أماندا تشو
تسارع إدارة جو بايدن في منح قروض بمليارات الدولارات إلى شركات التكنولوجيا النظيفة، في محاولة لتأمين الإرث الأخضر للرئيس الأمريكي جو بايدن قبيل تنصيب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الشهر المقبل.
وأعلن مكتب برامج القروض، الذراع التمويلي لوزارة الطاقة، التزامه بأكثر من 38 مليار دولار، وهو نصف إجمالي القروض الممنوحة خلال فترة رئاسة بايدن منذ انتخابات الخامس من نوفمبر.
وتعد 5 من التزامات القروض الجديدة من بين الأكبر في تاريخ البرنامج، بما في ذلك قرض بقيمة 15 مليار دولار إلى «باسيفيك غاز آند إلكتريك» لاستثمارات البنية التحتية، وهو الأكبر على الإطلاق، إلى جانب قرض بقيمة 7.54 مليارات دولار إلى مصنع البطاريات الخاص بشركتي «سامسونغ» و«ستيلانتيس» في إنديانا، وقرض بقيمة 6.57 مليارات دولار إلى شركة ريفيان الناشئة لتصنيع المركبات الكهربائية المخصص لبناء مصنع في ولاية جورجيا، علاوة على قرض بقيمة 4.9 مليارات دولار إلى عملاقة الطاقة المتجددة «إنفنرجي» لبناء خط نقل كهربائي.
ويأتي التسارع في وتيرة منح القروض إلى شركات الطاقة النظيفة وسط مخاوف داخل الصناعة من أن الإدارة التالية بقيادة الجمهوريين تعتزم تقليص حجم البرنامج إلى حد كبير، أو إلغاءه. وذكر محامون ومحللون بقطاع الطاقة أن قروضاً مشروطة بقيمة تبلغ نحو 43 مليار دولار التزم بها مكتب القروض الجديدة ربما تكون معرضة للخطر أيضاً.
وشجب فيفيد راماسوامي، الذي سيشارك إيلون ماسك في قيادة ما يطلق عليها إدارة الكفاءة الحكومية، القروض الممنوحة مؤخراً على منصة «إكس» (تويتر سابقاً) في وقت مبكر من الشهر الجاري، واتهم إدارة بايدن بـ«إنفاق باذخ في اللحظات الأخيرة».
وكتب في التغريدة: «ستفحص إدارة الكفاءة الحكومية بدقة كل واحدة من هذه المعاملات الإحدى عشر المثيرة للريبة».
وكان برنامج القروض، وهو ركيزة أساسية لاستراتيجية بايدن الصناعية، هدفاً متكرراً لهجمات الجمهوريين، الذين ينظرون إليه باعتباره متحيّزاً ضد مشروعات الوقود الأحفوري، ويعتقدون أنه فشل في فحص طلبات الحصول على القروض بعناية، ويتهمونه بإهدار أموال دافعي الضرائب.
وقال كيفين بروك، الشريك المؤسس لمجموعة كلير فيو إنرجي بارتنرز البحثية: «من المُتوقع للغاية أن يكون مكتب برامج القروض على قائمة الأهداف»، وتابع: «يمنح هذا الإدارة المنتهية ولايتها حافزاً لمحاولة منح أكبر قدر ممكن من ضمانات القروض والإجراءات التمويلية».
وقد دفعت التهديدات التي يواجهها مكتب القروض، الذي تتوفر لديه 400 مليار دولار، بعض الشركات إلى إعادة النظر في طلبات الحصول على قروض.
وفي الشهر الماضي، كتبت شركة «ديوك إنيرجي» رسالة إلى لجنة المرافق العامة في ولاية كارولينا الشمالية، قائلة إنه من «مصلحة» عملائها «إيقاف أي جهود» في محاولة الحصول على قرض من مكتب برامج القروض حتى فبراير، «ليتسنى مزيد من الوضوح» بشأن تعامل الإدارة مع البرنامج.
يشكل مكتب برامج القروض، الذي تأسس عام 2005، بديلاً يوفر تمويلاً عاماً منخفض التكلفة لتقنيات الطاقة الناشئة التي تواجه صعوبة في الحصول على دعم من وول ستريت.
