«تسلا» وسيارات الأجرة الروبوتية.. هل تخسر الشركة السباق؟

إيدن رايتر
شهدت أسهم تسلا انخفاضاً حاداً بنسبة 8.8%، وذلك على الرغم من العرض التقديمي المبهر الذي أقامته الشركة الخميس الماضي، واستعرضت خلاله الشركة روبوتاتها البشرية «أوبتيموس» التي قدمت المشروبات للمستثمرين والصحفيين.

كما أطلقت رسمياً سيارتيها ذاتيتي القيادة «سايبركاب» و«روبوفان» اللتين تسيران بدون سائق أو عجلة قيادة أو دواسات، وستشكلان أساس أسطول سيارات الأجرة الروبوتية مع ذلك جاء رد فعل السوق مخيباً للآمال بدرجة كبيرة.

وقد تعددت الأسباب وراء هذا التراجع، من بينها قلة التفاصيل المتوفرة حول طرازها الأقل تكلفة «طراز 2» الذي كان المستثمرون يأملون أن يدعم أرباح الشركة على المدى القريب.

كذلك، أشار بعض المحللين إلى أن تجربة قيادة السيارات الجديدة لم تكن مثيرة كما كان متوقعاً، كما أن الروبوتات الجديدة لم تعمل بالكفاءة المأمولة.

وربما كانت الخيبة الأكبر تكمن في تقديم سيارات الأجرة الروبوتية، فقد ركزت تسلا في تقاريرها وبياناتها الصحفية السابقة بشكل كبير على برنامج القيادة الذاتية الكامل، وعلى أسطول سيارات الأجرة الآلية.

مشيرة إلى إمكانية أن يحل هذا الأسطول محل وسائل النقل العام ويزيح خدمات سيارات الأجرة التقليدية مثل «أوبر» و«ليفت». لذلك، كان من الطبيعي ارتفاع أسهم الشركتين بالتزامن مع انخفاض أسهم تسلا.

وتشير التقديرات إلى أن سوق سيارات الأجرة الآلية يحمل إمكانات هائلة، حيث تتراوح التقديرات لقيمته السوقية بين 5 و8 تريليونات دولار، في حين قدمت شركة آر بي سي كابيتال ماركتس تقييماً أكثر تحفظاً بنحو 1.7 تريليون دولار بحلول عام 2040.

وفي تحليل سابق لتوقعات وول ستريت لأرباح تسلا، أشرنا إلى أن 32 مليار دولار من الإيرادات يمكن نسبتها إلى مبيعات برنامج القيادة الذاتية الكامل وسيارات الأجرة الآلية بحلول عام 2029.

و«تسلا» ليست الشركة الوحيدة التي تحاول الاستحواذ على سوق سيارات الأجرة الآلية، فهي تواجه منافسة من «وايمو»، شركة القيادة الذاتية التي انبثقت عن غوغل والمتخصصة في القيادة الذاتية، وأيضاً من «كروز»، خدمة السيارات ذاتية القيادة التابعة لشركة جنرال موتورز، إضافة إلى «زوكس»، الشركة الفرعية التابعة لأمازون للسيارات ذاتية القيادة. إذن، هل يمكن أن يكون رد فعل السوق دليلاً على شعور المستثمرين بأن تسلا قد تخسر السباق؟ إن من أبرز النقاط التي ظهرت من العرض، وردود فعل المستثمرين والمحللين تشمل:

- الجدول الزمني: فقد وعد ماسك في البداية بإطلاق أسطول من سيارات الأجرة الآلية في وقت مبكر من عام 2018. وخلال الحدث، تردد قليلاً في تقديم موعد محدد، قائلاً: «نتوقع أن نبدأ إنتاج «سايبركاب»، التي تم تحسينها بشكل كبير للنقل الذاتي... حسناً، أميل إلى التفاؤل بشأن الجداول الزمنية، لكن في عام 2026... قبل عام 2027، لنضعها بهذا الشكل.

كما التزم ماسك بتوفير بعض قدرات القيادة الذاتية الكاملة للطرازات الأحدث بحلول العام المقبل في تكساس وكاليفورنيا، مما يعني أن مالكي السيارات أو حتى «تسلا» نفسها قد يتمكنون من استخدام تقنية القيادة الذاتية الكاملة في خدمات الأجرة، لكن يبدو أن الأسطول الرسمي لـ«سايبركاب» من تسلا لن يبدأ العمل قبل عدة سنوات.

في الوقت نفسه، تعمل «وايمو» بالفعل بأساطيل سيارات الأجرة في 4 مدن، وقال عنها أحد المحللين إنها «شبه منتشرة في سان فرانسيسكو»، كما أنها ترخص تقنياتها لشركات ومصنّعين آخرين، بينما تعمل «كروز» في مدينتين، رغم أنها واجهت بعض التحديات المتعلقة بالامتثال والسلامة، أما «زوكس» فتختبر أسطولها في ولايتين.

-الامتثال: إحدى المشكلات التي واجهتها «كروز» هي اقتراحها لسيارة بدون عجلة قيادة أو دواسات، ورغم أن الإدارة الوطنية لسلامة المرور على الطرق السريعة وافقت على هذه المركبات التي لا تحتوي على عجلة قيادة أو دواسات، إلا أن «كروز» أوقفت إنتاج سيارتها بعد أن فشلت في الحصول على إذن لزيادة الإنتاج إلى أكثر من 2500 سيارة سنوياً.

