جيمس فونتانيلا خان - أميليا بولارد - جو ميلر (من واشنطن) - وسوجيت إنداب
تتسابق أقوى شركات المحاماة الأمريكية على حماية أعمالها من غضب دونالد ترامب، بعد تقويض محاولات حشد صفوف القطاع للقتال في تناغم، بعد استسلام شركة «بول فايس» للمحاماة.
وسارع قادة هذه الشركات مساعيهم لطمأنة عملائهم أن عداء البيت الأبيض لن يعيق قدرتهم على تمثيلهم بكفاءة. وقال أحد كبار المحامين، ممن تحدثوا لشركاء بارزين في شركات عدة، إن شركات المحاماة بكل أحجامها، تعيش حالة من «الرعب القاتل»، خوفاً من أن تكون الهدف التالي.
وقال محامٍ بارز في وول ستريت: «أصبح لزاماً على الجميع الاستعانة بمستشار قانوني خارجي، للتعامل بشأن ذلك، وإصدار بيان علاقات عامة توضيحي. إنها حالة من القلق الحقيقي، تسود الأوساط القانونية».
خلال الأسابيع القليلة الماضية، أصدر ترامب أوامر تنفيذية، استهدفت شركات المحاماة «بيركنز كوي» و«بول وايس»، إلى جانب توجيه ضد شركة «كوفينغتون آند بيرلينغ»، التي تتخذ من واشنطن مقراً لها.
وقد صدرت هذه الأوامر للوكالات الفدرالية، بسحب التصاريح الأمنية، وإنهاء العقود الحكومية مع تلك الشركات، ومع الشركات التي تتعامل معها.
ورغم أن «بول وايس» تدير صفقات كبرى، وتتعامل مع قضايا تقاضٍ معقدة، إلا أنها تمتلك تاريخاً حافلاً بدعم القضايا التقدمية. كما أن شركاءها يضمون عدداً من المسؤولين الديمقراطيين السابقين.
فضلاً عن كونها جهة رئيسة لجمع التبرعات لصالح المرشحين الديمقراطيين للرئاسة، حيث جمعت أكثر من مليون دولار لكمالا هاريس واللجنة الوطنية الديمقراطية، العام الماضي.
وقد رضخت الشركة لمطالب ترامب الأسبوع الماضي، وأكد رئيسها، براد كارب، أن بقاء «بول وايس» كان على المحك. في المقابل، لا تزال «بيركنز كوي»، الأصغر حجماً، تخوض معركة قضائية ضد القرار الصادر بحقها.
وانتشر الخوف في الأيام الأخيرة، من احتمال صدور المزيد من الأوامر التنفيذية، التي تستهدف مكاتب المحاماة، خاصة المرتبطة بخصوم ترامب القانونيين السابقين.
وهاجم إيلون ماسك، أحد أقرب حلفاء دونالد ترامب، شركة المحاماة «سكادن آربس»، التي تتخذ من نيويورك مقراً لها، في منشور على منصة «إكس»، مساء الأحد، بسبب توليها قضية مجانية ضد الناشط اليميني المتشدد، دينيش دسوزا، ما عزز التكهنات بأن الشركة قد تكون الهدف التالي لإجراءات الإدارة الأمريكية.
وأعرب محامون في «ويلمرهيل»، التي تضم قائمة شركائها روبرت مولر، المستشار الخاص الذي قاد التحقيق في التدخل الروسي بانتخابات 2016، وتمثل مفتشين عموم في الحكومة أقالهم ترامب، عن مخاوفهم من أن يصبحوا أيضاً هدفاً.
رغم ذلك، عملت الشركة على إعداد مرشحي ترامب لجلسات مجلس الشيوخ للمصادقة على تعيينهم، كما مثلت قضايا ضد إدارات ديمقراطية.
ولم يرد ممثلو «سكادن» على طلب للتعليق، فيما امتنعت «ويلمر» عن الإدلاء بأي تصريح. وخلال حديثه في البيت الأبيض، يوم الاثنين، قال ترامب، إن هناك «آخرين يرغبون أيضاً في التوصل إلى تسوية»، مضيفاً أن «أكبر الشركات... عادت جميعها، وأدركت أنها ارتكبت خطأً».
