مادوميتا مورجيا - جورج هاموند - كريستينا كريدل
تستعد شركة «أوبن إيه آي» لإطلاق مجموعة مبتكرة من منتجات الذكاء الاصطناعي، إلى جانب بناء مراكز بيانات متطورة وتعزيز شراكتها الحيوية مع «أبل»، بهدف تحقيق نقلة نوعية في نموها واستقطاب مليار مستخدم خلال العام المقبل.
وحققت الشركة، التي تتخذ من سان فرانسيسكو مقراً لها، تقدماً هائلاً بفضل روبوت الدردشة «شات جي بي تي» الذي بلغ عدد مستخدميه 250 مليون مستخدم نشط أسبوعياً خلال عامين فقط، وتسعى للتوسع أكثر عبر تطوير «وكلاء ذكاء اصطناعي»، ومحرك بحث جديد مدعوم بالذكاء الاصطناعي، ودمج «شات جي بي تي» في أجهزة أبل.
وقالت سارة فراير، المديرة المالية للشركة، لصحيفة فاينانشيال تايمز: «نتوقع في عام 2025 أن نصبح مختبراً رائداً يخدم ملايين المستخدمين، مع تطلعات للوصول إلى مليارات المستهلكين حول العالم.» ويأتي هذا الطموح في وقت تسعى فيه الشركة، التي تأسست قبل تسع سنوات، إلى ترسيخ مكانتها كعملاق تقني عالمي، مع استعدادها لما أطلق عليه مؤسسها والرئيس التنفيذي سام ألتمان «عصر الذكاء».
وذكرت فراير أن أوبن آيه آي جمعت أكثر من 6 مليارات دولار في أكتوبر الماضي، على أساس تقييم للشركة بلغ 150 مليار دولار، وأكدت عزم الشركة على مواصلة جمع التمويل من خلال الأسهم والقروض لدعم توسعها. وتابعت سارة فراير قائلة: «في غضون 74 يوماً فقط (منذ انضمامي في يونيو)، نجحنا في إضافة 10 مليارات دولار إلى سيولة الشركة.
كان ذلك بمثابة رسالتي: أنا هنا لأحقق النتائج. ونحن نعيش مرحلة نمو استثنائية، ويجب علينا أن نستمر في الاستثمار، وأن نكون في الطليعة بمجال تطوير النماذج أمر مكلف للغاية، ولكنه ضروري». وكشف كريس ليهان، رئيس السياسات الجديد لدى أوبن آيه آي أن الشركة تعتزم بناء مجموعات مراكز بيانات في الغرب الأوسط والجنوب الغربي الأمريكي كجزء من استراتيجيتها لتحقيق أهدافها.
ويتماشى هذا التوجه مع استراتيجيات مشابهة تبنتها شركات تقنية كبرى مثل غوغل وأمازون، وأوضح ليهان أن الموارد الحاسمة للنجاح في سباق الذكاء الاصطناعي تشمل «الرقائق، والبيانات، والطاقة». وشهدت أوبن آيه آي تحولاً جذرياً خلال العام الماضي منذ أن أقال مجلس الإدارة سام ألتمان من منصبه، قبل أن يعود كرئيس تنفيذي في نوفمبر الماضي.
كما شهدت الشركة تحولاً كبيراً مع استقطاب أول فريق من القادة الماليين وقادة المنتجات وزيادة عدد موظفيها إلى أكثر من 2000 شخص، وهو ما يمثل زيادة بمقدار خمسة أضعاف، ضمن عملية معقدة للانتقال إلى نموذج عمل ربحي.
وبالرغم من خسارتها لقيادات رئيسية في فرق الأبحاث والسلامة، بمن في ذلك 3 من مؤسسيها وبعض القادة التقنيين البارزين مثل إيليا سوتسكيفر وميرا موراتي، فقد أفسح ذلك الطريق لجيل جديد من المهندسين والقادة.
ويمتلك العديد من أعضاء الفريق الجديد خبرات عميقة في تطوير وتسويق المنتجات الموجهة للمستهلكين، مما ساهم في صياغة الاستراتيجية المزدوجة الحالية للشركة والتي تركز على الموازنة بين الرؤية البحثية طويلة الأمد وتحقيق أهداف قصيرة المدى لزيادة الإيرادات بما يتجاوز تكاليفها المتزايدة.
وتنفق الشركة أكثر من 5 مليارات دولار سنوياً، وهي لا تزال بعيدة عن تحقيق التوازن المالي، نتيجة التكاليف المرتفعة المرتبطة ببناء نماذج الذكاء الاصطناعي، وفقاً لمصادر مطلعة على الأوضاع المالية للشركة.
وأكد الموظفون الجدد في «أوبن آيه آي» أنهم ملتزمون بتحقيق مهمة الشركة الرامية إلى تطوير وتوزيع الذكاء الاصطناعي العام، وهو نوع من البرمجيات يتمتع بقدرات معرفية تتجاوز القدرات البشرية، مع التركيز في الوقت الراهن على التطبيقات العملية ذات الفائدة المباشرة.
