جيليان تيت
هل يمكن أن يصبح دواء إنقاص الوزن سلاح حرب؟ ربما بدا مثل هذا السؤال سخيفاً في السابق، لكنه لم يعد كذلك الآن.
ففي وقت سابق من العام الجاري، عندما عرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب شراء غرينلاند من الدنمارك، انتشرت شائعات على الإنترنت، مفادها أن الحكومة الدنماركية قد تشجع شركة نوفو نورديسك، الشركة الدنماركية التي تنتج دواءي أوزيمبيك وويغوفي لعلاج السكري وإنقاص الوزن، على الرد برفع أسعارهما بنسبة 500 % للعملاء الأمريكيين.
كانت هذه مجرد خدعة، لكن مؤخراً، حذّر لارس فرورغارد يورغنسن، الرئيس التنفيذي للشركة، من أن حرب ترامب التجارية قد تؤدي إلى «زيادة أسعار» الأدوية.
ومن الأفكار التي تتداولها إدارة ترامب، أن الأدوية قد تكون ورقة مساومة في المفاوضات المستقبلية مع الدنمارك، ربما من خلال الضغط من أجل استحواذ أمريكي.
وعلى أية حال، فإن العديد من الناخبين الأمريكيين «يهتمون بأوزيمبيك»، كما أخبرني أحد المراقبين، مشيراً إلى أن تكتيكاً آخر محتملاً من جانب الولايات المتحدة، قد يتمثل في المطالبة برفع قيمة الكرونة، للحفاظ على ارتباط الدنمارك بالتمويل القائم على الدولار.
هل سيحدث هذا فعلاً؟ أجد صعوبة في تصديق ذلك، كما أن هناك عوامل كثيرة قد تُعيق ترامب. لكن في غضون ذلك، ينبغي على المستثمرين الذين يُحللون العالم، الانتباه إلى أربع نقاط مهمة.
أولاً: كما أشار إيلون ماسك منذ أيام، فإن ما يُسمى «نافذة أوفرتون» - أو إطار الأفكار السياسية - يتسع بسرعة، ولا شيء مستبعد.
ثانياً، يُريد فريق ترامب توسيع نفوذه التفاوضي من خلال مزج القضايا الاقتصادية والمالية والتجارية والتقنية والأمن القومي بطريقة غريبة على أي شخص تدرب في برنامج ماجستير إدارة أعمال من القرن العشرين - أو حتى في الاقتصاد.
ثالثاً، لدى بعض مستشاري ترامب رؤية ذهنية للتنافس بين القوى العظمى، تبدو مألوفة بشكل غريب لدارسي تاريخ آسيا الوسطى. ونوك، عاصمة غرينلاند، هي هنا نسخة القرن الحادي والعشرين من سمرقند أو كابول - وأوزيمبيك أقرب ما يكون إلى الزعفران.
وهذا يُفسر تركيز ترامب على الشمال المتجمد، بمعادنه وطرق عبوره المستقبلية، وحدوده الطويلة مع روسيا. وكذلك تذبذبه تجاه حلف الناتو. وكما أشار المدون كورتيس يارفين، المعروف بأفكاره «التنويرية المظلمة»، في نداء وجهه مؤخراً إلى ترامب:
«يجب ألا نرث افتراضات السياسة الخارجية الأمريكية من عصر «الأمن القومي»، كما لا ينبغي أن نرث المنظمات التي تُنفذ هذه السياسة الخارجية من القرن العشرين».
ويُعتبر يارفين متطرفاً ومعادياً للديمقراطية لدى العديد من المراقبين الرئيسين. لكن يُقال إنه أثّر في شخصيات مثل جيه دي فانس نائب الرئيس ترامب؛ لذا فهو يستحق القراءة، ليس أقلها، لأنه قال أيضاً إنه «كلما زادت القوة التي تستخدمها، زادت القوة التي تمتلكها، عليك الاستمرار في استخدام القوة، وإلا ستفقدها».
وهذا يُسلط الضوء على نقطة رابعة: مؤسسات مثل حلف الناتو، ودول أصغر، تبدو فجأة ضعيفة. ما عليك سوى استحضار الإذلال الأخير لفولوديمير زيلينسكي، رئيس أوكرانيا، في المكتب البيضاوي. قد يكون ذلك نموذجاً لكيفية تصاعد التنمر.
لكن هل بمقدور هؤلاء المهددين الرد؟ هذا الأسبوع، أصر ينس ستولتنبرغ الرئيس السابق لحلف الناتو، وميته فريدريكسن رئيسة وزراء الدنمارك، على أنهما قادران على ذلك.
وفي الدبلوماسية، عليك قضاء معظم وقتك مع من تختلف معهم، حسبما قال ستولتنبرغ، عقب إصدار فيلم وثائقي عنه بعنوان «مواجهة الحرب».
وأضاف: «علينا أن نكون مستعدين لاحتمالية أن تُقلص أمريكا وجودها في أوروبا». أو كما رددت فريدريكسن: «الدبلوماسية تتعلق بالسياسة والقيم، لذا إذا حدث أمرٌ مشابه «للحادثة» في المكتب البيضاوي، فعليك العودة إلى الوراء ومواصلة العمل».
لكن مشكلة الناتو تكمن في أن نفوذه يعتمد على العقلية، بقدر ما يعتمد على المعدات العسكرية، ما يعني أن قوته الرادعة ستنهار في حال وجود انقسام.
أما إذا أخذ البيت الأبيض بنصيحة يارفين، فقد يتفاقم التنمر، ويوجه ليس فقط نحو الدنمارك، بل أيضاً نحو دول مثل كندا، التي تقع جغرافياً (ربما لسوء الحظ) بين أمريكا والشمال المتجمد.
في الواقع، قيل لي إن مستشاري ترامب يدرسون التركيز على الدولار الكندي (وكذلك الكرونة الدنماركية)، كهدف لإعادة التقييم.
لذا ينبغي على مستثمري نوفو نورديسك مراقبة الوضع عن كثب. وقد ينضم الكثيرون أيضاً إلى الدبلوماسيين الغربيين في الدعاء، كما قال أحدهم «بأن يكون هناك تغيير في انتخابات التجديد النصفي الأمريكية».
وإذا كنتم ترغبون في بعض الراحة المؤقتة في الوقت الحالي، فقد وقّع ما يقرب من 300 ألف دنماركي هذا الأسبوع، عريضة بعنوان «لنشترِ كاليفورنيا من ترامب - مغامرة الدنمارك الكبرى القادمة».
هو ذا يستدعي إنشاء صندوق بقيمة تريليون دولار لجلب «الراحة إلى هوليوود»، و«مسارات الدراجات إلى بيفرلي هيلز»، ووضع خوذة فايكنج على رأس ميكي ماوس في.. مزحة؟ أجل.
لكن الناخبين الغربيين - والمستثمرين - يواجهون مستوى من التقلبات الجيوسياسية لم يشهدوها في حياتهم من قبل، حيث يزداد اختلاط الحقائق بالخيال الجامح يوماً بعد يوم.