جينيفر هيوز - أرجون نيل عليم - فالنتينا رومي
جاءت سلسلة من البيانات الاقتصادية القوية المتتالية، لتقنع المستثمرين بدعم تلميحات صناع السياسة النقدية في الولايات المتحدة، بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي سيخفض سعر الفائدة تدريجياً خلال الأشهر المقبلة.
وستكون بيانات التضخم المقرر صدورها الأسبوع المقبل، هي العامل المؤثر التالي في قرارات المستثمرين، حيث ستصدر أرقام التضخم الاستهلاكي الخميس، بينما تُنشر بيانات أسعار المنتجين يوم الجمعة. قبل ذلك، ستكشف محاضر اجتماع الاحتياطي الفيدرالي لشهر سبتمبر، المقرر صدورها غداً، عن مزيد من التفاصيل حول النقاش الذي دفع لجنة تحديد سعر الفائدة بالبنك، إلى خفض سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، في أول قرار منقسم للجنة منذ ما يقرب من عقدين.
وأظهر تقرير الوظائف الأسبوع الفائت، أن الولايات المتحدة أضافت 240 ألف وظيفة في شهر سبتمبر، وهو رقم يفوق التوقعات بكثير، ما دفع العقود الآجلة إلى الإشارة إلى تعزيز احتمال بنسبة 90 % بأن الاحتياطي الفيدرالي لن يخفض أسعار الفائدة سوى بمقدار ربع نقطة مئوية فقط، في اجتماعه المزمع عقده في أوائل نوفمبر.
ومن المتوقع أن تدعم بيانات مؤشر أسعار المستهلكين، الخميس، هذا الاتجاه، مع توقعات بوجود ارتفاعات سعرية بسيطة خلال الشهر الماضي.
ويتوقع المحللون ارتفاع مؤشر التضخم الأساسي، الذي يستبعد أسعار المواد الغذائية والطاقة المتقلبة، بنسبة 0.2 % على أساس شهري، وفقاً لاستطلاع أجرته رويترز، بينما يتوقع أن يرتفع المؤشر الرئيس بنسبة 0.1 % على الأساس نفسه.
وعلى أساس سنوي، سيضع ذلك المؤشرين عند 3.2 % و2.3 % على التوالي، وفقاً لتقديرات محللي باركليز. وكتبت الاقتصادية الأمريكية، بوجا سريرام، في مذكرة إلى العملاء: «ينبغي أن تعزّز نتائج التضخم -التي تتماشى مع توقعاتنا- ثقة الاحتياطي الفيدرالي بأن عملية خفض التضخم مستمرة، ومن المرجح أن تظل التركيزات على بيانات سوق العمل المقبلة، وغيرها من مؤشرات النشاط».
من ناحية أخرى، أدّى رفع أسعار الفائدة بشكل غير متوقع في أغسطس، إلى تفكيك واسع لما يسمى بالتداول المدعوم بالين، والذي يستخدم فيه المستثمرون والمضاربون الين كمصدر تمويل الصفقات في العملات، والأصول ذات العائد الأعلى.
وبالنسبة إلى تصريحات رئيس الوزراء الياباني الجديد، شيجيرو إيشيبا، التي تلمح إلى أن الاقتصاد غير مستعد لمزيد من رفع أسعار الفائدة، جرى تفسيرها من قبل بعض المستثمرين، على أنها إشارة إلى أن الوقت قد يكون مناسباً للعودة إلى هذا النوع من التداولات.
وقد انخفض الين بنحو 3 % الأسبوع الماضي، ليصل إلى 146 يناً مقابل الدولار الأمريكي، ما أدى إلى انتعاش طفيف في الأسهم اليابانية، خاصة أسهم الشركات التي تركز على التصدير، والتي تستفيد من تراجع العملة. وقال وي لي رئيس الاستثمارات متعددة الأصول في الصين لدى بنك «بي إن بي باريبا»: «اعتبر المستثمرون هذه التصريحات بمثابة الضوء الأخضر لإعادة بناء تجارة المناقلة (وتسمى أيضاً تجارة الفائدة، وهي الاقتراض من دول ذات أسعار فائدة منخفضة بغرض الاستثمار في أدوات دين في دول أخرى بفائدة مرتفعة والاستفادة من الفارق). ونحن بالفعل في بيئة محفوفة بالمخاطر»، مشيراً إلى أن الطلب على اقتراض الين لتمويل تداولات أكثر خطورة، بدأ في العودة مع استمرار الثقة في الاقتصاد الأمريكي.
وحذّر توموتشيكا كيتاوكا كبير استراتيجيي الأسهم في بنك نومورا في اليابان، من أن البيانات المتعلقة بمدى عودة المستثمرين إلى تداولات الين المدعوم بالفوائد المنخفضة، كانت «غير كاملة»، مضيفاً أن هناك أدلة على أن بعض صناديق التحوط قد عادت إلى مراكز قصيرة صافية في الين.
وقال وي لي: «قبل الانتخابات المبكرة في اليابان (المقررة في 27 أكتوبر)، تعتبر هذه نافذة آمنة نسبياً لمراجعة تجار المناقلة».
على صعيد آخر، من المتوقع أن يعود الاقتصاد البريطاني إلى النمو في أغسطس بعد شهرين من الركود، وفقاً للبيانات الرسمية التي نُشرت الجمعة. وقد عزّز التوسع القوي للاقتصاد البريطاني في بداية العام، من الحجج المؤيدة لاتباع نهج تدريجي في تقليص أسعار الفائدة، حتى تظهر مؤشرات أوضح على انخفاض التضخم المرتفع في قطاع الخدمات.
وفي أغسطس، ارتفع التضخم في قطاع الخدمات إلى 5.6 %، مقارنة بـ 5.2 % في الشهر السابق، ومع ذلك، تم تعديل نمو الاقتصاد في الربع الثاني إلى 0.5 %، ما يشير إلى تباطؤ مقارنةً بنسبة 0.7 % في الربع السابق.
تشير البيانات الواردة، إلى أن النمو قد يتباطأ إلى 0.3 % في الربع الثالث، لكن الأرقام الخاصة بشهر أغسطس، ستوفر مزيداً من الوضوح. ويتوقع الاقتصاديون الذين شملهم استطلاع أجرته وكالة رويترز، أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.2 % على أساس شهري في أغسطس. وقال محافظ بنك إنجلترا، الأسبوع الماضي، إن صناع السياسة النقدية في البنك، قد يكونون «أكثر حماساً قليلاً» في خفض تكاليف الاقتراض، ومع ذلك، حذّر كبير الاقتصاديين في البنك من خفض أسعار الفائدة بسرعة، مشيراً إلى أنه «سيكون من المهم الحذر من خطر خفض الأسعار، إما بشكل مفرط أو بسرعة كبيرة»، وحذّر من «انسحاب تدريجي». تتوقع إيلي هندرسون، الاقتصادية في بنك «إنفستيك»، أن يكون الوضع أكثر تفاؤلاً من التوقعات العامة، حيث تتوقع انتعاشاً في مبيعات التجزئة، وعدم وجود إضرابات من الأطباء المقيمين، ما سيدفع إلى نمو بنسبة 0.3 %. وقالت إنه رغم أن النشاط خلال فصل الخريف قد يكون أضعف مؤقتاً، بسبب عزوف الأسر والشركات عن الشراء والاستثمارات الكبيرة، قبل ميزانية 30 أكتوبر، فإن دورة التيسير النقدي والنمو القوي في الدخل الحقيقي المتاح للأسر، ستواصل «دعم الزخم الاقتصادي».