جوشوا أوليفر
تواجه قرابة 700.000 أسرة بريطانية ارتفاعاً حاداً في تكاليف الرهن العقاري مع انتهاء صلاحية عقودها ذات أسعار الفائدة الثابتة في عام 2025. وتنذر الاضطرابات التي شهدتها الأسواق المالية في المملكة المتحدة خلال الأسابيع الأخيرة بزيادة تكاليف الاقتراض إلى مستويات أعلى. كان من المتوقع أن تنخفض أسعار الفائدة على الرهن العقاري هذا العام، ما يخفف العبء عن مالكي المنازل.
إلا أن عمليات البيع المكثفة الأخيرة في أسواق الديون الحكومية البريطانية، والتي جاءت مدفوعة بالمخاوف من استمرار ارتفاع التضخم وارتفاع الدين العام، قد تبقي تكاليف الاقتراض مرتفعة لفترة أطول.
وتسبب هذا التغيير في ارتفاع عقود المبادلة على نحو حاد، وهي التي يتابعها المقرضون عن كثب لتسعير عقود الرهن العقاري. وبالنسبة لعقود مبادلة أسعار الفائدة بالجنيه الاسترليني لأجل عامين، التي تتوقع متوسط معدل الفائدة على مدى 24 شهراً، فقد ارتفعت من مستويات أقل قليلاً من 4% في منتصف شهر سبتمبر الماضي إلى أكثر من 4.5%.
وتأتي صدمة الرهن العقاري التي تنتظر الأسر هذا العام، إضافة إلى قيام 2.4 مليون أسرة بعملية إعادة تمويل عقود الرهن العقاري عند معدلات فائدة أعلى خلال عامي 2023 و2024، بحسب تحليل صادر عن مجموعة سافيلس للعقارات. وقال لوسيان كوك، رئيس البحوث السكنية لدى «سافيلس»، إن «الضغوط على ماليات الأسر» جراء ارتفاع تكاليف الرهن العقاري «تحمل في طياتها تأثيراً يتمثل في سحب الأموال من الاقتصاد».
ويثبت غالبية ملاك المنازل في المملكة المتحدة عقود الرهن العقاري على مدار عامين أو خمسة أعوام. ويعني هذا أن الصدمة الناجمة عن الزيادة الكبيرة في تكاليف الاقتراض التي بدأت في عام 2022، وتفاقمت بعد الموازنة المصغرة الكارثية التي أعلنتها ليزا تراس، رئيسة الوزراء السابقة، ألقت بظلالها على الأسر لأعوام عدة.
وكانت مدفوعات الرهن العقاري الآخذة في الازدياد واحدة من أبرز العوامل التي أسهمت في أزمة تكلفة المعيشة التي يمر بها البلد. ومن شأن الفائدة الأعلى أن تضيف 1.27 مليار جنيه استرليني إلى تكاليف الإسكان السنوية لمالكي العقارات الذين سيعيدون تمويل عقود الرهن العقاري في عام 2025، وفق توقعات «سافيلس».
واستندت هذه التقديرات إلى توقعات، تتنبأ بانخفاض معدلات إعادة تمويل الرهن العقاري إلى 4.0% بحلول نهاية العام الجاري.
لكن ازداد القلق الذي يساور المستثمرين بشأن الديون الحكومية، وثبات معدل التضخم، وآفاق اقتصاد المملكة المتحدة، ما تسبب في ارتفاع تكاليف الاقتراض الحكومية ومعدلات المبادلة على مدار الأسابيع القليلة الماضية. وقال سايمون غامون، الشريك الإداري لدى «نايت فرانك فاينانس»: «لقد شهدت عقود المبادلة تحركات كبيرة، لذا، توجد هناك ضغوط تسعيرية بالفعل على كل المقرضين. وإذا استمر الاتجاه الحالي وظلت عقود المبادلة عند مستويات مرتفعة، فمن المحتمل أن نشهد ارتفاع معدلات الرهن العقاري إلى مستويات أعلى على نطاق واسع».
وحذر مصرف إنجلترا، الذي بدأ خفض أسعار الفائدة العام الماضي من أعلى مستوياتها منذ 16 عاماً، من أن «التأثير الكامل لأسعار الفائدة الأعلى لم يمرر إلى كل مستديني الرهون العقارية».
وأعلن المصرف المركزي في شهر نوفمبر الماضي، أن مالك المنزل العادي الذي سينتهي عقد الرهن العقاري الخاص ذو الفائدة الثابتة خلال العامين المقبلين سيشهد زيادة في المدفوعات الشهرية بنسبة 22%، أو بواقع 146 استرلينياً. وأضاف المركزي إن نسبة مالكي المنازل، المتأخرين في سداد الرهون العقارية أو المثقلين بمدفوعات الرهن العقاري، تظل منخفضة وفق المعايير التاريخية.
وأدت الحاجة إلى استيعاب التكاليف الأعلى بالعديد من ملاك المنازل إلى التخلي عن فكرة الانتقال إلى منزل جديد، مع وجود عدد أقل من الناس من القادرين على الانتقال إلى منازل أكثر تكلفة.
ويرى كوك من «سافيلس» أن «الناس لن يعاودوا التفكير من جديد في الانتقال إلى منزل آخر إلا بعد استيعاب التأثير الكامل لكل هذا بصورة تامة». رغم ذلك، توجد هناك بعض الأنباء السارة للمقترضين من أجل إعادة تمويل عقود الرهون العقارية ذات الفائدة الثابتة لأجل عامين، وتتمثل في أنهم ثبتوا عقودهم عند مستويات قريبة من الذروة الأخيرة في تكاليف الاقتراض، وسيشهدون تراجعاً في تكاليفهم الشهرية إلى حد كبير.
ومن بين أكثر من مليون عقد بفائدة ثابتة ينتهي أجلهم عام 2025، أضافت «سافيلس» أن قرابة 340.000 ستكون عقوداً ثابتة الفائدة لأجل عامين يمكن بموجبها للمقترضين توفير المال عن طريق إعادة تمويل الرهن العقاري. أما بقية العقود، فكانت عقوداً مثبتة الفائدة ولآجال أطول، وسيواجه أصحابها تكاليف أعلى عند إعادة التمويل.