موجة هروب من «إكس» بعد تسمية ماسك لمنصب بالحكومة الأمريكية

إيما جاكوبس
«ربي امنحني السكينة لقبول الأشياء التي لا يمكنني تغييرها».. بهذه الكلمات أعلنت الممثلة جيمي لي كيرتس قرارها مغادرة منصة إكس. وقد انضمت النجمة الشهيرة إلى قائمة طويلة من الشخصيات البارزة التي غادرت منصة إيلون ماسك هذا الشهر؛ بسبب ميل المنصة المتزايد نحو اليمين، وانتشار المعلومات المضللة، وغياب الرقابة.

كما عبّر الكاتب ستيفن كينغ عن موقف مشابه قائلاً: «حاولت البقاء، لكن الأجواء أصبحت مسممة للغاية.» وقد شهدت «موجة النزوح من إكس» أو «الخروج الجماعي من إكس»، كما يطلق عليها البعض، الأسبوع الماضي إغلاق 60,000 حساب يومياً في المتوسط، وفقاً لبيانات «سيميلار ويب».

وقد خلّف هذا النزوح فجوة كبيرة في حياة العديد من المهنيين، فكثيراً ما استخدم المعلمون والأطباء وسومات المنصة المعروفة سابقاً باسم تويتر لبناء مجتمعات مهنية وتبادل الأفكار والخبرات، فضلاً عن توفيرها رؤى قيمة حول بيئة العمل، كما أنه لطالما لجأ إليها أصحاب الأعمال المستقلة للترويج لأنفسهم وتوسيع شبكاتهم.

ومع مغادرة عدد كبير من المستخدمين، يتساءل الكثيرون عن المنصات البديلة التي توفر الفوائد المهنية والاجتماعية ذاتها التي اعتادوا الحصول عليها من منصة إكس، كما أعلنت جهات عدة، مثل دار الأزياء «بالنسياغا»، وصحيفة «غارديان»، عن انسحابها من المنصة.

وأشارت «غارديان» في أحد مقالاتها الافتتاحية إلى أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024 عززت لديها الاعتقاد بأن «إكس» منصة إعلامية سامة، وأن إيلون ماسك استغل نفوذها للتأثير في الخطاب السياسي.

على الجانب الآخر، اعتبر أنصار المنصة هذه الانسحابات تصرفات عاطفية من قِبل التيار التقدمي، في حين لم تصدر «إكس» أي تعليق رسمي. ومن زاوية العمل، قال جيمس أوبراين، المؤلف ومقدم البرامج في إذاعة «إل بي سي»، إن منصة إكس لم تعد منتجة كما كانت.

مشيراً إلى قلة الردود الجادة وظهور «المحتوى المزعج في الصدارة على حساب الأشخاص ذوي الآراء المثيرة للاهتمام».

وأضاف أنه بالنسبة لمن يقدّرون «التفاعل وتنوع الآراء والسلوك المحترم»، فإن المنصة أصبحت «لا تحتمل»، منوهاً بتحويل نشاطه نحو منصة «بلو سكاي»، التي استفادت من تزايد عدد المستخدمين المغادرين لمنصة إكس.

وأشار رات بتلر، المدير التنفيذي لمنظمة مونجاباي غير الربحية، إلى أنه بدأ يلاحظ تراجعاً في الفوائد التي يجنيها من تويتر في نوفمبر 2022، أي بعد شهر من استحواذ إيلون ماسك عليها. وعلاوة على انخفاض معدلات التفاعل، ازدادت التحديات مثل «التفاعلات السلبية، والاتهامات بالتحيز، وظروف العمل المليئة بالصعوبات».

وقد برزت منصة لينكد إن كخيار بديل مفضل. ويوضح بتلر: «باعتبارنا منظمة غير ربحية، فنحن نركز على معرفة من يستفيد من تقاريرنا وكيف يستخدمون هذه المعلومات، بدلاً من الاعتماد فقط على أرقام الزيارات».

