روبرت أرمسترونج - إيدن ريتر
ينشد دونالد ترامب طاقة رخيصة. وفي هذا الشأن، حدد هدفاً لخفض الأسعار بمقدار النصف على الأقل خلال العام الأول من رئاسته، وهو هدف «مبالغ فيه»، لكن الظروف مهيأة لاستمرار تراجع الأسعار. ويقترب الإنتاج العالمي من النفط من أعلى مستوياته على الإطلاق، فيما يرغب ترامب في تعزيز الإنتاج الأمريكي. والإنتاج العالمي بدأ في الاستقرار. والغاز الطبيعي رخيص بالفعل، وسيكون أقل ثمناً، إذا عملت الولايات المتحدة على تحسين بنيتها التحتية.
وعند تسليط الضوء على أبرز المتغيرات التي ستحدد ما إذا كانت الأسعار ستنخفض، وإلى أي مدى، هناك:
-«أوبك+»: حيث ذكر إد مورس أحد كبار المستشارين لدى «هارتري بارتنرز»، أن الشبح الذي يكتنف الأسواق هو إنتاج «أوبك+»، فقد قرر التكتل تمديد الخفض الطوعي للإنتاج حتى عام 2025، لكن يستبعد أغلب المحللين دوام هذا الأمر. وإذا تخلت الدول الأعضاء عن الخفض الطوعي، فمن شأن ذلك التسبب في ضخ ما يصل إلى 6 ملايين برميل يومياً في السوق، وهو ما سيزيد الإنتاج العالمي بنحو 5 %.
-النمو العالمي: حيث يشكل تراجع النمو الاقتصادي العالمي، خاصة في الصين، رياحاً معاكسة لارتفاع أسعار النفط. وتراوح نمو الاستهلاك العالمي ما بين الاستقرار والتراجع على مدار الأرباع الثلاثة الأخيرة، كما تتوقع إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، تراجع متوسط نمو الاستهلاك في عام 2025. ويرجح محللون أن يصل الطلب الصيني على النفط، الذي يمثل 15 % من الطلب العالمي، إلى ذروته العام المقبل. ومن شأن التعريفات الجمركية أن تفاقم التباطؤ.
-الحرب في الشرق الأوسط: فقد يرغب ترامب في شكل من أشكال وقف إطلاق النار، ما قد يؤدي إلى انخفاض الأسعار من الناحية النظرية. لكن هيليما كروفت رئيسة قسم استراتيجية السلع لدى «آر بي سي كابيتال ماركتس»، أشارت إلى أنه من شأن وقف إطلاق النار أن يكون له تأثير محدود. وتعتقد كروفت أن معاودة ترامب فرض عقوبات على إيران، من شأنه سحب ما يصل إلى مليون برميل يومياً، أو 1 % من الإنتاج العالمي من السوق.
-فنزويلا: حيث تبنت الإدارة الأولى لترامب موقفاً متشدداً تجاه فنزويلا. وفرضت عقوبات شاملة عليها، شملت قيوداً مالية على شركة النفط المملوكة للدولة. ويمكن أن تكون الإدارة الثانية لترامب متشددة أيضاً، وبإمكانه مواصلة ممارسته الضغوط على صناعة النفط الفنزويلية، ما سيؤثر في 835000 ألف برميل يومياً. ومع الوضع في الاعتبار تركيزه على كبح الهجرة، فقد يكون فريق ترامب قلقاً من ممارسة مزيد من الضغوط الاقتصادية على هذه المنطقة.
-صادرات الغاز الطبيعي: يعد سوق الغاز الطبيعي المسال الأمريكي بمعزل عن الضغوط العالمية إلى حد كبير، لكن قد تتغير هذه الظروف. وبحسب «غولدمان ساكس»، فإن الصناعة على وشك أن تزيد صادرات الغاز الطبيعي المسال، عن طريق تعزيز البنية التحتية، مستفيدة من ارتفاع الأسعار الأوروبية. ومن شأن هذا أن يحد الإمدادات الأمريكية، ويرفع الأسعار في عام 2025.
