النشطاء يزيدون صعوبة ممارسة الأعمال في أمريكا

بروك ماسترز

أصبح نجاح الطعون القانونية التي يتقدم بها المحافظون ضد ممارسات الشركات الأمريكية مفاجأة متكررة هذه الأيام، لكن ينبغي على الشركات الأمريكية ألا تفاجأ بعد الآن، ففي ديسمبر الماضي، رفض القاضي ريد أوكونور، قاضي المحكمة الجزئية الأمريكية، جهود شركة «بوينج» لتسوية تحقيق في تحطم طائرتين من طراز «ماكس».

واعترض أوكونور، الذي يمارس مهامه في ولاية تكساس، على استخدام اعتبارات التنوع والمساواة والاندماج في اختيار مراقب للإشراف على الامتثال لاتفاقية التسوية.

في الشهر نفسه، وفي ولاية فلوريدا، أمر القاضي الفيدرالي جون بادالامينتي شركة «تارجت» للتجزئة بمواجهة دعوى قضائية رفعها مساهمون، متهمين الشركة بإخفاقها في تحذيرهم من المخاطر المرتبطة بمبادرات التنوع والمساواة والاندماج.

إضافة إلى المخاطر البيئية والاجتماعية ومخاطر الحوكمة. وركزت الدعوى القضائية، التي رفعت عام 2023، على ردود الفعل السلبية التي نجمت عن حملة «الفخر» التسويقية.

وفي شهر يناير 2024، أصدر أوكونور حكماً، قضى بأن الخطوط الجوية الأمريكية خذلت الموظفين من خلال إدراج صناديق المؤشرات التابعة لشركة «بلاك روك» في نظام التقاعد الخاص بها، بعدما أعلنت شركة إدارة الأصول التي تبلغ قيمتها 11.5 تريليون دولار أن المخاطر المناخية أثرت على أرباحها.

وكتب أوكونور في الحكم أن شركة الطيران «غضت الطرف عن نشاط بلاك روك البيئي والاجتماعي والحوكمي». أما «بلاك روك»، التي لم تكن طرفاً في الدعوى القضائية، فتصر على أن «أجندتها الوحيدة تتمثل في تعظيم العائدات».

وتعد الدعاوى القضائية ذات الطابع السياسي شائعة في المجتمع الأمريكي الذي أصبح شديد الاستقطاب، ويسعى فيه الليبراليون والمحافظون إلى معاقبة الشركات على اتخاذ مواقف بشأن مواضيع ساخنة، مثل التغير المناخي. ومن المقرر أن يزداد هذا الأمر تحت إدارة ترامب التي تتخذ مواقف مثيرة للجدل.

ورفع المساهمون في «لولو ليمون»، دعوى قضائية مؤخراً ضد شركة الملابس الرياضية، بزعم أنها فشلت في الوفاء بتعهداتها بشأن التنوع، ورفعت مدينة نيويورك مؤخراً دعوى قضائية ضد «إكسون موبيل» و«بريتيش بتروليوم» و«شل»، وزعمت أن هذه الشركات ضللت سكان المدينة بشأن التزاماتهم بشأن الاستدامة.

وقالت آن ليبتون، أستاذة القانون في جامعة تولين: «إنها حرب ثقافية بطريقة خاصة، هناك طابع سياسي في إظهار أن سياستك المفضلة مربحة، لأنها إن كانت كذلك، ستربح معها الشعبية أيضاً». وتابعت: «لا أعتقد أن الشركات مستعدة لهذا».

وما يميز الدعاوى القضائية التي رفعت ضد كل من «تارجت» والخطوط الجوية الأمريكية «وبوينج» عن البقية، هو أن هذه الشركات أقنعت القضاة بالوقوف في صفهم.

وحتى الآن، يميل معظم القضاة إلى حسن الظن بالشركات وصناديق المعاشات التقاعدية في الدعاوى القضائية بشأن التنوع والمساواة والاندماج وسياسات الاستدامة.

على سبيل المثال، رفضت محاكم ديلاوير محاولات المساهمين في «ديزني» خلال عام 2023 للحصول على سجلات الشركة فيما يتعلق بنزاعها مع ولاية فلوريدا بشأن قانون الولاية الذي يمنع إطلاق صفة على الشخص تحدد ميوله الجنسية.

كما لم تكن المحاكم في نيويورك متسامحة مع الطعن القضائي ضد سحب صناديق المعاشات التقاعدية في نيويورك لاستثماراتها من شركات الوقود الأحفوري.

لكن أوكونور وبادالامينتي كانت لهما وجهة نظر مختلفة، ويعتبرها بعض المحامين مزعجة. وقال روب سكينر، شريك التقاضي في الأوراق المالية لدى مكتب «روبس آند غراي»:

إن «القاضي الذي يصدق الفرضية الزائفة التي يدفع بها الساسة المحافظون، بأن الأخطار المناخية تتعلق بالسياسة الاجتماعية وليس بالنتائج المالية، إنما يتجاهل الأدلة بكل بساطة». واستطرد: «إن وجهات النظر أحادية الجانب تلك تشكل اتجاهاً مقلقاً للغاية إذا قرر قضاة آخرون السير على هذا النهج».

رغم ذلك، من غير الواضح ما إذا كانت هذه الأحكام القضائية ستظل صامدة. فلقد تدخلت المحكمة العليا في الولايات المتحدة، عندما شكك قاضي فيدرالي آخر في تكساس في الإجراء بأكمله للموافقة على أدوية كجزء من حكم ضد الإجهاض في عام 2023.

كما استمع قضاة المحكمة العليا في قضية هذا الأسبوع تتعلق بالحدود المفروضة على ممارسة البحث عن قضاة متعاطفين للحصول على قرارات مواتية، فيما يطلق عليه التسوق القضائي.

وإن لم تقمع المحكمة العليا تماماً ممارسات التسوق القضائي تلك، فإن ممارسة الأعمال في الولايات المتحدة ستزداد تعقيداً. وبما أن النشطاء قد وجدوا سبيلهم إلى قضاة حلفاء لهم، يجب على الشركات أن تتوقع مزيداً من التحديات لممارساتها اليومية.

ومن المرجح أن تلهم دعوى معاشات «أمريكان إيرلاينز» مقلدين آخرين، لأن شركات عديدة تستخدم صناديق المؤشرات منخفضة التكلفة من «بلاك روك»، بينما تدخل «تارجت» في مفاوضات تسوية قد تشجع المزيد من الدعاوى المشابهة عندما تسير الحملات التسويقية بشكل خاطئ.

و«التسوق القضائي» ليس جديداً. فقد كانت مجموعات الأعمال سعيدة للغاية بالبحث عن قضاة محافظين لتحدي لوائح إدارة بايدن التي لم تعجبهم، بما في ذلك أوكونور والدائرة الخامسة التي تنظر في الطعون المقدمة من ولاية تكساس.

وقد أيد كلاهما طعوناً على جهود هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية لتشديد القواعد على سوق سندات الخزانة ومديري الصناديق الخاصة، ورفضا محاولة بورصة «ناسداك» فرض متطلبات التنوع على الشركات المدرجة.

والآن، قلب النشطاء المحافظون الطاولة، ومن المرجح أن يعين ترامب مزيداًً من القضاة الذين سيكونون متعاطفين معهم. ولا يمكن لقطاع الأعمال الأمريكي إلا أن يلوم نفسه.