وأكد أن مكاتب المحاماة «عليها أن تتصرف بشكل لائق». وتم التواصل مع أكثر من 30 محامياً في الشركات الكبرى، وأفراد على صلة بالمجتمع القانوني، لإعداد هذا التقرير، إلا أن نحو 12 فقط وافقوا على التحدث، بشرط عدم كشف هويتهم، خوفاً من انتقام الرئيس وحلفائه.
وواجه براد كارب رئيس شركة «بول وايس»، انتقادات شديدة من داخل شركته وخريجيها، فضلاً عن القطاع القانوني الأوسع، بسبب قراره بالتسوية، وسط مخاوف من أن يشجع ذلك ترامب على استهداف شركات محاماة أخرى، ما قد يهدد النظام القانوني الأمريكي برمته.
ووقّع أكثر من 100 موظف سابق في «بول وايس»، رسالة احتجاج موجهة إلى كارب يوم الاثنين، يعبّرون فيها عن رفضهم للاتفاق. كما وجّه بعض نظراء كارب في شركات قانونية أخرى، انتقادات لاستسلامه.
مشيرين إلى أنه بصفته قائداً مخضرماً لأحد أرقى مكاتب المحاماة في البلاد، كان في وضع أفضل من غيره، لحشد المحامين ضد تجاوزات الإدارة. من جهة أخرى، شكك البعض في ادعاء كارب في رسالة إلكترونية، يوم الأحد، بأن «الأمر التنفيذي كان يمكن أن يدمر شركتنا بسهولة».
وأشار عديد من العاملين في «بول وايس»، وشركات منافسة، إلى أن هجمات ترامب الواسعة النطاق، تعني أن خيارات العملاء للانتقال إلى مكاتب أخرى، كانت محدودة، كما أن القطاع القانوني يتحرك ببطء شديد، بحيث لا تكون شركة كارب في خطر فوري.
دافع عدد من كبار المحامين عن براد كارب، مشيرين إلى أن مخاطر خسارة العملاء كانت حقيقية، إذ تسعى معظم الشركات الكبرى إلى تجنب إثارة غضب ترامب.
ووفقاً للأمر التنفيذي، كان من المحتمل أن يفقد عملاء «بول وايس» عقودهم الحكومية، ما يهدد استقرار الشركة، التي حققت إيرادات بلغت 2.6 مليار دولار العام الماضي، وتشمل قائمة عملائها «جولدمان ساكس»، و«أبولو جلوبال مانجمنت»، و«إكسون»، و«دوري كرة القدم الوطني».
وقال أحد كبار المحامين في شركة منافسة: «براد كارب هو كبش الفداء، لكن في المجمل، كانت الصفقة جيدة».
وأضاف: «ترامب طلب منه تنفيذ أعمال قانونية مجانية بقيمة 40 مليون دولار، تتعلق بمكافحة معاداة السامية، وهو أمر مختلف عن محاولة إخراج مشاغبين من السجن... الأمر يتعلق أكثر بالإذلال الذي تعرض له براد، عندما اضطر للركوع وتقبيل الخاتم».
وقال محامٍ في شركة منافسة أخرى، إن كارب حاول بناء تحالف من الشركات القانونية، لمواجهة الأمر التنفيذي، لكن الآخرين كانوا مترددين في تقديم الدعم.
وأوضح المصدر: «عندما تلقى براد الأمر التنفيذي، كان هناك تحرك لجمع توقيعات على عريضة أو تقديم مذكرة، مع مشاركة الجميع. لكن سرعان ما بدأ الجميع يسأل: من أيضاً سيوقع؟، ولم يكن أحد مستعداً للقيام بذلك، فاضطر براد للمضي قدماً بمفرده، وعقد صفقة».
وأشار مصدر آخر مطلع على هذه الجهود، إلى أن «حفنة قليلة فقط» من مكاتب المحاماة وافقت في النهاية على وضع أسمائها على مذكرة مشتركة.