أميليا بولارد - إريك بلات
تزايدت في الفترة الأخيرة أعداد الشركات التي تعاني من شح السيولة، واضطرت إلى اللجوء إلى المقرضين في صناديق الائتمان الخاصة للحصول على تسهيلات في السداد، بهدف الحفاظ على رأس المال، من خلال تأجيل مدفوعات ديونها.
أشار تقرير حديث لوكالة «موديز» للتصنيف الائتماني إلى ارتفاع معدلات لجوء الشركات لزيادة رصيد رأس مالها الأساسي بدلاً من دفع الأموال نقداً، وهي العملية المعروفة باسم «الدفع العيني» خلال الربع الثاني من العام، ورغم أن هذه القروض توفر راحة مؤقتة، إلا أنها غالباً ما تصاحبها أسعار فائدة أعلى ليتزايد عبء الدين، بسبب تراكم المدفوعات المؤجلة.
وأعلنت صناديق الائتمان الخاصة المتداولة، التي تراقبها وكالة «موديز»، تحقيق أعلى مستويات من الدخل عبر قروض الدفع العيني، منذ أن بدأت الوكالة في تتبع هذه البيانات عام 2020، رغم أن هذا الدخل يعتبر ربحاً على الورق، لكن لم يتضح بعد مدى إمكانية تحقيق هذه الأرباح فعلياً.
ويشير نمو هذه الأنواع من القروض إلى الضغوط المتزايدة على الشركات الأمريكية، حتى مع توسع الاقتصاد بشكل عام، خاصة الشركات التي كانت مثقلة بالديون من قبل مالكيها في شركات الأسهم الخاصة، والتي تكافح الآن لتحمل أعباء الفائدة. وقال شيل باتيل، الشريك في شركة كينغ آند سبالدينغ، إن «قروض الدفع العيني أفرزتها الضرورة، وكانت تعتبر حلاً مؤقتاً في السوق» في إشارة إلى أسعار الفائدة المرتفعة.
ورغم أن خطوة الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة في سبتمبر تعد بداية لتخفيف الضغط على المقترضين، إلا أن التوقعات تشير إلى أن أسعار الفائدة ستبقى أعلى بكثير مما كانت عليه خلال فترة ما بعد جائحة «كوفيد 19»، عندما أقدمت شركات الأسهم الخاصة على سلسلة من عمليات الاستحواذ الممولة بالديون.
وفي الماضي، كانت الشركات قادرة على تحمل أعباء الفائدة، لكن مع ارتفاع أسعار الفائدة إلى أكثر من 5 %، بدأت تكاليف الفائدة في التهام الجزء الأكبر من السيولة النقدية لدى العديد من الشركات المثقلة بالديون.
وتحول المقترضين إلى قروض «الدفع العيني» هو مجرد واحدة من المخاطر التي تتحملها صناعة الائتمان الخاص المزدهرة، حيث يقوم مديرو الأصول بتقديم القروض مباشرة للشركات، ورغم خطورة هذه القروض، إلا أنها يمكن أن تحقق عوائد مربحة للمقرضين المستعدين لتوفير رأس المال. وقدرت وكالة «موديز» أن 7.4 % من الدخل المسجل من قبل صناديق الائتمان الخاصة كان في صورة «دفع عيني»، خلال الربع الأخير، فيما قدر المحللون في بنك أوف أمريكا هذه النسبة بنحو 9 %.
وخلال الربع الثاني أبلغ صندوق التكنولوجيا التابع لشركة «بلو أول» أن 23.6 % من دخله كان يتحقق في شكل قروض «الدفع العيني»، وتبعه صندوق «بروسبيكت كابيتال» بنسبة 18.6 %، و«نيو ماونتن فاينانس» بنسبة 17.7 %، و«أريس مانغمنت»، وهو أحد أكبر الصناديق، بنسبة 15.4 %.
