الطاقة النظيفة ليست وحدها الحل السحري لأزمة المناخ

يرى كثير من المراقبين أنه من الصعب التطلع إلى عام 2025 بتفاؤل. فقد تضاءلت الآمال في التوصل إلى حل للتغير المناخي عن طريق المساومات السياسية العالمية، خصوصاً بعد القمة المناخية التي انعقدت في العاصمة الأذرية باكو في نوفمبر الماضي. كما أثارت إعادة انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة مخاوف بشأن مستقبل التقنيات الخضراء.

وفي ظل استمرار ارتفاع الانبعاثات الكربونية، ما الذي يتبقى من آمال بشأن تحول الطاقة؟
في خضم هذه الأجواء الكئيبة، من السهولة بمكان إغفال حقيقة أن بعض التقنيات الخضراء صارت الآن أرخص من حيث التكلفة مقارنة ببدائل الوقود الأحفوري.

وفي أوروبا، أشارت تقديرات «ماكنزي» إلى أن التكلفة المستوية للطاقة الشمسية، وهي التي تحسب بناءً على الفرق بين الاستثمارات المطلوبة مقابل إجمالي الطاقة المولدة طوال عمر المعدات، 64 دولاراً أمريكياً للميجاواط في الساعة.

وتبلغ تكلفة الكهرباء المولدة جراء حرق الغاز الطبيعي أكثر من ضعف هذا المبلغ. ومن شأن انخفاض أسعار الفائدة أن يفيد مصادر الطاقة المتجددة شديدة الاعتماد على الإنفاق الرأسمالي بصورة أكبر من مصادر الطاقة الأحفورية.

وبالطبع، قد تكون تكلفة تشغيل مصادر الطاقة المتجددة ضئيلة للغاية حينما تسطع الشمس أو حينما تهب الرياح، لكنها تجلب معها الكثير من التكاليف الأخرى. فهناك حاجة إلى بطاريات وأشكال أخرى من التخزين للسيطرة على انقطاع الإمدادات. ويتطلب ذلك أيضاً مزيداً من البنية التحتية المرتبطة بشبكة الكهرباء لنقل الطاقة من مناطق الإنتاج الجديدة.

وتزداد «تكاليف النظام» هذه مع ارتفاع حصة الطاقة المتجددة. لكن، على نطاق أوسع، ما زالت أنظمة الطاقة التي تعتمد بنسبة 60% تقريباً على التوليد من المصادر المتجددة أرخص من الاعتماد التام على بدائل الوقود الأحفوري. وتكون النسبة المثالية أعلى في المناطق المشمسة للغاية.

ويشير فشل مزاد طاقة الرياح البحرية في ديسمبر الجاري بالدنمارك، حيث تمثل طاقة الرياح بالفعل أكثر من نصف مزيج الطاقة، إلى أن بعض الدول تجابه بالفعل معضلة فيما هو ممكن اقتصادياً. ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يمكن إنجازه في أماكن أخرى.

ففي الهند، من المقرر أن يزداد الطلب على الطاقة بأكثر من أربعة أضعاف بحلول عام 2060، وستولد المصادر المتجددة معظم هذه الزيادة، بحسب ديبابراتا غوش، مسؤول قسم الهند بشركة «أورورا إنرجي».

ويتطلب هذا مقدماً استثمارات تبلغ 1.12 تريليون جنيه استرليني، وستكون تكاليف التشغيل شبه منعدمة. أما إنتاج هذه الطاقة الإضافية عبر بناء قدرات جديدة من الفحم فسيتطلب إنفاق 850 مليار جنيه كرأسمال، لكن تكلفة الوقود وحدها ستصل إلى نحو 4 تريليونات جنيه على مدار عمر المحطات وفقاً للأسعار الحالية للفحم.

ومجرد أن تكون الأمور مجدية اقتصادياً لا يعني أنها ستحدث تلقائياً. لذلك، على الحكومات أن تلعب دورها في هذا المجال، من خلال تنظيم مزادات بعقود طويلة الأجل لمساعدة المطورين على تأمين التمويل، وبناء شبكات الكهرباء.

إن «تنظيف إنتاج الكهرباء» لن يقرب العالم من أهدافه المناخية إلا قليلاً. وفي ضوء محدودية التوقعات، ستكون العمليات الصناعية المراعية للبيئة والسفر الجوي، بين أمور أخرى، أكثر تكلفة دوماً مقارنة بالبدائل. وتحظى التقنيات المناخية بقدر من الزخم الخاص بها، إلا أن بلوغ هدف صافي الانبعاثات الصفري سيتطلب عودة الساسة إلى طاولة المفاوضات.