رافع الدين - ماريانا جوستي - إيان سميث
تسير بورصة لندن في طريقها نحو تسجيل أسوأ عام لها من حيث عمليات الخروج من البورصة منذ الأزمة المالية، مع تزايد المخاوف من أن المزيد من الشركات المدرجة على مؤشر فاينانشال تايمز 100 ستخرج من لندن لصالح نيويورك.
وقامت 88 شركة بإلغاء أو نقل إدراجها الأساسي من السوق الرئيسية في لندن هذا العام، فيما دخلت 18 شركة فقط، وفقاً لمجموعة بورصة لندن للأوراق المالية. وتعد هذه أكبر حركة نزوح للشركات من السوق الرئيسية منذ عام 2009، في حين أن عدد الإدراجات الجديدة في طريقها أيضاً إلى أن يكون الأدنى منذ 15 عاماً، حيث لا تزال العروض العامة الأولية نادرة، ويستهدف مقدمو العروض المجموعات المدرجة في لندن.
وتستمر هذه الهجرة الجماعية رغم الجهود التي بذلتها حكومة المملكة المتحدة والجهات التنظيمية وبورصة لندن لتعزيز جاذبية المدينة من خلال إصلاح قواعد السوق ونظام التقاعد المحلي.
وأصبحت أشتيد، شركة تأجير المعدات التي تبلغ قيمتها السوقية 23 مليار جنيه إسترليني، هذا الشهر أحدث شركة كبيرة تعمل على نقل إدراجها الأساسي من لندن إلى نيويورك. وستنضم بذلك إلى 6 مجموعات أخرى من مؤشر فاينانشال تايمز 100 تخلت عن المؤشر القيادي لصالح أماكن أخرى خارج لندن منذ عام 2020.
وكان لدى هذه الشركات، بما في ذلك أشتيد، قيمة سوقية مجمعة تقترب من 280 مليار جنيه إسترليني حتى يوم الجمعة، أي نحو 14 % من القيمة الإجمالية الحالية لمؤشر فاينانشال تايمز 100. وتتضمن القائمة شركة المراهنات العملاقة «فلاتر» التي تبلغ قيمتها 39 مليار جنيه إسترليني، التي تمتلك شركة بادي باور.
وهناك أيضاً مجموعة مواد البناء «سي آر إتش» التي تبلغ قيمتها 55 مليار جنيه إسترليني. وقد قامت كلتاهما بنقل قائمتها الرئيسية إلى نيويورك خلال الـ18 شهراً الماضية. علاوة على ذلك، فقد أدت سلسلة من عمليات الاستحواذ التي قام بها مقدمو عروض الأسهم الخاصة إلى استنزاف البورصة.
وتعد مجموعة «دارك تريس» للأمن السيبراني ومنصة الاستثمار «هارجريفز لانزداون» من بين الشركات التي وافقت على عروض الشراء المقدمة هذا العام. وقال تشارلز هول، رئيس قسم الأبحاث في شركة بيل هانت للوساطة المالية: «لا يمكن أن نؤخذ على محمل الجد كشركة رائدة عالمية في مجال التمويل إذا لم يكن لدينا سوق مزدهرة لرأس المال».
وأضاف: «إن سوق المملكة المتحدة ليس لديها أي حق لأن تكون مكاناً رائداً للإدراج، وهناك الكثير من الرعاية والدعم اللازمين لتحقيق النجاح في سوق عالمية بشكل متزايد»، مضيفاً أن «المزيد من الشركات ستغادر» ما لم يتم اتخاذ إجراءات لمواجهة ذلك.
وتشمل العوامل التي أشارت إليها الشركات التي تنقل إدراجها الرئيسي إلى نيويورك وجود مجموعة أكبر من المستثمرين واحتمالات أكبر لتحسين السيولة في أسهمها.
وبالنسبة لبعض الشركات، تعكس هذه الخطوة نمو عملياتها في أمريكا الشمالية. وعلى سبيل المثال، تحقق شركة أشتيد 98 % من أرباحها التشغيلية في الولايات المتحدة، في حين تصل النسبة لمجموعة أعمال السباكة فيرجسون، التي انتقلت في عام 2022، إلى نحو 99 %.
وتحصل تسع شركات في مؤشر فاينانشال تايمز 100 على أكثر من نصف إيراداتها من الولايات المتحدة، وفقاً لبيانات بنك أوف أمريكا، بما في ذلك مجموعة البيانات إكسبيريان وشركة بيرسون التعليمية.
وكان تحليل أجرته صحيفة «فاينانشال تايمز» العام الماضي حدد لندن باعتبارها البورصة الأوروبية الأكثر عرضة لخطر نزوح الشركات الكبرى إلى الولايات المتحدة. وصنف التحليل الشركات على أساس خصم تقييمها مقارنة بمجموعة من نظيراتها الأمريكية، وحصة إيراداتها المتحققة في الولايات المتحدة، ونسبة المستثمرين من أمريكا الشمالية المسجلين في سجلاتها.
