رافي الدين - إيان سميث - مالكولم مور
تترقب الأسواق بلهفة صدور أحدث بيانات الوظائف الأمريكية يوم الجمعة، وسط توقعات بانتعاش سوق العمل، الأمر الذي قد يُساعد المستثمرين على فهم أفضل لمسار أسعار الفائدة قبل تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترامب.
ووفقاً لاستطلاع أجرته وكالة رويترز، يتوقع الاقتصاديون أن يُضيف الاقتصاد الأمريكي 183 ألف وظيفة في نوفمبر، مقارنةً بـ12 ألف وظيفة فقط في أكتوبر، وهو الرقم الذي تأثر بتداعيات الأعاصير وإضراب عمال شركة بوينغ.
ويقول جو ماهر، المساعد الاقتصادي في «كابيتال إيكونوميكس»، إن أرقام أكتوبر كانت انعكاساً لـ«اضطرابات مؤقتة»، لكنه أشار أيضاً إلى أن «ضعف بيانات التوظيف في القطاعات غير الزراعية قد يكون جزئياً نتيجةً لضعف حقيقي في سوق العمل»، مما يُعزز الحاجة إلى مزيد من تخفيضات الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي.
ومنذ إعلان فوز دونالد ترامب في الانتخابات، يراهن المستثمرون على أن التأثير التضخمي الناتج عن الرسوم الجمركية والتخفيضات الضريبية المخطط لها سيدفع الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة بوتيرة أبطأ مما كان متوقعاً.
وقد خفّض البنك المركزي الأمريكي الفائدة بمقدار 0.25 نقطة مئوية بعد الانتخابات مباشرة، لتتراوح بين 4.5% و4.75%. وتشير التوقعات في أسواق المقايضات إلى احتمال بنسبة 65% بأن يقوم الاحتياطي الفيدرالي بخفض آخر بمقدار ربع نقطة مئوية خلال اجتماعه المقبل هذا الشهر.
وفي تصريحات له الشهر الماضي، قال جيروم باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي، إن البنك لا يعتزم تسريع خفض تكاليف الاقتراض، مؤكداً وجود مؤشرات على متانة الاقتصاد وانخفاض معدلات البطالة، لكنه أضاف أن الاحتياطي يواجه تحدياً في تحقيق توازن بين استقرار معدلات البطالة وكبح التضخم. وأضاف: «نحن نثق في أن تعديل سياستنا بشكل دقيق ومدروس سيسهم في الحفاظ على قوة الاقتصاد وسوق العمل، مع خفض التضخم إلى مستوى 2% بشكل مستدام».
من جانبها، تشهد فرنسا حالة من عدم الاستقرار السياسي تلقي بظلالها على سوق السندات الحكومية وأسواق الأسهم، وسط مخاوف بشأن ميزانية ميشيل بارنييه الحرجة ومستقبل حكومة الأقلية التي يترأسها.
وارتفع الفارق بين عائد السندات الحكومية الفرنسية لأجل 10 سنوات ونظيرتها الألمانية، التي تُعد المعيار في منطقة اليورو، لأعلى مستوى يُسجل منذ أزمة الديون السيادية الأوروبية قبل 12 عاماً. وفي تطور مثير للقلق، تجاوزت تكاليف اقتراض فرنسا لفترة وجيزة تكاليف اقتراض اليونان، في مؤشر رمزي على الوضع الاقتصادي المتدهور.
وفي الوقت ذاته، شهد مؤشر كاك 40 للأسهم الفرنسية تراجعاً في أدائه مقارنة بمؤشرات الأسواق الأخرى، حيث أثرت التوقعات الاقتصادية المتدهورة على ثقة المستثمرين، خصوصاً في القطاعات المالية والأسهم المرتبطة بالاقتصاد المحلي.
ومن المحتمل أن تواجه الحكومة الفرنسية اختباراً جديداً من خلال التصويت على قانون الضمان الاجتماعي، مما قد يؤدي إلى تصويت بحجب الثقة عن رئيس الوزراء ميشيل بارنييه. في المقابل، قد يسهم النقاش المستمر حول بعض نقاط الميزانية بين الحكومة وحزب مارين لوبان اليميني المتطرف في تخفيف حدة الأزمة السياسية.
في الوقت ذاته، تبقى عائدات السندات الحكومية الفرنسية عند مستويات منخفضة نسبياً مقارنة بالماضي، ولا تزال بعيدة عن تلك المستويات التي شهدتها اليونان ودول أخرى خلال أزمة الديون السيادية. علاوة على ذلك، تبدو مؤشرات القلق بشأن ديون منطقة اليورو، مثل الفارق بين عائدات السندات الإيطالية والألمانية، هادئة ومستقرة.
ويثير تفاقم الوضع المالي لفرنسا، ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، مخاوف بعض المستثمرين بشأن تأثيراته المحتملة على الاتحاد الأوروبي. وأكد روبرت بوروز، من شركة «إم آند جي للاستثمارات» في تصريحات الأسبوع الماضي، أن «هذه الأزمة تحمل تداعيات كبيرة على الاتحاد الأوروبي بأسره».
وأضاف: «رغم قدرة الاتحاد الأوروبي على تجاوز تحديات كبيرة في الماضي، إلا أن التحديات المستمرة التي تواجهها فرنسا قد تؤجج النقاشات مجدداً حول خطر التفكك، مما يهدد وحدة الاتحاد، التي شكلت أحد أعمدة المشروع الأوروبي لعقود».
على صعيد آخر، من المقرر أن تعقد منظمة أوبك+، الكارتل النفطي الذي يضم دولاً رئيسية مثل السعودية وروسيا، اجتماعاً بعد غد الخميس لتحديد ما إذا كان ينبغي لأعضائها البدء في رفع إنتاج النفط الخام تدريجياً، أو مواصلة الالتزام بالمستويات الحالية للإنتاج.
وخلال السنوات الأخيرة، نفذت المجموعة، بقيادة المملكة العربية السعودية وروسيا، تخفيضات إنتاجية جماعية بلغت 5.86 ملايين برميل يومياً بهدف دعم الأسعار. وفي يونيو، أشارت أوبك+ إلى أنها ستواصل حجب غالبية هذا النفط عن السوق، مع خطط للتراجع التدريجي عن تخفيضات طوعية بمقدار 2.2 مليون برميل يومياً بدءاً من سبتمبر.
لكن القرار أُرجئ بسبب ضعف الطلب على النفط من الصين وزيادة الإمدادات من دول خارج أوبك مثل الولايات المتحدة. من المتوقع أن تؤجل المجموعة هذا الأسبوع أي زيادة جديدة في الإنتاج إلى حين اتضاح رؤية إدارة ترامب بشأن تطبيق العقوبات على إيران وفنزويلا. ويرجح المحللون تمديد التخفيضات الحالية لفترة إضافية تتراوح بين شهر وشهرين.
ويشير تأجيل اجتماع أوبك في اللحظات الأخيرة، والذي كان من المقرر عقده الأحد، إلى احتمال وجود خلافات بين الدول الأعضاء. فقد تجاوزت بعض الدول حصصها الإنتاجية المحددة، في حين تسعى دول مثل كازاخستان إلى توسيع حصتها الإنتاجية. وتأتي هذه التوترات رغم الجهود المستمرة لضمان الالتزام الكامل بالاتفاقيات. وبينما يتفق المحللون على أن التخفيضات ستُمدد لشهر أو شهرين إضافيين، يتوقع البعض قراراً يسمح بزيادة الإنتاج.