سيميون كير
في مسعى لضمان مستقبل مصفاة «جرينجموث»، وهي المصفاة النفطية الوحيدة في اسكتلندا، المقرر إغلاقها العام المقبل، تم وضع مخطط لتحويلها إلى مركز لإنتاج الوقود الحيوي. وسيعتمد هذا المركز على معالجة الأشجار والمحاصيل والنفايات البشرية، بهدف دعم الاقتصاد وتقليل البصمة الكربونية.
ويسعى المستشارون جاهدين لوضع خطة للمصفاة تركز على استخدام المواد الخام المحلية وتقنيات إعادة التدوير. وتهدف هذه الجهود، بحسب مصادر مطلعة، إلى تطوير موقع المصفاة في «فالكيرك».
وتواجه الحكومتان البريطانية والاسكتلندية ضغوطاً لتأمين مستقبل صناعي للموقع، وذلك للحيلولة دون خسارة مئات الوظائف بعد إغلاق المصفاة، ولدعم التحول نحو اقتصاد ما بعد النفط.
وقد تم تشكيل فريق عمل ممول من الدولة يعرف باسم «مشروع ويلو» بعد أن قررت شركة «بتروينوس»، وهي مشروع مشترك بين شركتي «بتروتشاينا» و«إنيوس»، التي تمتلك مصفاة «جرينجموث»، إغلاق المنشأة.
وأعرب الساسة في وستمنستر واسكتلندا عن خيبة أملهم إزاء قرار شركة «بتروينوس» بإغلاق المصفاة، لكنهم لم يلتزموا بعد بتخصيص أموال جديدة لتحويل الموقع.
ويهدف المشروع، المقرر الانتهاء منه في نهاية يناير، إلى تقديم خطة عمل للصناعات ذات الانبعاثات الكربونية المنخفضة، بما في ذلك الهيدروجين الأخضر، لتعويض أكثر من 400 وظيفة من المتوقع فقدانها العام المقبل على مدار فترة زمنية أطول.
وقال أحد المطلعين على تفاصيل الدراسة: «هناك مجموعة قوية من المشاريع تتركز حول ثلاثة مجالات رئيسية: إعادة التدوير، والوقود الحيوي، والهيدروجين».
ويقترب العمل على «مشروع ويلو»، الذي تشرف عليه شركة الاستشارات «إرنست آند يونج»، من الانتهاء بنسبة 75%، مع احتمال تعديل التوصيات الحالية.
ولا توجد ضمانات بأن شركة «بتروينوس» – التي تشارك في المشروع إلى جانب الحكومات الوطنية والإقليمية، والصناعات المحلية، والمؤسسات التعليمية – ستتبنى المقترحات الخاصة بالتحول نحو الاقتصاد الأخضر.
والتقنيات المقترحة أثبتت جدواها على نطاق واسع، وفقاً للمصادر، لكن تحقيق ذلك إلى واقع يتطلب من الحكومة تعديل السياسات التنظيمية والاستثمار في المشاريع الأساسية لجذب رؤوس الأموال الخاصة إلى هذه القطاعات الناشئة.
وقال أحد المصادر: «الفكرة تدور حول الاستدامة الدائرية، مع ضمان أن تكون الموارد الأولية محلية قدر الإمكان، وأن نتمكن من تحقيق الجدوى الاقتصادية للمشروع ليصبح قائماً بذاته».
وأشارت المصادر إلى أن العمليات الصناعية الخضراء قد توفر وظائف أقل من التي توفرها المصفاة الحالية، إلا أنها ستخلق عدداً أكبر من الوظائف غير المباشرة من خلال سلسلة توريد المواد الأولية، بما في ذلك العمل في الغابات والزراعة وإعادة التدوير واحتجاز الكربون ومعالجة مياه الصرف الصحي.
وسيكون لإعادة تدوير البلاستيك والمواد الكيميائية دور رئيسي في الإنتاج المحتمل للمنشأة. كما يُتوقع أن تُستخدم معالجة الحمأة الناتجة عن مياه الصرف الصحي لإنتاج الميثان الحيوي الذي يمكن أن يتم دمجه مع شبكة الغاز الطبيعي في المملكة المتحدة، إضافة إلى إنتاج الزيوت الحيوية.
وسيلعب الهيدروجين، الذي يعد ركناً أساسياً في الاستراتيجية الصناعية الخضراء الوطنية لاسكتلندا، دوراً مهماً في تطوير مصفاة «جرينجموث» في المستقبل القريب. وسيُستخدم فائض طاقة الرياح البحرية لإنتاج الهيدروجين كمصدر أولي للمواد الكيميائية والوقود ذات القيمة العالية.
وحدد «مشروع ويلو» الغابات كمصدر واعد للمواد الخام المحلية لإنتاج الوقود الحيوي. كما أن زراعة المزيد من الأشجار ستُسهم في امتصاص ثاني أكسيد الكربون، الذي يمكن تحويله لاحقاً إلى منتجات عالية القيمة، مثل وقود الطيران المستدام أو الديزل الأخضر.
وقال أحد المصادر: «قبل 150 عاماً، كانت اسكتلندا تمتلك صناعة خشب قوية، لكنها تراجعت مع مرور الوقت. فهل يمكننا إعادة إحيائها بمساعدة الحكومة؟».
ومع ذلك، تُعد مسألة توسيع الغابات قضية جدلية في بعض المجتمعات الريفية، حيث يعترض السكان على زراعة أشجار الصنوبر سريعة النمو التي تُشوه المناظر الطبيعية وتزاحم الأراضي الزراعية.
قال المصدر: «إذا كان هناك اعتراض على أن زراعة الأشجار تُعد استخداماً غير فعال للأراضي، فسنسأل: ما الذي تُستخدم هذه الأراضي من أجله اليوم، وما هي الخطط المستقبلية لها؟ إذا كانت بعض الأراضي غير مستخدمة، فلماذا لا نزرع أشجاراً عليها؟».
وأشار المصدر إلى أن المحاصيل غير الغذائية، مثل «الكاميليا»، يمكن إضافتها إلى خليط الموارد الأولية إلى جانب الدهون والزيوت والشحوم المستعملة.
ويُمكن أن يؤدي إدخال هذه المحاصيل في دورات الحصاد إلى تحقيق «فائدتين مزدوجتين» للمزارعين من خلال زيادة دخلهم وتحسين التربة عبر تعزيزها بالبوتاسيوم والنترات. ومع ذلك، فإن الحكومة بحاجة إلى تقديم حوافز للمزارعين لتجربة هذه النباتات الجديدة.
وفي السياق، أعدّت نقابة «يونايت» خطة استثمارية تهدف إلى تمديد عمر المصفاة الحالية، بينما تُصاغ الخيارات المتعلقة بالتصنيع منخفض الكربون.
وأظهرت الدراسة أن المنشآت التصنيعية الجديدة قد تكون قيد التشغيل خلال عقد من الزمن، مع توسع تدريجي خلال ثلاثينيات القرن الحالي، لتصل إلى كامل إمكاناتها بحلول ما بعد عام 2040.