وكانت تاتيانا برويل، طبيبة الأورام، تستخدم تويتر في السابق لنشر التوعية حول السرطان، وخلال فترة الجائحة، وظفت المنصة لتسليط الضوء على البيانات الجديدة، ما ساعد «الجمهور وزملاء المهنة على مواكبة التطورات»، كما كانت من مؤسسي مبادرة «العاملون في مجال الرعاية الصحية ضد الجوع»، التي جمعت أكثر من 2.3 مليون دولار لدعم بنوك الطعام.

تقول برويل، التي بدأت هي الأخرى في النشر على منصة «بلو سكاي: «الأجواء بهذه المنصة تشبه كثيراً أجواء تويتر قبل سنوات عدة، حيث كانت النقاشات أكثر فائدة والأجواء أكثر إيجابية»، لافتة إلى أنها ستبقى في الوقت نفسه على منصة إكس لأنها تتيح لها التواصل مع المرضى وتقديم معلومات صحية وعلمية دقيقة ومتوازنة يمكن للجميع فهمها.

واتخذ آخرون في مواقع المسؤولية العامة قرارات مغايرة، فقد أعلنت شرطة شمال ويلز انسحابها من إكس، ووفقاً لرئيسة الشرطة أماندا بلاكمان، فإن المنصة أصبحت «تحد من القدرة على نشر معلومات دقيقة وذات صلة في الوقت المناسب».

أما النائب البريطاني، باتريك هيرلي، فيرى أن إكس تروج لـ«أجندة تتعارض مع قيم الشعب البريطاني وتسعى لإثارة الغضب لزيادة التفاعل». وبالنسبة له، يعتبر «فيسبوك» و«نكست دوور» أكثر كفاءة للوصول إلى ناخبيه، بينما يعتمد على «بلو سكاي» للتواصل مع زملائه وصناع الرأي.

ويعتقد بعض المبدعين أن مغادرة إكس باتت خياراً لا مفر منه، لأن المنصة لم تعد تحقق الغاية المرجوة، على الرغم من خسارة عدد كبير من المتابعين بسبب هذا القرار.

ويقول جوني غيلر، الرئيس التنفيذي لوكالة «كيرتس براون جروب» إن الطبيعة السامة لإكس تقف عائقاً أمام نشر البهجة من خلال القراءة. أما الروائي جون نيفين فقد عبّر عن رأيه بعبارات أكثر حدة قائلاً:

«يجعلك المحتوى السيئ الذي تعرضه المنصة وكأنك تغوص في بحر من القاذورات يطغى على الفائدة التي كانت تحققها للمتابعة الإخبارية أو الترويج للكتب».

ويرى كاتب الكوميديا جون هارفي أن المحتوى غير المرغوب فيه أثر سلباً في قدرته على التواصل وابتكار الأفكار، قائلاً: «الكثير من عملي يعتمد على التفاعل مع ما أراه في خوارزميتي، لكن مع ازدياد الخبث في تلك الخوارزميات، أصبحت أشاهد تغريدات كثيرة من مستخدمين لا أتابعهم».

ورغم انتقال العديد من الأشخاص إلى منصات أخرى، فإن العثور على متابعين جدد أو فرص غير متوقعة قد يشكل تحدياً. وقررت مدونة الأزياء كميل شارير، التي يتابعها أكثر من مليون شخص على إنستغرام، مغادرة إكس بعد الانتخابات الأمريكية، لكنها تفتقد لمنصة تعتمد على النصوص.

وتقول: «على إنستغرام، أشعر وكأنني مؤثرة في مجال الأزياء فقط، أما على إكس فقد كنت أتواصل مع أشخاص يرونني بطريقة مختلفة»، بينما يرى جون هارفي أن خسارة فرصة مواجهة الأفكار المختلفة تعد أمراً محزناً، مضيفاً:

«رغم أن منصة «بلو سكاي» تعطي انطباعاً ببداية جديدة للكثيرين، إلا أن تكلفة انسحاب فئات المجتمع إلى مناطق الراحة الخاصة بها قد تكون باهظة».