ستيفن موريس
أدت مساعي شركة غوغل لإعادة ترسيخ نفسها في موقع ريادة الأبحاث التكنولوجية والذكاء الاصطناعي هذا الشهر إلى ارتفاع أسهمها إلى مستوى قياسي، وتمكنها من تهدئة الانتقادات بأنها تخلفت عن منافسيها.
وعلى مدار شهر ديسمبر، أثارت شركة التكنولوجيا الكبرى إعجاب المستثمرين بنسخة أكثر تقدماً من نماذج وتطبيقات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها تسمى «جيميناي 2.0»، التي تغلبت على المنافسين في الاختبارات المعيارية.
في موجة من الإصدارات المنسقة، كشفت الشركة أيضاً عن جيل جديد من شريحة تسريع الذكاء الاصطناعي المخصصة تسمى «تريليوم»، التي تهدف إلى تحدي احتكار «نفيديا» في السوق قريباً.
كما أضافت الشركة أيضاً القدرة على التصرف نيابة عن المستخدمين وتجميع تقارير بحثية معقدة والإجابة عن الاستفسارات في الوقت الفعلي عبر النصوص والفيديو والصوت بما في ذلك عبر النظارات الذكية. وأطلقت نماذج لتوليد الفيديو والصور تسمى «فيو 2»، و«إيماجين 3».
وقال إيثان موليك، الأستاذ في كلية وارتون للأعمال ومؤلف كتاب عن التكنولوجيا: «لقد أحدث الشهر الماضي تحولاً في حالة الذكاء الاصطناعي، حيث ارتفعت الوتيرة بشكل كبير خلال الأسبوع الماضي فقط»، واصفاً إصدارات غوغل، ولا سيما «فيو 2»، بأنها «مذهلة».
وأضاف موليك: «المشكلة أن هذا ليس تقدماً ثابتاً، فنحن نشاهد الذكاء الاصطناعي وهو يحقق قفزات متفاوتة تتجاوز قدرتنا على قياس آثاره بسهولة».
بالإضافة إلى ذلك، أكدت غوغل الأسبوع الماضي أنها حققت تقدماً في مجال الحوسبة الكمومية باستخدام شريحة تسمى «ويلو» يمكنها الحفاظ على استقرار «الكمومية» لفترة أطول، ما يقلل من الأخطاء ويسمح لها بإجراء حسابات مفيدة.
وقالت الشركة إنها تستطيع إكمال مهام في 5 دقائق قد تحتاج أجهزة الكمبيوتر العملاقة التقليدية 10 سبتيليون (24 صفراً) سنة لإنجازها، لكن التكنولوجيا التي تبقى بعيدة المنال لا تزال بحاجة إلى سنوات من التطبيق التجاري.
وفي اعتراف أكبر بتفوقها في مجال البحث، في أكتوبر، تقاسم السير ديميس هاسابيس، مؤسس مختبر أبحاث الذكاء الاصطناعي التابع لشركة غوغل ديب مايند وزميله جون جامبر، جائزة نوبل في الكيمياء للتنبؤ ببنية كل بروتين معروف باستخدام برنامج الذكاء الاصطناعي المعروف باسم «ألفا فولد».
وساعد بروز مثل هذا التقدم التكنولوجي، إلى جانب ثلاثة أرباع متتالية من نمو الأرباح بأرقام مزدوجة، على إحياء سعر سهم الشركة الأم «ألفابت».
وارتفع السهم بنسبة 38 في المئة هذا العام ولامس لفترة وجيزة مستوى قياسياً عند 199.91 دولاراً الأسبوع الماضي، ما يمنح الشركة قيمة سوقية تبلغ 2.3 تريليون دولار، ومع ذلك لا تزال هناك فجوة مقدارها تريليون دولار يتعين سدها مع مايكروسوفت.
ومنذ إصدار «تشات جي بي تي» في أواخر عام 2022، بدا أن غوغل تهدر تفوقها المبكر في مجال الذكاء الاصطناعي، لا سيما عندما دخلت منافستها اللدودة مايكروسوفت في شراكة مع «أوبن أيه آي».
واستغرق الأمر من غوغل عاماً كاملاً لإصدار نسختها المماثلة «جيميناي». وقالت تيفاني هسيا، مديرة محفظة الأسهم الأمريكية في شركة «ألاينس بيرنشتاين»:
«كانت شركة «ألفابت» تحت المجهر منذ إصدار «تشات جي بي تي»، لكن «جيميناي 2.0» والرقاقة الكمومية تمنحان المستثمرين ثقة متجددة بأن غوغل تبقى إحدى القوى التكنولوجية الرائدة».