وتتضمن قائمة المجموعات الـ18 الكبيرة المدرجة في بورصة لندن، التي تم التركيز على أنها معرضة لخطر الخروج، شركتي ريو تينتو وبريتش أمريكان توباكو. وتعرضت هاتان الشركتان لضغوط من قبل المستثمرين لنقل الإدراج الأساسي إلى أستراليا والولايات المتحدة، على التوالي.
وقال بنك جولدمان ساكس في مذكرة له يوم الجمعة: «المزيد من الشركات البريطانية تفكر في نقل إدراجها إلى الولايات المتحدة، وأصبحت الفجوة أكبر في التقييم بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة».
وارتفع مؤشر فاينانشال تايمز 100، الموجه نحو قطاعات «الاقتصاد القديم» مثل الطاقة والتعدين، بنحو 8 في المئة هذا العام، فيما حقق مؤشر ستاندرد آند بورز 500 القياسي في الولايات المتحدة، وهو موطن الأسهم ذات النمو الأعلى مثل مجموعات التكنولوجيا السبع الكبار، نحو 27 % خلال الفترة نفسها.
ومن الممكن أن تقدر قيمة شركة «كانال بلوس» الفرنسية للتلفزيون المدفوع بأكثر من 6 مليارات يورو بعد إدراجها في لندن اليوم الاثنين كجزء من عملية الانفصال عن تكتل وسائل الإعلام «فيفيندي»، وذلك وفقاً لمحللين وأشخاص قريبين من العملية. ومن شأن هذا التقييم أن يجعلها أكبر إدراج أولي في لندن منذ أن تم فصل شركة «هاليون» عن شركة «جي إس كيه» في عام 2022.
وقال أحد كبار المصرفيين في لندن إنهم يتوقعون نقل المزيد من الإدراجات إلى الولايات المتحدة العام المقبل، خاصة بين الشركات سريعة النمو. وأوضح قائلاً: «إن الولايات المتحدة أصبحت الآن سوقاً كبيرة لرأس المال مقارنة بأي مكان آخر، فالناس يشعرون بأنهم سيحصلون على صفقة أفضل في الولايات المتحدة».
وقالت شارون بيل، استراتيجية الأسهم الأوروبية في بنك جولدمان ساكس، إن العديد من الشركات التي تبحث عن تقييمات أعلى شعرت بأنها مضطرة إلى الابتعاد عن المملكة المتحدة بسبب الافتقار إلى اهتمام المستثمرين المحليين.
كما قال أحد الرؤساء التنفيذيين في مؤشر فاينانشال تايمز 100 بعد إعلان أشتيد: «إنه أمر محزن للغاية». وأضاف أن خطاب «أمريكا أولاً» للرئيس المنتخب دونالد ترامب يمكن أن يدفع الشركات أيضاً إلى تسريع خطط الشطب. ويقول كثير من المستشارين والتنفيذيين سراً إن الإصلاحات الأخيرة، بما في ذلك التغييرات المخطط لها في نظام المعاشات التقاعدية والإصلاح الشامل لقواعد الإدراج في المملكة المتحدة، لم تغير الأمور بعد، لكن ديفيد شويمر، رئيس بورصة لندن للأوراق المالية والبورصة قال العام الماضي إن فكرة أن الإدراج الأمريكي يقدم تقييماً أعلى هي «مجرد أسطورة».
ويأمل مستشارو الحي المالي أن تحصل سوق المملكة المتحدة على دفعة إذا مضت مجموعة شين للأزياء السريعة التي تأسست في الصين قدماً في طرح عام أولي مخطط له في لندن. وقالت مجموعة بورصة لندن في بيان: «تتخذ الشركات قراراتها الخاصة استناداً إلى مزيج أعمالها وموقعها. ويظل سوق المملكة المتحدة ثالث أكبر سوق في العالم من حيث رأس المال الذي تم جمعه منذ عام حتى الآن ويشهد مجموعة الإصلاحات الأكثر ديناميكية في أي مكان في العالم».
وقالت وزيرة الخزانة راشيل ريفز إن إدراج قناة «كانال بلوس» يعد تصويتاً بالثقة في أسواق رأس المال في المملكة المتحدة، والاستقرار الذي نقدمه وخطتنا للتغيير، لكن أحد المسؤولين التنفيذيين في مؤشر فاينانشال تايمز 250 قال إن هناك حاجة لبذل المزيد من الجهود لجذب المستثمرين. وأضاف: «لا أعتقد أن هذا الأمر يحتل مكانة عالية في قائمة أولويات الحكومة، حتى لو كان شيئاً يروجون له بانتظام».