بيغي هولينجر، أوليفر هوكينز
تتقدم العديد من الشركات الخاصة بطلبات للحصول على حقوق استخدام طيف موجات الراديو على سطح القمر بهدف استغلال «الاقتصاد القمري الناشئ».
ومنذ عام 2010، تم تقديم أكثر من 50 طلباً إلى الاتحاد الدولي للاتصالات لاستخدام هذا الطيف، وهو طريق سريع غير مرئي للموجات الكهرومغناطيسية التي تمكن جميع التقنيات اللاسلكية، للالتقاط أو الإرسال على سطح القمر أو منه.
وتجاوز عدد الطلبات التجارية المقدمة إلى الهيئة العالمية للتنسيق بشأن الطيف القمري في العام الماضي الطلبات المقدمة من وكالات الفضاء والحكومات للمرة الأولى. تغطي الطلبات أنظمة الأقمار الصناعية إضافة إلى مهمات الهبوط على سطح القمر.
وقالت كاثرين جيزينسكي، الرئيسة التنفيذية لشركة ريفر أدفايزرز الاستشارية للأطياف اللاسلكية، التي تقدمت بطلبات للحصول على طيف قمري لثلاثة أنظمة أقمار صناعية نيابة عن شركات أخرى منذ عام 2021: «سننظر إلى الوراء ونرى هذه كنقطة مهمة انعطف فيها التاريخ».
ورغم أن إجمالي طلبات التسجيلات كان أقل في عام 2024 منه في العام السابق، إلا أن النسبة المتزايدة من الطلبات التجارية تعكس سباقاً لبناء البنية التحتية التي ستمكن الاستفادة من «الاقتصاد الفضائي القمري»، أي المنطقة الواقعة بين الأرض والقمر.
وكانت بعض طلبات خاصة بأنظمة أقمار صناعية قيد الاستخدام بالفعل أو أدت غرضها، مثل المستخدمة في مهمات «تشانغ آه» الصينية إلى القمر، لكن أحدث الطلبات مخصصة لأنظمة مخطط لها لم يتم نشرها بعد.
وفازت شركة إنتويتيف ماشينز، التي أصبحت العام الماضي الشركة الخاصة الأولى التي تهبط على سطح القمر في سبتمبر الماضي، بعقد تصل قيمته إلى 4.8 مليارات دولار من وكالة «ناسا» لتطوير كوكبة من الأقمار الصناعية لنقل البيانات بين القمر والأرض. وتقدمت شركة إنتويتيف ماشينز بطلب للحصول على طيف قمري في عامي 2023 و2024.
وقال تيم كرين، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي للتكنولوجيا في شركة إنتويتيف: «قيمة الفضاء هي ما يعيده إلينا، وعلى المدى القريب ما سنعيده من القمر هو البيانات. تكمن قيمة المشروع في إدارة الطيف ونمو استخدامه على سطح القمر».
ومن المتوقع أن يشهد هذا العام عدة محاولات تجارية للهبوط على سطح القمر، مدفوعة بطموحات أمريكية وصينية وروسية طويلة الأجل لإنشاء قواعد دائمة على سطح القمر.
وسترسل شركات «إنتويتيف ماشينز» و«فايرفلاي إيروسبيس» و«أستروبوتيك» الأمريكية مركبات للهبوط على سطح القمر، كجزء من مبادرة خدمات «الحمولة القمرية التجارية» التابعة لوكالة «ناسا»، حيث تستخدم وكالة الفضاء الأمريكية شركات خاصة لإجراء تجارب علمية وغيرها إلى القمر. وستحاول شركة آي سبيس اليابانية أيضاً الهبوط على سطح القمر بعد مهمتها الفاشلة في عام 2023.
ومن بين 450 مهمة قمرية متوقعة خلال عشر سنوات تنتهي في عام 2033، سيكون نحو نصفها من شركات خاصة، بحسب شركة أناليسيس ماسون. ووفقاً لأحدث تقرير لسوق القمر الصادر عن شركة الاستشارات الفضائية، من المتوقع أن تدر هذه المهمات إيرادات تبلغ نحو 151 مليار دولار، مع بقاء 75 بالمئة منها من العقود الحكومية.
وقال جيسون سولوف، كبير المهندسين لشبكة البيانات القمرية في شركة إنتويتيف: «بينما لا تزال ناسا عميلاً كبيراً، تشهد الشركة اهتماماً متزايداً من شركات تجارية بحتة تركز على استكشاف الموارد والأبحاث الطبية والتصنيع».
وكشف مسح للطلبات المقدمة إلى الاتحاد الدولي للاتصالات أن أول الطلبات التجارية للطيف القمري تم تقديمه عام 2021. وفي العام الماضي، استحوذ القطاع الخاص على أربعة من أصل سبعة طلبات للطيف القمري. في عام 2023، استحوذت الكيانات المدعومة من الدول على 13 من أصل 18 طلباً.
وتمثل الولايات المتحدة والصين الحصة الكبرى من طلبات الطيف القمري المقدمة إلى الاتحاد الدولي للاتصالات.
وبينما تأتي معظم الطلبات من الصين والهند وروسيا من وكالات حكومية أو شركات مملوكة للدولة، كانت جميع الطلبات من المملكة المتحدة لشركات تجارية. وفي الولايات المتحدة، هناك مزيج مع عدد كبير من الطلبات لا يزال في الطريق من وكالة «ناسا».
وقال الاتحاد الدولي للاتصالات إن الطلبات أظهرت أن مشاريع استكشاف القمر «يتم تطويرها في جميع أنحاء العالم، وتعد مؤشراً على توجه» عالمي. وأدى الاهتمام المتزايد بالاتصالات اللاسلكية من أو على سطح القمر بالفعل إلى تكثيف الضغط لإعادة التفكير في القواعد التي تنظم استخدام الطيف.
ويجتمع المنظمون من أكثر من 190 دولة مع الصناعة كل 4 سنوات في المؤتمر العالمي للراديو لمراجعة لوائح الراديو، وهي معاهدة دولية تنظم استخدام طيف الترددات الراديوية والمدارات. وسيعقد المؤتمر العالمي للراديو القادم في عام 2027، وسيتم تخصيص أكثر من 80 بالمئة من جدول أعماله للقضايا المتعلقة بالفضاء.
وقال الاتحاد الدولي للاتصالات إن اللوائح «تحتوي بالفعل على بعض الأحكام المتعلقة بإدارة الطيف على سطح القمر»، لكن «ستتمكن الدول الأعضاء، خلال المؤتمر المقبل، من إضافة أو تحديث الأحكام المتعلقة بالقمر».
ويوجد على سطح القمر معادن نادرة إضافة إلى الهيليوم - 3، وهو نظير نادر للهيليوم على الأرض، ويعتقد بوجود كميات كبيرة منه على سطح القمر. ويمكن استخدامه وقوداً في مفاعلات الاندماج النووي، وهو مصدر طاقة نظيف وفعال للغاية. ويعتبر هذا المورد من أهم الدوافع وراء الاهتمام المتزايد بالقمر. وإنشاء اقتصاد قمري يمكن أن يسهم في استغلال موارد القمر في إنشاء اقتصاد قمري مستدام، يشمل أنشطة مثل التعدين والتصنيع والسياحة الفضائية.