-الحرب في أوكرانيا: يحتمل ألا يؤثر وقف لإطلاق النار في أسعار النفط، لكنه قد يخفض أسعار الغاز الطبيعي الأمريكي. وإذا توقفت بلدان الاتحاد الأوروبي عن تقليل اعتمادها على الغاز الطبيعي الروسي، فستنخفض الأسعار الأوروبية، ما سيثبط الصادرات الأمريكية.
-الإنتاج الأمريكي: صرح سكوت بيسنت، الذي رشحه ترامب لمنصب وزير الخزانة، برغبته في تعزيز الإنتاج الأمريكي من النفط بمقدار 3 ملايين برميل نفط، ما يعادل قفزة بنسبة 25 % في الإنتاج الأمريكي، وزيادة قدرها 3 % للإنتاج العالمي، لكن هل سيكون إلغاء الضوابط التنظيمية محفزاً حقاً لزيادة الإنتاج؟.
من الطبيعي أن يهتم ترامب بأن تكون أسعار طاقة رخيصة للغاية. وتخفيض أسعار الغاز جيد لسياسات مبيعات التجزئة الأمريكية. وأشار بحث أجرته يوهان هسو المسؤولة عن مؤشر استطلاع معنويات المستهلكين، الذي تجريه جامعة ميتشجان، إلى أن القلق بشأن ارتفاع أسعار الوقود بعد عام 2022، أبقى على انخفاض معنويات المستهلكين لمدة أطول، مقارنة بالموجات التضخمية الماضية. وتعد أسعار الغاز مقياساً مهماً، يقيس به المستهلكون التضخم.
وقد يساعد انخفاض أسعار الوقود المصنعين المحليين والأسر على تحمل تداعيات التضخم الناجمة عن التعريفات الجمركية. وبما أن الولايات المتحدة مصدرة صافية، من الصعب الإشارة بوضوح إلى كيفية تأثير انخفاض أسعار النفط في نمو الناتج المحلي الإجمالي. وحتى إن كان تأثير انخفاض أسعار الغاز هامشياً في النمو الاقتصادي، إلا أنه سيكون إيجابياً للمعنويات، ما سيساعد ترامب على الترويج لبرنامجه الاقتصادي.
وإذا ثبت أن تعريفات ترامب الجمركية وتخفيضاته الضريبية وقيوده على الهجرة تضخمية في جوهرها، إلا أن تراجع أسعار الطاقة سيسهل على مجلس الاحتياطي الفيدرالي مهمته.
وفي حين أن مؤشره المفضل لقياس التضخم، هو مؤشر أسعار المستهلكين، الذي يستثني الغذاء والطاقة، إلا أن انخفاض أسعار النفط يؤثر في أسعار أخرى. علاوة على ذلك، فسيؤدي تراجع الأسعار في محطات الوقود، إلى حماية الفيدرالي من الانتقادات الجماهيرية، إذا قرر رفع أسعار الفائدة.
وتبقى هناك مشكلة، حيث إنه إذا انخفضت أسعار النفط بمقدار النصف، أو إلى 36 دولاراً للبرميل، استناداً إلى أسعار خام برنت في تداولات أول من أمس، فسيتوقف الإنتاج الأمريكي من النفط الصخري. وأشار الاحتياطي الفيدرالي لدالاس، إلى أن متوسط مستوى التعادل للحفر المربح في الولايات المتحدة، يقارب 65 دولاراً للبرميل.
لذا، يعتقد هينينج جلويستين رئيس قسم ممارسات الطاقة والمناخ والموارد لدى «يوراسيا جروب»، أن انزلاق الأسعار دون هذا المستوى، سيؤدي إلى بدء الإنتاج الأمريكي في الهبوط بسرعة كبيرة. ويرغب ترامب في أن تواصل الولايات المتحدة التنقيب عن النفط، لكن هذا لن يحدث إذا انخفضت الأسعار دون 40 دولاراً للبرميل.