وتأثّر المكتب بشدة، الذي تُعد شركة «تسلا» إحدى قصص نجاحه، بسبب انهيار شركة «سوليندرا» المُصنّعة لألواح الطاقة الشمسية عام 2011، والتي حصلت على 535 مليون دولار من المكتب، ما تسبب في هجمات من الجمهوريين وأسفر عن مجموعة تحقيقات.
من جهتها، وصفت جينيفر غرانهولم، وزيرة الطاقة الأمريكية، هجمات فيفك راماسوامي رجل الأعمال والسياسي المؤيد للحزب الديمقراطي بأنها «مُخجلة»، وأوضحت أن الإعلانات الأخيرة عن القروض «كانت قيد الانتظار لمدة طويلة وخضعت لعملية تدقيق جادة».
وقالت غرانهولم: «لسنا قلقين بشأن أي شكل من أشكال النجاح الأقل قوة، بالنظر إلى الشركات قيد الحصول على التمويل». وسددت الشركات 14.3 مليار دولار للبرنامج وسددت مدفوعات فائدة قدرها 4.9 مليارات دولار، بحسب آخر التقارير السنوية الصادرة عن المكتب.
وبلغ إجمالي الخسائر المُقدّرة مليار دولار، ما يبلغ نحو 3% من إجمالي الأموال المصروفة.وأعلن متحدث باسم وزارة الطاقة أن وتيرة مكتب القروض «لطالما كانت مدفوعة بالمُقترضين» وأن «العمليات والإجراءات لم تطرأ عليها أي تغييرات».
وحذر بعض المحامين من أن الإدارة القادمة لترامب قد تسعى إلى إلغاء الالتزامات والأموال غير المصروفة، مع محاولتها توفير المال. وقد يؤدي هذا إلى ضغوط مالية إضافية على الشركات في قطاع الطاقة النظيفة، التي تواجه صعوبة بالفعل بسبب ارتفاع أسعار الفائدة.
واحتدام المنافسة من الصين، والمخاوف بشأن مستقبل قانون الحد من التضخم، وهو القانون البيئي المميز الذي أصدره بايدن، بحسب المحامين.
وترى ماري آن سوليفان، المحامية السابقة لدى وزارة الطاقة في إدارة الرئيس الأسبق، بيل كلينتون، وكبيرة المستشارين حالياً لدى مكتب هوغان لوفلز للمحاماة، أن «الأمر هنا يخضع للتقدير الشخصي»، واستطردت: «إذا لم يعجبهم مشروع ما، فمن المرجح أنهم سيجدون أسباباً مشروعة للقول إن شرطاً من الشروط لم يتم استكماله».
وتعد التزامات قروض بعد الانتخابات من بين أكبر الالتزامات في تاريخ المكتب. وتوجد نحو 43 مليار دولار التزامات مشروطة من إجمالي محفظة مكتب برامج القروض البالغة 108 مليارات دولار. وبحسب التحديث الذي نشره المكتب في نوفمبر الماضي، يوجد لدى المكتب 212 طلباً للحصول على تمويل، ويبلغ إجمالي الطلبات 324.3 مليار دولار.
وتجاهلت بعض الشركات المخاوف بشأن ترامب، مشيرين إلى الأحجام الكبيرة من التمويلات المُوجّهة للطاقة النظيفة في الولايات التي يسيطر عليها الجمهوريون، والتوترات المتزايدة بين الولايات المتحدة والصين، وهي المنتج المهيمن على قطاع الطاقة النظيفة.
وتتواجد أكثر من نصف المشروعات التي تلقت قروضاً من المكتب تحت إدارة بايدن في ولايات يهيمن عليها الجمهوريون.
وفي عهد الإدارة الأولى لترامب، أعلن مكتب القروض قرضاً واحداً وانتهى من إجراءاته، وكان القرض بقيمة 3.7 مليارات دولار لالتزام سابق إلى محطة فوغلي للطاقة النووية بولاية جورجيا.
وقال باتريك غروبر، الرئيس التنفيذي لدى شركة غيفو الأمريكية التي تعمل على تطوير الوقود المُستدام وتلقّت 1.47 مليار دولار في التزام مشروط خلال شهر أكتوبر الماضي: «إنه مجرد قرض وليس إهداراً للأموال». ويتوقع غروبر أن «البراغماتية ستنتصر في النهاية» خلال الفترة الثانية لحكم ترامب.