أزمة تلوح في الأفق بين واشنطن وبنما حول السيطرة على القناة

ستيف تشافيز - توماس جراهام

رد الرئيس البنمي، خوسيه راؤول مولينو، بقوة على الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، الذي قال مؤخراً إنه ينوي المطالبة بـ«استعادة» قناة بنما إذا لم تتم إدارتها بما يتوافق مع رغباته.

تصريحات ترامب النارية في نهاية الأسبوع، والتي أثارت أزمة دبلوماسية، تذكر الجميع بأسلوبه المثير للجدل في السياسة الخارجية قبل أسابيع من توليه مهام منصبه رسمياً، فقد انتقد ترامب بنما، بسبب ما اعتبره رسوماً باهظة على الشحن البحري لاستخدام القناة، التي تعد حيوية للاقتصاد الأمريكي.

وفي بيان له، قال مولينو: «أؤكد بشكل قاطع أن كل شبر من قناة بنما، والمنطقة المحيطة بها ملك لدولة بنما، وسيظل الأمر كذلك. سيادة واستقلال وطننا غير قابلة للنقاش».

وفي منشور عبر وسائل التواصل الاجتماعي كان ترامب كتب: «سنطالب باستعادة قناة بنما إذا لم يتم احترام المبادئ الأخلاقية والقانونية، التي كانت أساساً في منحها»، واصفاً قرار التخلي عن السيطرة عليها لصالح بنما قبل 25 عاماً بأنه «قرار أحمق»، كما خاطب دونالد ترامب أنصاره في مؤتمر للمحافظين في فينيكس قائلاً: «إننا نتعرض للسرقة في قناة بنما، تماماً كما نتعرض لذلك في أماكن أخرى. الرسوم التي تفرضها بنما غير منطقية، وغير عادلة على الإطلاق».

وكانت الولايات المتحدة قد أنهت بناء القناة قبل 110 سنوات، لكنها نقلت السيطرة الكاملة عليها إلى بنما عام 1999 خلال ولاية بيل كلينتون، بموجب معاهدة تفاوض عليها الرئيس الأسبق جيمي كارتر عام 1977، وقال ترامب منتقداً تلك الحقبة: «نحن من بنينا القناة، ونحن من يستخدمها، لكنهم تنازلوا عنها».

وتهمين التجارة الأمريكية على قناة بنما، حيث إن ما يقرب من 75 % من البضائع التي تعبر القناة تتجه إلى الولايات المتحدة أو تأتي منها، وفقاً لبيانات هيئة قناة بنما. وتربط القناة بين المحيط الأطلسي والمحيط الهادئ، ما يوفر على السفن رحلة طويلة حول أمريكا الجنوبية. ورغم أن القناة تسهم في نقل بضائع بقيمة تصل إلى 270 مليار دولار سنويا فإن هيئة قناة بنما تواجه تحديات في جذب بعض شركات الشحن للعودة إلى استخدام القناة، بعد موجة الجفاف التي أدت إلى تخفيض أعداد السفن المسموح بعبورها.

وقالت ليل برينارد، مديرة المجلس الاقتصادي الوطني للرئيس جو بايدن، في كلمة ألقتها أمام معهد بروكينجز: «إن انخفاض مستويات المياه في القناة أسهم في تفاقم ضغوط سلسلة التوريد في السنوات الأخيرة».

والرئيس راؤول مولينو، الذي شغل سابقاً منصب وزير الأمن، وينتمي لتيار يمين الوسط، تولى مهام منصبه في مايو، بعد أن ركزت حملته الانتخابية على جذب الاستثمارات الأجنبية، ودعم النمو الاقتصادي المتباطئ. وأكد مولينو أن الرسوم المفروضة على استخدام القناة تحدد بناء على معايير السوق والمنافسة الدولية، وليس بناء على «رغبات عشوائية»، كما أنها تأخذ في الاعتبار تكاليف التشغيل والصيانة والتطوير، مشيراً إلى أن القناة تدر مليارات الدولارات على الاقتصاد البنمي.

وفي عام 2017 قطعت بنما علاقاتها مع تايوان، وأقامت علاقات دبلوماسية مع الصين، التي أصبحت شريكاً اقتصادياً رئيسياً لبنما من خلال استثماراتها الضخمة في البنية التحتية والمناطق التجارية، فيما تدير شركة مقرها هونغ كونغ الميناءين الرئيسيين على طرفي قناة بنما. وبدأت بنما والصين مفاوضات حول اتفاقية تجارية عام 2018، لكنها توقفت لاحقاً. ومؤخراً أعلن خوليو مولتو، وزير التجارة والصناعة في بنما، أن المحادثات قد تستأنف بحلول عام 2025.

وكتب ترامب أن قناة بنما ليست ملكاً للصين لتديرها، وفي تصريح آخر قال إن القناة «تسقط في الأيدي الخطأ». ورداً على ذلك قال مولينو «قناة بنما ليست تحت أي نوع من السيطرة، سواء مباشرة أو غير مباشرة، لا من الصين، ولا الاتحاد الأوروبي، ولا الولايات المتحدة أو أي قوة أخرى». وخلال حملته الانتخابية كان مولينو شدد على أهمية العلاقات مع الولايات المتحدة، متعهداً بالتعاون في قضايا الهجرة ومؤكداً عزمه على «إغلاق» فجوة دارين، وهي منطقة غابات بين بنما وكولومبيا، يعبرها أعداد كبيرة من المهاجرين في طريقهم نحو الولايات المتحدة.