وقال سرينيفاس نارايانان، نائب رئيس الهندسة في الشركة، الذي انضم العام الماضي قادماً من «ميتا»: «شهدنا خلال العامين الأخيرين تحولاً كبيراً في نوعية الذكاء الاصطناعي الذي يمكن تطويره إلى منتجات مفيدة للناس. وهذا هو السبب وراء وجودي هنا».
وذكرت سارة فراير أن إطلاق وكلاء الذكاء الاصطناعي – وهي برامج ذكية شبيهة بروبوتات الدردشة قادرة على أداء مهام مثل جمع المعلومات أو إتمام عمليات الحجز والشراء – سيكون من الأولويات الرئيسية لعام 2025.
وأضافت: «كلمة العام يجب أن تكون الوكيل، والذي يمكن أن يكون باحثاً أو مساعداً يومياً يفيد الناس في حياتهم، كحال الأمهات العاملات مثلي. في عام 2025، سنرى أول وكلاء ناجحين في تسهيل المهام اليومية للأفراد». و
كانت شركات منافسة لـ«أوبن آيه آي» مثل «غوغل» و«أنثروبيك»، والداعم الأكبر للشركة - شركة مايكروسوفت، أعلنت عن نيتها إطلاق وكلاء ذكاء اصطناعي خاصين بها خلال العام المقبل.
في الوقت ذاته، يُعد طرح «شات جي بي تي» على المليارات من أجهزة أبل، وهو الأمر الذي بدأ في الولايات المتحدة الشهر الماضي، خطوة محورية لتحقيق قفزة كبيرة في عدد المستخدمين. وأكد أحد كبار المستثمرين في «أوبن آيه آي» أن الشراكة مع أبل قد تُسرّع الوصول إلى هدف المليار مستخدم.
وأضاف: «أوبن آيه آي تمتلك بالفعل مئات الملايين من المستخدمين النشطين حالياً دون إنفاق على التسويق، بينما باعت أبل أكثر من 2 مليار جهاز آيفون، وتطمح إلى طرح هاتف جديد يعتمد على الذكاء الاصطناعي، ومن ثم فإن الوصول إلى مليار مستخدم لديهم شات جي بي تي في أجهزتهم ليس حلماً بعيد المنال. وإذا تحقق ذلك، فإن المنافسة مع غوغل وفيسبوك ستكون حتمية». وفي ظل تعقيد المشهد السياسي، تجد أوبن آيه آي نفسها أمام تحديات جديدة في التكيف مع التغيرات السريعة.
ويتعين على كريس ليهان، الذي يحمل خبرة طويلة في الاستراتيجيات السياسية التي اكتسبها خلال عمله في إدارة كلينتون، التعامل مع شخصية بارزة مثل إيلون ماسك، مستشار الرئيس القادم دونالد ترامب وأحد المؤسسين السابقين لأوبن آيه آي، والذي يدير شركته الخاصة للذكاء الاصطناعي إكس إيه آي، ومن المتوقع أن يلعب ماسك دوراً محورياً في تشكيل سياسات الذكاء الاصطناعي الفيدرالية. وقال ليهان في تصريح لصحيفة فاينانشيال تايمز: «ماسك شخصية فريدة في هذا التوقيت. نهجنا يتمثل في التركيز على الأمور التي يمكننا التحكم بها».
ويطمح كريس ليهان إلى أن تلعب «أوبن آيه آي» دوراً قيادياً في تطوير ذكاء اصطناعي «ديمقراطي» تقوده الولايات المتحدة، في مقابل النموذج الصيني. وأوضح قائلاً: «تواصلنا مع فريق الانتقال الرئاسي... أثناء الحملة وبعدها.
الإدارة الحالية أكدت أهمية تفوق الذكاء الاصطناعي الأمريكي على نظيره الصيني. وإذا كانت الحكومة الأمريكية تريد تحقيق هذا الهدف، فلا بد أن تكون أوبن آيه آي جزءاً أساسياً من هذه المناقشات».
وأشار ليهان إلى أن السنوات القليلة القادمة ستشهد تحولاً تاريخياً عالمياً، حيث ستتطور التكنولوجيا بسرعة كبيرة قد تواجه المجتمعات صعوبة في التكيف معها.
وأضاف إن الحكومات بحاجة إلى تبني شراكات جديدة بين القطاعين العام والخاص في مجال الذكاء الاصطناعي، على غرار نموذج شركات المرافق الكهربائية، لضمان التوزيع العادل للتكنولوجيا وفوائدها. واختتم بقوله: «جزء من دور ومسؤولية هذه الشركة هو المساهمة في صياغة هذه الحوارات وتشكيلها، وربما الوصول إلى بعض الحلول ونحن نمضي قُدماً».