مايكل بيل، بيتر فوستر، غلوريا لي
تتسابق المؤسسات العلمية في أوروبا وخارجها لتوظيف العلماء والباحثين الراغبين في مغادرة الولايات المتحدة، هرباً من الأوضاع الجديدة التي أفرزتها إجراءات إدارة دونالد ترامب الصارمة على وكالات البحث. وتعد جامعة كامبريدج من بين مجموعة من المؤسسات البحثية الرائدة التي تسعى لجذب خبراء أمريكيين في مجالات تتراوح من الطب الحيوي إلى الذكاء الاصطناعي، وذلك بعد قرار واشنطن بخفض التمويل بشكل كبير وقمع بعض مجالات البحث.
وقال باحثون ومسؤولون مؤسسيون كبار في دول أوروبية عدة إنهم تلقوا اتصالات من نظرائهم الأمريكيين على مستويات مختلفة من الأقدمية بشأن تحركاتهم المحتملة لمغادرة أمريكا. وقالت ديبورا برنتيس، نائبة رئيس جامعة كامبريدج: إن الجامعة «بدأت بالفعل في تنظيم صفوفها للتعامل مع هذه الأوضاع»، مشيرة إلى إمكانية تقديم تمويل للإدارات التي «تستهدف شخصاً من الولايات المتحدة ترغب بشدة في استقطابه».
وقالت جوان بادرون كارني، كبيرة مسؤولي العلاقات الحكومية في الجمعية الأمريكية لتقدم العلوم: إن دولاً، منها الصين وفرنسا، تسعى «بكل حماس وسرور» إلى استقطاب الباحثين الأمريكيين للعمل في جامعاتها ومختبراتها وقطاعاتها الصناعية. وأضافت: «هناك دول أخرى تدرك تماماً أن هذه فرصة يمكنها استغلالها لصالحها».
وتسعى إدارة ترامب بالفعل إلى خفض مليارات الدولارات من التمويل من وكالات مثل المعاهد الوطنية للصحة، على الرغم من أن قاضياً فيدرالياً أصدر أمراً قضائياً هذا الشهر ضد أكبر شريحة من التخفيضات. وقالت ماريا ليبتين، رئيسة مجلس البحوث الأوروبي التابع للاتحاد الأوروبي: إن المناخ السياسي في الولايات المتحدة «مثبط للبحوث المستقلة» ويسبب قلقاً للزملاء الأوروبيين الذين قد يكونون قادرين على تقديم ملاذ.
وقالت ليبتين: «ما يمكننا فعله هو أن نوضح لزملائنا المقيمين في الولايات المتحدة أن مجتمع البحث الأوروبي ومموليه يقدمون ترحيباً في أوروبا لهؤلاء الباحثين، بغض النظر عن جنسيتهم، الذين يجدون أن خياراتهم للعمل العلمي المستقل باتت مهددة».
وقال ستين لينارسون، عميد معهد كارولينسكا للأبحاث الطبية الحيوية السويدي: إن المعهد من المرجح أن يبدأ في الإعلان عن وظائف شاغرة في وقت مبكر ويبحث عن طرق لمساعدة الباحثين الأمريكيين الذين يبحثون عن ملجأ.
وقال: «يخبرنا زملاؤنا أن لديهم زملاء في الولايات المتحدة يبحثون عن مكان ما»، «فقط لمنحهم مكاناً للجوء إليه وإيجاد طريقهم، يمكننا أن نمنحهم مكاناً لمدة ستة أو اثني عشر شهراً هنا - وهذا سهل للغاية».
ودفعت هذه الأوضاع الجديدة الباحثين في الولايات المتحدة وخارجها إلى التساؤل عما إذا كانت أمريكا تتخلى عن نموذج ما بعد الحرب العالمية الثانية، القائم على دعم الدولة القوي للاكتشافات العلمية واسعة النطاق كمحرك للابتكار والنمو الاقتصادي.
وقد أتاحت الفوضى في المجال العلمي الأمريكي فرصة لاستقطاب باحثين مرتبطين بالصين، وفقاً لصحيفة جلوبال تايمز. وجاء في تعليق نشر الأسبوع الماضي: «تحت ذريعة الأمن القومي واشنطن تزعزع مجال البحث العلمي».
وأضاف: «في مواجهة ضغوط متزايدة، يعيد العديد من (العلماء الأمريكيين الصينيين) تقييم مساراتهم المهنية ويوجهون اهتمامهم إلى الصين، البلد الذي يرونه الآن أكثر انفتاحاً وشمولاً ووفرة للفرص».
ويواجه مجال البحث العلمي الأمريكي ضغوطاً متزايدة نتيجة لإجراءات حكومة ترامب والتي تشمل خفض الإنفاق الحكومي، وكبح الأبحاث المتعلقة ببعض اللقاحات، والأسباب البشرية لتغير المناخ. ويقول علماء وإداريون أمريكيون بارزون إن نهاية هذه العملية لا تزال غير واضحة، بسبب نقص الشفافية، والتعديلات المستمرة، والطعون القانونية على بعض التغييرات المقترحة.
وعدم اليقين بحد ذاته ضار للغاية، لأن الباحثين بمن فيهم العديد من العلماء الشباب الذين يسعون للحصول على درجة الدكتوراه لا يعرفون ما إذا كانوا سيحصلون على تمويل. وقالت برنتيس من كامبريدج إن التحول المحتمل للمواهب عبر الأطلسي كان «على رادار» المؤسسات العلمية الرائدة في المملكة المتحدة.
وقالت ديبورا برنتيس، نائبة رئيس جامعة كامبريدج برنتيس، وهي عالمة نفس كانت سابقاً عميدة لجامعة برينستون: «هذا الأمر يقفز إلى مقدمة ذهني، لأن العديد من أصدقائي وزملائي السابقين من الولايات المتحدة يكتبون قائلين: «كيف نصل إلى بريطانيا؟»». وأضافت أنه بالنسبة لكامبريدج: «يتعلق الأمر حقاً بمحاولة توفير الموارد للأقسام والوحدات التي لديها فرصة للتوظيف».
كذلك، كتب وزير التعليم العالي والبحث الفرنسي فيليب بابتيست إلى مؤسسات بحثية رائدة يحثها على إرسال مقترحات للمجالات ذات الأولوية لجذب المواهب العلمية والتكنولوجية الراغبة في مغادرة الولايات المتحدة. وأضاف بابتيست: «يتساءل العديد من الباحثين المعروفين بالفعل عن مستقبلهم في الولايات المتحدة».
و«نود بطبيعة الحال الترحيب بعدد منهم». وقد أعلنت جامعة إيكس مرسيليا في جنوب فرنسا عن برنامج للعلماء المقيمين في الولايات المتحدة الذين قد يشعرون «بالتهديد والصعوبات المعوقة للأبحاث»، وخصوصاً بسبب التخفيضات التي تستهدف مجالات مثل تغير المناخ.