وتعد شركة «بيوتي إندستري جروب»، المتخصصة في تصنيع ملحقات الشعر والمدعومة من شركة الأسهم الخاصة «إل كاترون»، من بين الشركات التي سعت هذا العام إلى تخفيف عبء مدفوعات الفائدة النقدية، ووافقت الشركة المقرضة لها «بلو أول»، على أن يتم سداد نحو خمس مدفوعات الفائدة عن طريق «الدفع العيني»، ولكن في المقابل ارتفعت إجمالي تكاليف الفائدة التي تتحملها الشركة.
وينطبق الأمر نفسه على شركة «أفالينغ تكنولوجيز»، التي طلبت هذا العام مزيداً من المرونة من شركة «أريس». وقامت الشركة، المتخصصة في تصنيع الزرعات الطبية، بتعديل قرضها بحيث تستطيع تأجيل سداد نحو 30 % من مدفوعات الفائدة، ورغم أن هذا الإجراء سيمنحها مرونة مالية، إلا أنه سيؤدي إلى زيادة إجمالية في تكاليف الفائدة مع مرور الوقت.
وعلى الرغم من احتساب دخل الدفع العيني كإيراد ربع سنوي فإن الصناديق لا تتلقى الدفعات النقدية إلا عند إعادة تمويل القرض أو وصوله إلى تاريخ الاستحقاق، ويمكن أن يؤدي هذا الوضع إلى أزمة سيولة لدى الصناديق، التي يتعين عليها توزيع 90 % من إيراداتها على المستثمرين، حتى وإن لم تتلقَ تلك المدفوعات نقداً.
وقد يظهر ارتفاع دخل الدفعات العينية أن عائدات الاستثمار في هذه الصناديق تبدو أكثر جاذبية، على الرغم من أن الشركات المدينة تواجه صعوبات مالية، وأن الصناديق لم تتلقَ المدفوعات بالكامل بعد.
ومع ذلك لا يعد «الدفع العيني» دائماً مؤشراً على القلق، وفقاً لما ذكره كلاي مونتغمري، المحلل لدى «موديز»، حيث تقدم بعض الصناديق خيار الدفع العيني للشركات القوية مالياً للسماح لها بتوجيه السيولة نحو خطط التوسع، إلا أن التحدي يكمن في قدرة المستثمرين على التمييز بين الحالات التي يمنح فيها هذا الخيار كشريان حياة خلال فترات الضائقة مالية، والحالات التي يُمنح فيها لدعم الطموحات التوسعية للشركة.
بالنسبة للمستثمرين، يعد فهم هذا التمييز أمراً بالغ الأهمية. ويؤكد المقرضون أنه عندما يتم إدراج خيار الدفع العيني كجزء من القرض منذ البداية فإنه لا يشير بالضرورة إلى وجود ضغوط مالية.
وقد ذكرت «أريس» أن أكثر من 90 % من دخل الدفع العيني في الربع الثاني من أحد صناديقها كان مهيكلاً منذ بداية الاستثمار. كما أفادت «بلو أول» أن أكثر من 90 % من القروض في صندوقها التكنولوجي، التي تسمح بتأجيل السداد، كانت مهيكلة بهذه الطريقة منذ البداية.
نظراً لأن دخل «الدفع العيني» يتراكم بمعدل أعلى من مدفوعات الفائدة النقدية فإنه قد يكون نعمة للمقرضين، لكن في المقابل، عندما يبدأ هذا الدخل في الارتفاع، قد يصبح عبئاً ثقيلاً على بعض الشركات التي تجد صعوبة في سداده، كما يمكن استخدامه كأداة لتجنب إضعاف الديون حتى تاريخ لاحق، مما يثير قلق بعض المستثمرين من أنه قد يسمح للشركات بتأجيل المشاكل، التي قد تنتهي في النهاية بالتخلف عن السداد والخسائر الناتجة.
وتعد شركة «خوروس»، وهي شركة برمجيات مملوكة لشركة «فيستا إيكويتي بارتنرز»، من بين الشركات التي كافحت لسداد فاتورة فائدة الدفع العيني مع تدهور أعمالها، ففي وقت سابق من هذا العام، بدأت في تأجيل جميع مدفوعات ديونها، بفائدة تجاوزت 16%، وقام العديد من المقرضين بتصنيفها كقرض متعثر.