وفي إشارة إلى الثقة المتزايدة، تحدى الرئيس التنفيذي ساندر بيتشاي، الذي واجه بعضاً من أقسى الانتقادات خلال فترة ولايته التي استمرت 9 سنوات بسبب بطء طروحات الذكاء الاصطناعي في الربيع، نظيره في مايكروسوفت، ساتيا ناديلا.
وقال بيتشاي خلال قمة «ديل بوك» في وقت سابق من الشهر الجاري: «أود أن أجري مقارنة بين نماذج مايكروسوفت الخاصة ونماذجنا في أي يوم وفي أي وقت». وأضاف مبتسماً، إلى جانب ذلك، أنهم يستخدمون نماذج شخص آخر.
وبينما تستعرض الشركة مهاراتها التكنولوجية، يجب عليها أن تعمل على كيفية دمج هذه الابتكارات في تطبيقاتها الاستهلاكية والتجارية دون خنق إبداعات مهندسيها.
وقد سعى بيتشاي بشكل مطرد إلى دمج الذكاء الاصطناعي في محرك البحث الخاص به، في حين أنه كان يحتاج أكثر إلى تهدئة المستثمرين القلقين من أن مثل هذه الخطوة ستؤدي إلى توجيه ضربة إلى أرباح الإعلانات.
ولا تزال شركة البحث العملاقة تسيطر على 90 في المئة من السوق، لكنها تواجه لأول مرة منذ عقود منافسة حقيقية من المنتجات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي من قبل مجموعات مثل «أوبن أيه آي» و«بيربليكستي» و«أنثروبيك»، التي يمكنها تقديم إجابات شاملة بدلاً من الروابط.
وكان الحل المقدم من جانب غوغل حتى الآن هو «نظرات عامة على الذكاء الاصطناعي»، وهي إجابات مختصرة عن الاستفسارات الموجودة أعلى صفحة النتائج.
قال المسؤولون التنفيذيون إن هذه الميزة شائعة، لكن الأدلة المبكرة تشير إلى أن المستخدمين ينقرون على الإعلانات العامة بمعدل أقل - بانخفاض 8 في المئة على أساس سنوي خلال الربع الثالث، وفقاً لبحث أجرته منصة الإعلانات «سكاي».
وتبقى كذلك تهديدات أخرى، فبعد خسارة قضية مكافحة الاحتكار الكبيرة ضد ذراع البحث الخاصة بها في أغسطس، تسعى وزارة العدل إلى أن تفرض على الشركة بيع متصفح «كروم» الخاص بها، وإلغاء عقد حصري يجعله محرك البحث الافتراضي لشركة أبل ومشاركة الكنز الهائل المتمثل في بيانات المستخدم التي تدعم صفحة الويب الخاصة بشركة غوغل.
وتنتظر الشركة نتائج المحاكمة في قضية احتكار أخرى في الولايات المتحدة تركز على أعمالها في مجال تكنولوجيا الإعلان، ما يعني احتمالية تفكيك مصدر الإيرادات الأساسي الآخر لشركة «ألفابت».
وهناك الخطر المحتمل الآخر ومصدره إيلون ماسك، أغنى رجل في العالم الذي يبدو مسيطراً على الرئيس المنتخب دونالد ترامب بعد أن أنفق 250 مليون دولار للمساعدة في فوزه بالانتخابات الأمريكية الشهر الماضي إلى جانب اكتسابه القدرة على التأثير في تنظيم الذكاء الاصطناعي وإنفاذ قوانين مكافحة الاحتكار.
كذلك، فقد قامت شركة «إكس ايه آي» الناشئة التابعة لماسك ببناء أكبر كمبيوتر فائق السرعة في العالم في مدينة ممفيس بولاية تينيسي، في وقت قياسي.
وقد قام الكمبيوتر الذي يحمل اسم «كلوساس»، بربط 100 ألف وحدة معالجة رسومات نفيديا متطورة بالشبكة، ولديه خطط لتوسيع مركز البيانات بمقدار 10 أضعاف ليصل إلى مليون شريحة، وهو ما من شأنه أن يساعد برنامج «تشات بوت جروك» التابع لشركة «إكس أيه آي» على اللحاق بالمنافسة في عام 2025.
وقالت تيفاني هسيا من شركة «ألاينس بيرنشتاين»: «نظراً لأن روح غوغل تسعى إلى الكمال، فقد نشهد إطلاق المنتجات بوتيرة محسوبة وأكثر دقة، ويجب ألا ينفد صبرنا بشأن ذلك. هذا سباق محتدم، والتطورات الأخيرة تظهر أنهم ما زالوا فيه».