وفي ملاحظات للمستثمرين، أشارت شركة «تي دي كووين» إلى أن قدرة تسلا على إنتاج سيارات «سايبركاب» بدون دواسات أو عجلة قيادة قد تكون «محدودة» بالنظر إلى الحد الأقصى الذي فرضته الإدارة الوطنية للسلامة المرورية على الطرق السريعة سابقاً.

وتنص مذكرة تي دي كووين إلى أن النهج التكنولوجي لتسلا قد لا يتوافق مع معايير السلامة. وبينما تعتمد «وايمو» و«كروز» على تقنية «ليدار» للاستشعار عن بعد.

تفضل تسلا استخدام الكاميرات والتعلم الآلي، معتبرة أنها التكنولوجيا الأفضل والأقل تكلفة. وترى «تي دي كووين» أن رفض «تسلا» اعتماد «ليدار» قد يشكل «عائقاً تنظيمياً على المدى الطويل» ومن المحتمل أن يزيد من تكلفة السيارة إذا طلبت الإدارة الوطنية لسلامة المرور من تسلا اعتماد هذه التقنية.

-التكلفة: لقد قال ماسك إن سعر سيارة «سايبركاب» سيبلغ نحو 30 ألف دولار، وهو نفس سعر موديل 3 وموديل «واي» الأرخص تقريباً، لكنه أضاف أن السيارة لن تحتوي على منفذ شحن، بل ستستخدم الشحن الاستقرائي، وهي تقنية لا تمتلك تسلا البنية التحتية اللازمة لها حالياً، مما سيزيد من تكلفة الطرح.

كما قال إن تكلفة تشغيل «سايبركاب» ستكون نحو 0.20 دولار لكل ميل، بينما سيتم تحصيل نحو 0.40 دولار لكل ميل من الركاب، فيما متوسط التكلفة الحالية لامتلاك وتشغيل سيارة في الولايات المتحدة يبلغ نحو 0.81 دولار لكل ميل، وبالتالي فإن تكلفة تشغيل «سايبركاب» تبدو منخفضة جداً. وبالتأكيد، يجب على «تسلا» إظهار تخفيضات كبيرة في التكلفة.

عموماً، فإن «تسلا» تواجه العديد من التحديات في مجال السيارات ذاتية القيادة، سواء من حيث التنظيم أو التكنولوجيا أو التكلفة. ولا ندعي معرفة ما إذا كانت «تسلا» ستفوز في السباق لتشغيل الأساطيل ذاتية القيادة، وكما أظهر إنجاز «سبيس إكس» في التقاط صواريخ الدفع العائدة، فإن شركات ماسك غالباً ما يمكنها تحقيق أشياء كانت تعتبر في السابق مستحيلة.

وفي حين أن العقبات تبدو كبيرة وأن شركة تسلا قد تكون متأخرة عن المنافسين، إلا أن بعض المحللين يرون في ذلك نقاط قوة. وعلى سبيل المثال، قال إيديسون يو من دويتشه بنك إن «تسلا» قد تحتاج إلى رفع سعر «سايبركاب» وإضافة ليدار على المدى القصير.

ولكن تقنيتها القائمة على الكاميرات تمثل ميزة طويلة الأجل. وأوضح أن «وايمو» استغرقت وقتاً طويلاً للتوسع لأنها رغم امتلاكها بعض القدرات في الذكاء الاصطناعي، يجب أن ترسم خرائط لمدن بأكملها وتكتب التعليمات البرمجية لحالات القيادة.

وهذا صعب مقارنة بتشغيل البيانات من خلال نموذج «الصندوق الأسود» كما تفعل تسلا. وأشار إلى أن النجاح النهائي سيعتمد على من يستطيع التوسع بشكل أسرع. ويرى أن التوسع في البرمجيات، مثل تسلا، هو النهج الأكثر كفاءة وربحاً.

وتمتلك «تسلا» بالفعل الكثير من بيانات التدريب من وظيفة القيادة شبه الذاتية، وبمجرد تشغيل القيادة الذاتية الكاملة وإنتاج «سايبركاب»، قد تثبت تسلا أنها الخيار الأكثر أماناً وتستحوذ بسرعة على حصة السوق.

وقد انخفض إجمالي تقديرات وول ستريت لإيرادات تسلا في عام 2029 بمقدار 10 مليارات دولار منذ مقالنا السابق في يوليو، وعلى الرغم من أننا لن نحصل على تقديرات جديدة بناءً على حدث الأسبوع الماضي لفترة من الوقت، إلا أن بعض المستثمرين يعتقدون أنه لن يكون هناك تأثير حقيقي، حيث لم يفترضوا بالفعل أن «تسلا» ستقوم بتشغيل أسطولها في السنوات القليلة المقبلة.

وقال توم نارايان من «بي آر سي كابيتال ماركتس»: «عام 2030 لن يكون عاماً حاسماً عندما نتحدث عن أساطيل سيارات الأجرة الذاتية، لقد كان مخيباً للآمال عدم الحصول على أرقام ملموسة خلال حدث الأسبوع الماضي، لكننا لم نضع أوبتيموس أو سيارات الأجرة الذاتية في توقعاتنا للإيرادات خلال العامين المقبلين على أية حال».