بالتنبؤ، فإن المطلعين غالباً ما يكونون مبكرين بفترة تتراوح بين ربعين وثلاثة أرباع. إنهم يبدأون في بيع الأسهم بشكل أكبر عندما يلاحظون وجود تضخم في السوق».

وفي «غولدمان ساكس»، باع أربعة مسؤولين داخليين، من بينهم نائب الرئيس التنفيذي جون روجرز والمدير المالي دينيس كولمان وعضو مجلس الإدارة توم مونتاغ، بأكثر من 28 مليون دولار منذ 6 نوفمبر. وقد ارتفعت أسهم غولدمان ساكس بنسبة 12% منذ يوم الانتخابات، مدفوعة بالتفاؤل بشأن زيادة عمليات الاندماج وتقليص اللوائح المالية في ظل إدارة ترامب الثانية.

وفي تعليق لها، قالت شركة غولدمان ساكس: «نحن راضون عن أداء أسهمنا. ولا يزال كبار المسؤولين يمتلكون استثمارات كبيرة في الشركة ومستقبلها. لذلك، لا تمثل المبيعات التي تمت سوى جزء صغير من ملكياتهم الإجمالية».

من جهته، باع نائب رئيس شركة إيفركور، إيد هيمان، أسهمه لأول مرة في الأيام التي تلت الانتخابات، محققاً أكثر من 40 مليون دولار. وقال متحدث باسم إيفركور إن بيع أسهم هيمان كان لأغراض التخطيط العقاري فقط.

وباع المدير المالي لشركة تسلا، فايبهاف تانيجا، أسهماً بقيمة مليوني دولار، بينما باعت عضو مجلس الإدارة كاثلين ويلسون - طومسون أسهماً بقيمة 34.6 مليون دولار منذ الانتخابات. وقد ارتفعت أسهم تسلا بنسبة 35% منذ الانتخابات.

حيث لعب مؤسسها إيلون ماسك دوراً محورياً في تشكيل التعيينات الوزارية في ولاية ترامب الثانية. كما سجلت أسهم تسلا زيادة إضافية، بعد أن أفادت بلومبرغ بأن إدارة ترامب القادمة قد تخفف من اللوائح التنظيمية للسيارات ذاتية القيادة.

واستفاد بعض الموالين لترامب من الارتفاع الكبير في السوق بعد الانتخابات لتصفية حصصهم، حيث باع ثلاثة من المسؤولين التنفيذيين في «مجموعة ترامب للإعلام والتكنولوجيا»، الشركة التي تقف وراء موقع التواصل الاجتماعي الخاص بالرئيس المنتخب «تروث سوشيال»، أسهماً بقيمة 16.2 مليون دولار منذ 8 نوفمبر.

وفي اليوم الذي تلا الانتخابات، باع الرئيس التنفيذي لشركة «أكسوس فاينانشيال»، البنك الأمريكي متوسط الحجم الذي يعد ترامب من أكبر مقرضيه، أسهماً بقيمة 10.7 ملايين دولار من أسهم الشركة.

ومن أبرز المستفيدين من ارتفاع السوق في أعقاب فوز ترامب كان أليكس كارب، المؤسس المشارك لشركة «بالانتيير تكنولوجيز»، الذي باع أسهماً بقيمة 900 مليون دولار منذ الانتخابات.

وقد ارتفعت أسهم الشركة بنسبة 48% عن مستواها في اليوم السابق للانتخابات، حيث أعلنت تحقيق دخل ربع سنوي قياسي. ورفعت توقعات الإيرادات مع تزايد الطلب على البرمجيات الخاصة بالذكاء الاصطناعي.

وقال سوامي كالباثي، أستاذ المالية في جامعة تكساس كريستيان، إن حالة من عدم اليقين بشأن السياسات الاقتصادية لترامب قد تكون هي التي دفعت المسؤولين التنفيذيين إلى البيع الآن.

وأضاف: «مع توقع فرض المزيد من الرسوم الجمركية، سيكون هناك بعض الخاسرين، وقد تتأثر بعض الصناعات بشكل كبير». وتابع: «لقد شهدنا فترة جيدة من الارتفاع، ولكن القصة الأخرى قد تكون أن المسؤولين التنفيذيين يتوقعون مراجعات بأسعار الأسهم».